مقالات

ست عجاف على “إعادة الأمل”.. تدمير اليمن بآلة الحرب السعودية

دخل اليمن عاماً سابعا من الصمود والبأس والمقاومة، عام سابع بما يحمل لليمنيين من تفاصيل تقابلها انكسارات وانهيارات وضربات متلاحقة تنهش ببلدان التحالف العدواني بقيادة “السعودية”، ولعل الأخيرة أكثر الدول تأزما وانكسارا وانهيارا على مختلف الأصعدة.

منذ أن بدأ العدوان على اليمن  في مارس 2015م، لم ترتكز الرياض على أسس واضحة بل لم تألف تقبلها للواقع الحقيقي الذي تتكبده من خسائر، على الرغم من انهيار ما أسمته بعملية “عاصفة الحزم”، التي اختارت لها توقيت محدد وقالت إنها تحتاج لساعات كي تسترد ما زعمت أنه “شرعية” في اليمن، وأنها ستقضي على “أنصار الله”، ولكن هذه الساعات حالت عدة سنوات، ورغم ذلك لم تتقبل الرياض الحقيقة واستمرت بقيادة وزير الدفاع حينها ولي العهد محمد بن سلمان بالإصرار على استكمال العدوان، وكي تعيد لنفسها بعضا من ماء الوجه، أعلنت تحت عنوان “إعادة الأمل” عن عملية جديدة تلتحق بركب “عاصفة الحزم”، فكانت عملية أخرى تلحق بها الدماء ولا تؤتي القليلة من أهدافها البرّاقة.

في 21 أبريل 2015م، أعلن عن “إعادة الأمل” بعد انتهاء “عاصفة الحزم” التي لم تحزم أمراً، وقالت حينها قيادة التحالف إن العملية انطلقت استجابة لطلب الرئيس اليمني المنتهية ولايته عبد ربه  منصور هادي، وكان البيان يحمل جملة من الادعاءات والمزاعم ليس أقلها أن العملية السابقة “أنجزت اهدافها وفق الخطط الموضوعة في وقت قياسي، وقد شملت تحييد معظم القدرات العسكرية التي استولى عليها الحوثيون، إضافة إلى السيطرة على الأجواء والمياه الإقليمية لمنع وصول الأسلحة  إلى أنصار الله، والمحافظة على السلطة الشرعية وتأمينها وتهيئة البيئة المناسبة لممارسة مهامها”، كما زعمت أن “التحالف ساند الموقف الإنساني داخل اليمن وساعد في إخلاء الرعايا الأجانب وتسهيل مهمة الكوادر الطبية التطوعية وتقديم الإغاثة العاجلة لمختلف المناطق خاصة تلك التي تشهد اشتباكات مسلحة”.

جملة من الادعاءات التي جاءت في بيان التحالف لعملية “إعادة الأمل”، أمل لا شك أن فقدته الرياض وحلفائها بعد ست سنوات صمود يمني أمام آلة القتل والإجرام اللتين لم تكسران أبناء اليمن صغارا وكباراً شيبا وشبانا ونساء ورجالا وأطفالا، بل زادتهم تمسكا بأرضهم لتحقيق انتصارات متلاحقة تنسف بجوهرها المزاعم العدوانية المتتالية.

من يطلع على أهداف “إعادة الأمل” التي أعلنها التحالف بقيادة “ السعودية”. من القاعدة الجوية في الرياض، خرج المتحدث العسكري باسم قوات التحالف _ حينها_ العميد أحمد العسيري ليعلن انتهاء عملية “عاصفة الحزم” وإطلاق عملية “إعادة الأمل”،  زاعماً بأن البدء بالأخيرة ليس سوى “مزيج من العمل السياسي الدبلوماسي والعمل العسكري”، وحينها، قال إن “قوات التحالف ستستمر في استهداف تحركات “أنصار الله” إذا تطلب الأمر ذلك، لما ادعاءه بأنه العمل على منعها من الإضرار  
بالمواطنين أو تغير الواقع على الأرض”.

وتحت شعار حماية المدنيين اليمنيين هلّل عسيري لإطلاق العملية المزعومة التي تهشمت على أبواب  صنعاء، غير أن الرياض وأدواتها منذ عام 2015 وحتى 2021، ترفض تقبل فكرة الهزيمة المدوية لها في اليمن وتواصل عملياتها العدوانية ضد المدنيين الذين يكابدون المجازر وويلاتها.

 وما بين مارس وأبريل 2015، شهر من الأيام التي لم تتمكن خلالها السلطة السعودية من تحقيق أي من أهدافها، بل توقفت إنجازاتها عند حدود المجازر، التي بدت خلالها “السعودية ” عازمة على المضي في عدوانها على اليمن، بلا هدى، وراحت الغارات الجوية تفقد يوماً بعد يوم أي فعالية، سوى المزيد من المجازر، التي أبرزت إخفاقا عسكريا انعكس في أبهى تجلياته بالأرقام الموثقة للمجازر الإنسانية ونتائجها، في حين أصرّت الرياض على اللهاث نحو تحقيق  إنجاز عسكري يصعب عليها حتى اليوم، بعد نحو سبع سنوات من العدوان بمرحلتيه “الحزم والأمل”.

لعل اللهاث السعودي المستمر وراء إنجاز عسكري على أرض اليمن، التي تعرف بأنها مستنقع يغرق في وحله كل معتدٍ غاشم، يبدو أن ترجمة مفاعيله تتبلور بالأرقام التي حققتها المجازر في الأيام الأولى للعمليات، حيث أسرفت الرياض بعملياتها العسكرية ضد المدنيين وارتكبت مجازر بالحملة، فما كان بين العمليتين من أرقام كان كفيل بمزيد من الادعاءات والمزاعم، إذ كانت أولى الأرقام خلال أقل من شهر من الإجرام الرسمي الممهور بحماية دولية من الولايات المتحدة الأميركية ومساندة المجتمع الدولي أن أوقع ”3949 شهيدا وجريحا، وخلف  عشرات آلاف المشردين، كما جرى تدمير مقومات الدولة اليمنية وبنيتها التحتية”، وشن التحالف حينها أكثر من 2415 غارة، وفقاً للمتحدّث باسمه أحمد عسيري، هذه الغارات تمكنت من حصد أرواح 944 شخصا، وجرح 3500، في حصيلة غير نهائية لمنظمة الصحة العالمية، نهاية أبريل 2015.

ومن المؤكد أن الأيام الأولى للعمليات العدوانية كانت كفيلة بإرساء القواعد الحتمية لإعلام الرياض بأنها لن تتمكن من تحقيق غاياتها باغتيال قادة “أنصار الله” وتفكيك القوة اليمنية، بل على العكس من ذلك، أفرز عدوانها خلق أرضية لمزيد من الكراهية والعدوانية “للسعودية” التي لم تتمكن من إخراج اليمنيين من أي شبر من أرضهم كما حفلت في ساعات إعلامها أنها تنوي “تحرير” الأرض، لكن التحرير يأبى أن يكون من أصحاب الأرض وأبنائها.

بعد أعوام ستة انتهت، والدخول بعام سابع من إعادة الأمل المزعوم، تتكشف حقيقة العدوان بكل تفاصيله، فأي أمل أُعيد لأصحاب الأرض سوى الدمار الذي لحق بالبشر والحجر، البنى التحتية لليمن دمّرت وهشّمت وانعدمت بفعل الغارات، تقطّعت أوصال المدن، الجسور هدّمت، المباني الرسمية والحكومية، المستشفيات والطواقم الطبية استهدفت، المزارع لم تسلم، البيوت سويت بالأرض، مشاهد تحكي فصول الانتقام المنهج من أرض وشعب وليس حملات وتحالفات لإعادة الأمل المزعوم لحكومة ادعت الشرعية، وتسلم زمازمها تحالف قادته الرياض ولم تفلح إلا بتدمير البلاد وتحقيق خسائر اقتصادية وانسانية وعسكرية لها قبل البلد المعتدى عليه، وهاهي اليوم تجني ما كُّبّدت من خسائر في شتى ميادينها، ليبقى السؤال مع تمسكها بالشعارات المطلقة لحملاتها عن أي أمل تبحث مملكة آل سعود على أعتاب اليمن؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى