تقارير متفرقة

الإنتربول: أداة حكام الخليج الجديدة في تصفية المعارضين

أثار إعلان وزارة الداخلية البحرينية إلقاء القبض على الناشط السياسي أحمد جعفر علي الذي سبق أن تقدّم لدولة صربيا للحصول على حق اللجوء السياسي، تساؤلات عدة عن حقيقة حماية الدول الغربية للمعارضين السياسيين المهددين بالاعتقال والتعذيب في بلادهم.

أتى ذلك بالتنسيق مع السلطات الإماراتية وبالتعاون مع الانتربول، بعد أن نُقل على متن طائرة إماراتية خاصة مملوكة لأحد أفراد الأسرة الحاكمة.

يشار إلى أن هذه الواقعة التي تعد “سابقة” في تاريخ الإنتربول جاءت بعد انتخاب الإماراتي أحمد ناصر الريسي رئيساً للجهاز، وهي الخطوة التي لاحظها العديد من المدافعين عن حقوق الإنسان بقلق.

إذ أحدث انتخاب اللواء الإماراتي ضجة حقوقية، لجهة ما صدر من نداءات شملت جهات سياسية وحقوقية حذّرت من توليه هذا المنصب، خاصة أنه يواجه دعاوى قضائية عديدة تتهمه بالتعذيب، ومنها شكاوى في فرنسا حيث مقر المنظمة، وفي تركيا التي استضافت الجمعية العامة الـ89 للإنتربول، وكذلك في بريطانيا والسويد والنرويج.

إلى ذلك، قالت “هيومن رايتس ووتش” و”مركز الخليج لحقوق الإنسان” إن ترشيح الريسي لمنصب رئيس “الإنتربول” يدق ناقوس الخطر بشأن حقوق الإنسان، وقد يهدد الالتزامات الحقوقية لمنظمة الشرطة العالمية.

ونقلت المنظمة عن خالد إبراهيم، المدير التنفيذي لمركز الخليج لحقوق الإنسان، قوله: “اختيار اللواء الريسي رئيسا للإنتربول من شأنه أن يظهر أن الدول الأعضاء في المنظمة ليس لديها أي قلق على الإطلاق بشأن سجل الإمارات في اضطهاد المنتقدين السلميين.

ترشيحه هو محاولة أخرى من الإمارات لشراء الاحترام الدولي وتلميع سجلها الحقوقي المزري”.

يُذكر أنه في أكتوبر/تشرين الأول 2020، انضمت هيومن رايتس ووتش ومركز الخليج لحقوق الإنسان إلى أكثر من 12 منظمة دولية أخرى لحقوق الإنسان والمجتمع المدني في تسليم رسالة إلى الأمين العام للإنتربول يورغن ستوك للتعبير عن قلقها بشأن انتخاب الريسي المحتمل لرئاسة الإنتربول.

وأكدت المنظمة الدولية أنه منذ العام 2011، عندما بدأت السلطات الإماراتية هجومها المستمر طوال عقد على حرية التعبير وتكوين الجمعيات، وثّقت هيومن رايتس ووتش ومركز الخليج لحقوق الإنسان اتهامات عديدة عن وقوع انتهاكات خطيرة على أيدي قوات أمن الدولة، لا سيما ضد المنتقدين السلميين لسياسات الحكومة، حيث تشمل الانتهاكات الإخفاء القسري والتعذيب.

وكان قد وثق تقرير كتبه المدير السابق للنيابات العامة في المملكة المتحدة السير ديفيد كالفرت سميث المساهمات المالية الكبيرة للإمارات في الإنتربول منذ 2017.

ملخص ما كتبه: “لقد وجد هذا التقرير أدلة متسقة على أن الإمارات تسعى على نحو غير جائز إلى التأثير على الإنتربول من خلال التمويل والآليات الأخرى، ويخلص إلى أن الإمارات تسعى إلى ترسيخ نفوذها من خلال السعي إلى تأمين انتخاب اللواء الريسي رئيسا”.

وخلص كالفرت سميث إلى أن انتخاب الريسي “سيوجه رسالة إلى العالم مفادها أن الإنتربول ليس لديه سوى القليل من الاحترام لحقوق الإنسان أو لا يحترمها على الإطلاق وسيغض الطرف عن التعذيب والقمع”.

من جهته اعتبر جو ستورك، نائب مدير الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: “إذا اختار الإنتربول مجددا مسؤولا كبيرا من مؤسسة حكومية منتهِكة ليكون الرئيس، فإن الجهاز سيعرض مصداقيته للخطر كوكالة إنفاذ قانون دولية تحترم الحقوق”.

قضايا التعذيب إلى ذلك، قالت صحيفة “غارديان” إن مواطنين بريطانيين يتهمان اللواء الريسي بالإشراف شخصيا على تعذيبهما، أحدهما أكاديمي والآخر مشجع كرة القدم اعتقل في دبي بسبب ارتدائه قميص المنتخب القطري خلال بطولة كأس الأمم الآسيوية أوائل 2019.

وقبل انتخاب الريسي أيضا دعا مسؤولان محليان كبيران في فرنسا وزير الداخلية جيرالد دارمانان إلى “اليقظة” إزاء احتمال وصوله إلى رئاسة الإنتربول، إذ يقع المقر العام للمنظمة في مدينة ليون الفرنسية.

وفي رسالة مشتركة إلى الوزير، قال لوران ووكيه رئيس منطقة أوفيرن رون ألب، وبرونو برنار رئيس مدينة ليون إن الريسي تستهدفه دعوى تعذيب رفعها ضده مشتكون بريطانيون ومنظمة غير حكومية تمثل معارضا سياسيا رهن الاحتجاز في الإمارات حاليا.

وفي 11 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي كتب 3 نواب أوروبيين -بينهم رئيسة لجنة حقوق الإنسان في البرلمان الأوروبي ماري أرينا- في رسالة إلى رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين “نحن مقتنعون بشدة بأن انتخاب اللواء الريسي سيسيء إلى مهمة الإنتربول وسمعته، وسيؤثر بشكل كبير على قدرة المنظمة على أداء مهمتها بفعالية”.

وفي سياق متصل، وبحسب وسائل إعلام رسمية في البحرين، فإن رئيس المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان بمملكة البحرين، علي أحمد الدرازي، قد عقد اجتماعاً عبر الإنترنت، الأسبوع الماضي، مع أمين المظالم البرلماني الصربي، زوران باساليتش؛ لمناقشة “الموضوعات ذات الاهتمام المشترك وسبل تعزيز التعاون في مجال حقوق الإنسان” بين المؤسسات الصربية والبحرينية.

فيما علَّق سيد أحمد الوداعي، مدير معهد البحرين للحقوق والديمقراطية قائلاً، إنَّ الترحيل يعد أول واقعة من نوعها تتعلق بشخص بحريني منذ انتخاب الإماراتي أحمد ناصر الريسي رئيساً للإنتربول، وهي الخطوة التي لاحظها العديد من المدافعين عن حقوق الإنسان بقلق.

وقال الوداعي: “ما كنّا نخشاه هو إساءة استخدام سلطات الإنتربول، بعد انتخاب الريسي رئيساً له، ويمثل هذا بداية حقبة أكثر قتامة تحكمها الشرطة الاستبدادية”.

انتقادات متزايدة وأبرز تقرير لموقع “إنترسبت” الأميركي أنه رغم تأكيد المنظمة التزامها بالحياد السياسي وكون نظامها يلزمها بالعمل وفق الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، فإنها تعرضت لانتقادات متزايدة خلال السنوات الأخيرة بسبب استغلال نظامها من قبل بعض الدول الدكتاتورية حول العالم، خاصة ما يعرف بـ”النشرات الحمراء” التي تصدرها المنظمة لتحذير الدول الأعضاء بشأن المجرمين المطلوبين للعدالة، والتي أصبحت بعض الدول تستخدمها لاستهداف الناشطين والمعارضين السياسيين.

وقال الموقع إن الأصوات الداعية لالتزام منظمة الشرطة الدولية بالشفافية بشأن آليات الحماية التي تنتهجها المنظمة والمحذرة من انتهاك أنظمتها قد زادت مع اقتراب المؤتمر السنوي للمنظمة.

ويحذر مراقبون من أن غياب الشفافية وعدم وضع معايير بشأن من يحق له الترشح لرئاسة الإنتربول أمور تشير إلى وجود مشاكل أعمق داخل المنظمة.

ونقل موقع إنترسبت عن الناشط الحقوقي برونو مين، الذي يقود حملة لإصلاح الإنتربول في منظمة “فير ترايلز” (Fair Trials) الحقوقية القول إن “المشكلة لا تكمن في كون رئيس الإنتربول قد يكون من أحد البلدان الأكثر انتهاكا لحقوق الإنسان، بل في كون العملية (الانتخابية) برمتها غامضة”.

وقد طالب مراقبون منظمة الشرطة الدولية بحماية نظامها من إساءة الاستخدام في ظل الزيادة الكبيرة التي شهدتها مذكرات الاعتقال والنشرات الحمراء التي أصدرتها، والتي تتعارض مع التزاماتها تجاه حقوق الإنسان، بحسب تقرير الموقع.

كما دعا البعض الدول الأعضاء في الإنتربول للحيلولة دون تحولها إلى أداة بيد المستبدين ومنع مرشحي الدول الدكتاتورية من الوصول إلى المناصب المهمة في المنظمة.

وحذرت 19 منظمة حقوقية من انتخاب اللواء الإماراتي الريسي لرئاسة الشرطة الدولية، وذكّرت في رسالة مشتركة بسجل الإمارات السيئ في مجال حقوق الإنسان، بما في ذلك التعذيب الممنهج وسوء المعاملة في سجون الدولة”.

كما حذرت من أن انتخابه سيضر بسمعة الإنتربول ويتعارض مع روح الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمهمة الموكلة للمنظمة.

المصدر: موقع مرآة الجزيرة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى