مقالات

في أعناق الجميع… فاضل المغسل.. شاعرُ الثورة المغيّب خلف القضبان

“أيها الشيخ الجريح”.. هكذا رثا المعتقل في السجون السعودية فاضل المغسل شيخ المجاهدين الشهيد نمر باقر النمر، قبل أن يعلم أن ثمن هذه الكلمات الحرّة وغيرها مما صدّحت به جنجرته سيكون حريته وستقوده إلى سجون آل سعود التي تكتظُّ بالأحرار الثائرين الذين اعتقلوا ظلماً نتيجة سياسات النظام الجائرة.

فاضل المغسل، هو ابن جزيرة تاروت في منطقة القطيف شرقي البلاد، عمل مدرّساً لمادة الكيمياء، وهو شاعرٌ موهوب، تميّز شعره بجمال اللغة وفرادة الألفاظ والمعاني. وظّف شعره في مختلف القضايا السياسية والدينية والثقافية، وانبرى للدفاع عن المقاومين الأحرار وهجاء قوى الإستكبار العالمي، وكل من لفّ لفيفها. اشتهرت قصائده بتمجيد المقاومة الإسلامية في لبنان لمقارعتها الإحتلال الإسرائيلي، وانتصارها عليه، كما دافع أيضاً بقصائده عن القضية الفلسطينية.

شقيق المعارض المختطف أحمد المغسل (أبو عمران)، اعتقل من قبل السلطات السعودية أثناء دوامه في مدرسة الجناح بتاروت، خلال فترة اختبارات نهاية الفصل الدراسي الأول، صباح الثاني من يناير 2018. حينها كان المغسل بين تلامذته، يرشدهم ويعلمهم مادة الكيمياء التي أحبّها ومارسها بشغفٍ وإتقانٍ، وإذ بالقوات السعودية تنقضُّ عليه، وتقتحم قاعة الإختبارات، لتعتقله على الفور وسط صدمة وذهول بين التلامذة، وكافة المعلمين الذين عرفوه بتواضعه الشديد مع الصغار والكبار، وخبروا حسن أخلاقه في تواصله مع أبناء مجتمعه، وعاينوا مشاركاته الفاعلة في الأنشطة الإجتماعية والثقافية.

في مسارٍ موازٍ شنّت السلطات السعودية عبر حسابات إلكترونية تابعة لها، حملة على المغسل محرّضةً على سجنه ومحاكمته على خلفية قصائده وصلة القرابة مع أبو عمران. وهي سياسة دأبت أجهزة الأمن السعودية على ممارستها حيال النشطاء وذوي الرأي عندما تعتقل أحد منهم، حتى لا تتحول قضاياهم إلى قضايا رأي عام، وتعزل بينهم وبين بقية أبناء المجتمع. 

عقب اعتقاله، حاولت عائلته التواصل مع الجهات الرسمية في البلاد لمعرفة مكان سجنه ومعرفة أسباب اعتقاله ومصيره والسماح لهم بزيارته إلا أن جميع طلباتهم قوبلت بالرفض. مع الإشارة إلى أن الإخفاء القسري الذي تعرّض له الشاعر الكبير يثير المخاوف حول تدهور صحته في الوقت الذي يعاني فيه المعتقلين بالسجون السعودية سيئة السمعة نتيجة انتهاج التعذيب الوحشي والإهمال الصحي ما يؤدي إلى وفاة الكثير من المعتقلين.

هو شقيق المعارض المختطف من مطار بيروت الدولي في لبنان أحمد المغسل الذي تتهمه السلطات بتفجيرات الخبر ما يثير المخاوف من استخدامه كأداة ضغط لانتزاع اعترافات منه أو من شقيقه تحت التهديد والترهيب والتعذيب النفسي والجسدي لهما. اختطف أحمد عبر تنسيق بين المخابرات السعودية وأجهزة أمنية تابعة لتيار المستقبل اللبناني، من مطار بيروت الدولي عام 2015، وهو  الآخر لا يزال مصيره مجهولاً بعدما جرى نقله إلى الرياض التي تتهمه بقيادة ”حزب الله السعودي” والضلوع في تفجيرات المبنى السكني بمدينة الخبر السعودية عام 1996، والذي كان مقراً سكنياً للقوات الأمريكية، أدى تفجيره إلى مقتل 19 جندياً أمريكياً وإصابة 372 من جنسيات مختلفة.

ورغم أن أحمد نفى خلال التحقيقات معه، ما تم اتهامه به وفق ما نقلت صحيفة “نيويورك تايمز”، ورغم أنه ليس هناك أي أدلة حقيقية تدينه، لا تزال السلطات السعودة تعتقله. المصادر ذكرت آنذاك أن أحمد المغسل أودع سجن الحائر سيء السمعة الذي يعتبر أكبر معتقل سياسي في البلاد ويقع على مسافة 30 كيلو جنوب العاصمة الرياض، ويضم آلاف من المعتقلين سواءً النشطاء السلميين، أو أولئك الذين ينتمون إلى جماعات متطرفة مثل “القاعدة” و “داعش”.

المشترك بين قضيّة أحمد وأخيه فاضل، أن الإثنين اعتقلا دون وجود تهم حقيقية لاعتقالهما، ففي حين أنه جرى تلفيق تهمة للأول، لم يتم توضيح أسباب اعتقال الثاني، ولا يزال مصير كلا الرجلين مجهولاً، فلا يعرف إذا ما كانت تمت محاكمتهم أم لا، ولا أماكن تواجهم في الوقت الحالي، ولا عدد السنوات التي سيقضونها في السجن، وهذا من أسوأ الأساليب التي تستخدمها السلطات السعودية لتعذيب المعتقلين وذويهم، لا تقل فداحةً عن التعذيب الجسدي واللفظي الذي يتعرض له النشطاء داخل السجن. 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى