تقارير متفرقة

الفقر يجتاح إحدى أغنى دول العالم.. وخيرات البلاد بين يدَي حكّامها

 بعد زيارةٍ له للسعودية في العام 2017، تحدّث المقرر الخاص للأمم المتحدة، المعني بالفقر المدقع وحقوق الإنسان، فيليب ألستون، عن مشاهداتٍ “صادمة”، مشيراً إلى أنه صادف ظروفاً معيشية “ستصيب المواطنين السعوديين بالصدمة” بعد جولته في محافظة جازان جنوب غرب المملكة، وهي من أشدّ المناطق فقراً.

اليوم في العام 2022، تبرز المشاهد “الصادمة” التي تحدث عنها ألستون، وتخرج إلى العلن على الرغم من المحاولات الحثيثة للتعتيم والتكتم من قبل النظام السعودي.

في العام 2018 حذّر البنك الدولي من خطورة ارتفاع نسب الفقر في السنوات المقبلة في السعودية، وذلك في تقريره “الآفاق الاقتصادية للسعودية”، لتشير التقديرات غير الرسمية اليوم إلى أن نسبة الفقر في السعودية بلغت 25%،  في حين تحاول السلطات السعودية التلاعب بالحقائق وإيهام الناس أن معدلات الفقر تنخفض في السنوات الأخيرة.

وكما ذكرت صحيفة “واشنطن بوست” في تقرير سابق لها: “الدولة السعودية تخفي الفقر بشكلٍ جيد”، فإن نظام آل سعود يبذل قصارى جهده لإخفاء حقيقة أن الفقر ينهش البلاد، بدلاً من أن يسعى لتحسين أوضاع الشعب وأحواله.

البعض يذهب للتبجّح والتباهي بأن السعودية تملك أدنى معدل فقر بين الدول العربية، وبغض النظر عن مدى صحة هذه المعلومة، فإن الحقيقة الكاملة هي أن السعودية أغنى دولة عربية ومن أغنى الدول عالمياً، وهي ثاني أكبر منتج للنفط في العالم حيث يبلغ متوسط إنتاجها اليومي نحو 10 ملايين برميل، ما يدرّ عليها عائداتٍ يوميةٍ ضخمة، هذا بالإضافة إلى المردود الذي ينتج عن موسم الحج وزيارات العمرة على مدار العام.

الآن تختلف النظرة نحو الحقائق إذاً، فدولةٌ لها واحدة من أكبر الميزانيات في المنطقة، وتسجّل حجم إيرادات ضخم، يجب أن تعيد النظر في حساباتها حين تتعدّى نسبة الفقر لديها الـ25%، لا سيما وأن ثمة ثروات هائلة يتمتع بها فقط ما نسبته 5% من الشعب، ممن يعيشون في غنى فاحش.

ففي حين تتلهّى السلطات بمشاريع خيالية وإنجازات وهمية مبنيّة على “رؤية” قاصرة، يرزح آلاف الأفراد تحت وطأة الفقر والحاجة، ويعانون بعيداً عن أضواء الإعلام المضلّل.

ذكر تقرير نشره “معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام”، أن ما أنفقته السعوديَّة على حربِ اليمن في عامٍ واحد يقدَّر بـ5.3 مليار دولار، فلم يكن أجدى أن تُنفق هذه الأموال على فقراء البلاد بدلاً من أن تُهدَر لقتل الأطفال وترويع الأبرياء؟ هذا ولم نأت على ذكر ما تنفقه السعودية من مبالغ خيالية في صفقات السلاح.

في اليوم العالمي للقضاء على الفقر، لا يبدو أن نظام آل سعود يفكّر جدياً بمواجهة الفقر والقضاء على مظاهره، وإن كان هذا ما يزعمه، فإن الحقيقة المخفيّة خلف نواياه المعلنة، تظهر واضحةً عند الشروع بتنفيذ مشاريعهم المزعومة. وليست عمليات الإخلاء القسري التي تعرّض لها أهالي عدد من أحياء جدة، إلا شاهداً واحداً وليس وحيداً على النوايا الحقيقية لآل سعود، فمن يهدم المنازل أمام أعين سكّانها مشرّداً إياهم وتاركاً أسَراً وعوائل بلا مأوى ولا سقف، لن يفلح يوماً أن يكون نصيراً للفقراء. 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى