ريما آل سعود مع المرأة.. إلا حين تطالب بحقَها!
من يستمع لمقابلة ريما بنت بندر آل سعود، سفيرة السعودية في الولايات المتحدة، يظنّ أن السعودية هي المثال الأكمل للمدينة الفاضلة، والناس فيها بلغوا أتمّ درجات الرضى والامتنان لما فيها من رغد عيشٍ وسكنٍ وأمان.
من يتابع واقع السعودية، أو من يلقي نظرة استكشاف سريعة حتى، يُدرِك أن الحقيقة مختلفة تماماً، وأن الصورة الناصعة التي حاولت ريما آل سعود رسمها، ليست سوى محاولة لتزوير الواقع وتبييض المشهد، وهي صورة ليست موجودةً حتى في مخيّلتها هي والعائلة الحاكمة، لأنهم أعلم الناس بما يواجهه الشعب من ظلم واستبداد.
تقول ريما إن من ضمن الخطط المرسومة للسعودية ضمن “رؤية 2030″، أن تتحوّل السعودية إلى “أكبر دولة تعتمد على الطاقة المتجددة”، متفاخرةً بأنه قد تم إنفاق “مليارات الدولارات في استثمارات متعلقة بهذا الأمر”، دون أن تذكر أن هذه المليارات أهدِرَت بينما يعاني من الفقر المدقع ما يزيد عن 25% من السكان.
تَعتبر بنت بندر أن “هذا الإنجاز سيكون هدية للجيل الجديد”، بغض النظر عن مدى اهتمام السلطات بالجيل الجديد (يقبع عشرات القاصرين خلف القضبان بلا ذنب)، لكن إذا سلّمنا جدلاً أن هذه المليارات تُصرَف من أجل الشعب، فإنه من البديهي أن من لا يجد قوت يومه، يحتاج بالدرجة الأولى أن يعيش حياة كريمة ليتسنّ له التفكير بالطاقة المتجددة مثلاً.
“الجيل الجديد سيشكرنا ويقول: هذه هي احتياجاتنا” تقول ريما عن الخطط المزمع تنفيذها، ولم تنتبه إلى أن احتياجاتٍ كالطاقة المتجددة أو الوسائل الصديقة للبيئة تأتي بعد أولوياتٍ سابقة هي الأهم، ففي الحياة نظام أولويات لا يتغيّر، وفي سلّمه دائماً الأمان والعيش الكريم، ومن فقدَ الإثنين لن تنفعه المشاريع الخيالية.
ينكبّ النظام السعودي على تنفيذ خطط ومشاريع هي بالنسبة للمواطن لا تسمن ولا تغني من جوع، فالسجون متخمةٌ بمعتقلي ومعتقلات الرأي ممن لا ذنب لهم سوى أنهم طالبوا بحياة أفضل، ومئات الأسر أصبحت بلا مأوى نتيجة عمليات الهدم والإخلاء القسري، والفقر والبطالة ينتشران ويستفحلان، فما نفع المشاريع التي حتى نجاحها مشكوك في أمره؟
حين سُئِلت ريما عن قضيتي نورة القحطاني وسلمى الشهاب، كان جوابها جاهزاً: “القضيتان ما زالتا قيد الاستئناف ويُنظر في أمرهما”، مجاريةً استنكار المُحاوِرة للحكم باعتباره غير منطقي بتأييدٍ خجول ألحقته بعبارة: “النظام سيصحح نفسه إذا كان ذلك ضرورياً”.
وعلى الرغم من هذا الموقف غريب بما يخص قضيتي نورة وسلمى، تتباهى ريما بنت بندر بازدهار أحوال المرأة في السعودية، وتعتبر أن المطالبة بحق المرأة بالقيادة أو غيرها من الحقوق “ليس سوى تفكير سليم ومنطقي”، فلماذا إذاً سُجنت النساء اللواتي طالبنَ بحقوق المرأة؟ ولماذا ما زالت الحقوقيات خلف القضبان حتى بعد حصول الإصلاحات التي طالبن بها؟
يتعامل النظام السعودي مع الشعب كفئةٍ تجب عليها الإطاعة المطلقة ولا يحق لها الاعتراض أو المطالبة بحقوق بديهية. وطبعاً في الوقت الذي تحتكر فيه العائلة الحاكمة السلطة، لا يشارك الشعب في صناعة القرار، فحتى النساء اللواتي تباهَت بنت سلطان أنهنّ دخلنَ مجال العمل السياسي كلهنّ مقرّبات من العائلة الحاكمة، في حين اعتبرت أن قلة النساء العاملات في المجال السياسي “لا تعكس عدم مشاركة المرأة في المجتمع، لأنه هناك في السعودية طبيبات، مهندسات، عالمات آثار، وصاحبات مشاريع..”، فلماذا لا تشارك النساء المتعلمات والمثقفات في صناعة القرار إذاَ؟
لم تنجح ريما بنت بندر في إيهام المستمع أن الصورة التي رسمتها حقيقية، فالواقع كان وسيبقى دائماً أقوى من الأكاذيب والخيال، وأحقّ أن يُنظَر إليه ويُبنى عليه.