تقارير متفرقةمقالات

النظام السعودي يحتفي بالـ”الخيال”.. والشعب يطالب بتحسين “الواقع”

عادةً، نلجأ للخيال في حالتين؛ حين لا يناسبنا الواقع، فنغرق في خيالٍ لا يُطال، أو حين نحقق في واقعنا كل ما نريد، فنفتح باباً نحو الخيال لنكتشف مباهج جديدة ونحقق إنجازاتٍ تضيف للواقع المثالي شيئاً من التميّز الإضافي.

في السعودية، البلاد التي تُشرَّدُ فيها اليوم مئات الأسر نتيجة عمليات الهدم والإخلاء القسري، ويعاني ما نسبته 25% من السكان فقراً مدقعاً، وتنهش البطالة فيها الشباب الجامعي ـ في هذه البلاد ـ انطلقت فعاليات “موسم الرياض” الترفيهي تحت شعار “فوق الخيال”.

اختار القيّمون على هذه الفعاليات شعاراً يتناسب مع الوضع السائد في السعودية، ليس لأن النظام “ختمَ” جميع التحسينات التي قد يقوم بها نظامٌ لخدمة شعبه، ولا لأن السلطات أغدقت على الشعب الخيرات وقدّست جميع الحريّات، بل لأنّ واقع السعودية مزرٍ لدرجة أن لا شيء قد يحسّن سمعتها سوى الخيال.

هكذا لجأت الجهات المعنية لإضفاء هذا الطابع “الخيالي” على الحدث، لتظهر صورة البلاد ناصعةً برّاقة، صورة لن يخطر للناظر إليها أن خلفها عشرات عمليات الإعدام الوحشية ومئات معتقلي ومعتقلات الرأي.

 

ويبدو أن ثمة شريحة واسعة من السعوديين ترى أن هذه الفعاليات المنفصلة عن الواقع ليست منطقية، فقد تعرّض “موسم الرياض” لانتقادات طالت أكثر من تفصيل خاص بالموسم.

الانتقادات بدأت مع ظهور الإعلان الترويجي للحفل، الذي يبدو أن كلفته تفوق “الخيال” أيضاً، نظراً لظهور عددٍ من النجوم العالميين، والذين بالتأكيد تقاضوا أجوراً عالية لقاء ظهورهم في الإعلان.

واستغرب أحد مستخدمي تويتر التعامل مع الإعلان والفعاليات على أنها إنجاز، واستخدم أسلوب التهكم مشيراً إلى أن مشاكل المواطن ما زالت على حالها ولم تُحلّ.

وانتقد آخر الفخر الذي يظهر على تركي آل شيخ أثناء انطلاق الفعاليات أيضاً، معتبراً أن تفاخر غير مبرر نظراً لأن الحدث لا يرقى لأن يكون إنجازاً فعلياً.

ونَشرَ أحد الناشطين مقطع مصوّر يظهر مشاهد من عمليات الهدم التي تقوم بها السلطات السعودية بالتزامن مع “إنجازات” موسم الرياض.

حسابٌ آخرسلّط الضوء على مشكلة البطالة التي تعاني منها السعودية، مذكّراً بوعود تأمين فرص عمل للمواطنين من خلال “موسم الرياض” عبر نشر مقطع مصوّر يظهر فيه شاب يحمل علّاقة أضواء ويدور حول نفسه بانكسارٍ بادٍ على محيّاه، ويعلّق الناشط على المقطع: “ألف مبروك وظائف موسم الرياض..”.

هكذا تروّج السلطات السعودية لواقعٍ ليس حقيقياً إلا في خيال حكّامها، بينما يعاني الشعب الحرمان والفقر والبطالة، وفي خياله أحلامٌ بغدٍ أفضل وفرجٍ قريب.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى