تقارير متفرقةمقالات

تهليل غربي للمناهج التعليمية في السعودية وخطاب الكراهية يتحول لأبناء الوطن

بتوجيهات ومتابعة من محمد بن سلمان تشهد مناهج التعليم في السعودية  تغييرات واسعة وجوهرية خصوصًا ما يتعلّق بالمفاهيم الإسلامية والتاريخية.

وعلى الرغم من كون تغيير مناهج التعليم وتحديثها أمرا ضروريا وملحا لمواكبة التطور والتقدم التكنولوجي، ومواكبة عملية التعليم العالمية.

غير أنه من غير الطبيعي أن تكون هناك جهات خارجية هي من تدفع سلطات النظام لتبديل المناهج بما يتوافق مع سياساتها ومصالحها. كما أنه من غير الطبيعي أن تحتوي تلك المناهج المحدثة على خطاب الكراهية ضد مكون أساسي من أبناء الوطن.

 

مناهج جديدة مليئة بالاضطهاد الديني

“هيومن رايتس ووتش” قالت إن السعودية أبقت في الكتب الحالية على اللغة المهينة للممارسات المرتبطة بالأقليات الدينية في البلاد.

وأضافت المنظمة أنه بين عامَي 2017 و2020، أجرت وزارة التربية العديد من التغييرات على النصوص استجابة لسنوات من الانتقادات من قبل السلطات الأمريكية، بما في ذلك مشروع قانون تم تعميمه في “الكونغرس” الأمريكي، والذي يطلب من وزير الخارجية تقديم تقرير سنوي إلى الكونغرس حول ما إذا كانت السعودية قد أزالت المحتوى “الغير المتسامح” من كتبها المدرسية.

مع ذلك، اقتصرت هذه التغييرات في الغالب على كيفية عرض الأديان أو الجماعات الأخرى في الكتب المدرسية، بما في ذلك إزالة ما يشير إلى رفض اليهود والمثليين، إضافة إلى إزالة اللغة العنيفة والمعادية للسامية، وفي نفس الوقت ، حافظت تلك المناهج على نصوص تنتقد بشدة الممارسات والتقاليد المرتبطة ارتباطا وثيقا بممارسات الطائفة الشيعية بعبارات عامة، وتصفها في كثير من الحالات بأنها دليل على الشرك، الذي يؤدي إلى الخروج من الإسلام وحلول لعنة أبدية على من يمارسونها.

 

انصياع تام للرغبات الغربية

يقول الباحث السعودي فهد الغفيلي إن ما جرى لمناهج التعليم في المملكة هو “تبديل” للمفاهيم والتوجهات وليست عملية “تعديل”.

وهذه المفاهيم تم وضعها لأهداف سياسية، ونفّذها محمد بن سلمان بتعليمات من جهات خارجية ساهمت من حيث يدري ولي العهد أو لايدري بتشويه الإسلام الصحيح ونشر الأفكار الغربية وتبديل نظرة العداء للمحتلين الإسرائيليين وتعزيز سياسة التمييز الطائفي في الداخل.

وتزامنت عملية تغيير المناهج بالتوازي مع موجات التغريب والانفتاح الشكلي على مهرجانات الغناء والرقص واقامة مواسم مايسمى الترفيه والاحتفال بأعياد وثنية، مثل عيد “الهالووين”.

ولتبرير هذه التغييرات الجوهرية كثّفت الماكينة الإعلامية لنظام ابن سلمان حملاتها وربطت التغييرات بـمكافحة “الإسلام المتطرّف” وغيرها.

لكن الحقيقية أن عمليات تغيير المناهج في المملكة رافقتها عمليات رصد وتقييم مستمر من قبل حكومات غربية كالخارجية الأميركية، التي كانت قدمت توصيات بما يخص هذا المجال لمحمد بن سلمان.

وكانت الولايات المتحدة تضغط باستمرار لتعديل المناهج ، فبعد أحداث سبتمبر 2001 زار المرشح لنيابة الرئيس سابقًا “ليبرمان” الوزارة وبعض المدارس في السعودية، ليتم حذف بعض النصوص التي اعتبرتها أمريكا متشددة وأبرزها نصوص “الولاء والبراء”!

ولكن صعود بن سلمان للعرش منح الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها فرصة أكبر لتغيير المناهج في السعودية.

وسبق أن قامت “اللجنة الأميركية للحريات الدينية الدولية” بدراسة مجموعة منتقاة من الكتب المدرسية في السعودية لمنهج 2017-2018 وقارنتها مع نسخ من الفترة 2012-2014.

وخلص التقييم أن الكتب الحالية لا تزال تحتوي على عدد من “الفقرات المتعصبة والتحريضية” وهذه الدراسات وغيرها أدّت لتكثيف الضغط.

وفي نهاية 2017 ناقش الكونغرس الأمريكي قانونًا يُلزم وزير الخارجية الأمريكي تقديم تقرير سنوي للجنتي الشؤون الخارجية في مجلسي النواب والشيوخ عن جهود السعودية في تعديل مناهجها التعليمية وإزالة ما وُصف بـ “الفقرات التحريضية التي تشجّع على العنف”، كما تمّ مناقشة الأمر مرة أخرى عام 2019.

وكان اجتماع للجنة الشؤون الخارجية الأمريكية انعقد في مارس 2018 أجاب فيه وزير الخارجية الأمريكي الأسبق ريكس تيلرسون عن كيفية تنفيذ السعودية “الاتفاق” الذي تم بعد زيارة ترامب للرياض ولقاء بن سلمان، والمتعلّق بتغيير مناهج التعليم وتقديم “إسلام أكثر اعتدالًا” من المنظور الأمريكي.

وهذا الاجتماع يؤكد تدخل واشنطن المباشر في تغيير مناهج التعليم وأن هناك “اتفاق” بخصوص ذلك تم بعد زيارة ترامب للمملكة وأن الهدف منه تقديم إسلام “أكثر اعتدالًا” من المنظور الأمريكي.

ومن نتائج زيارة ترامب إنشاء مركز اعتدال لمحاربة “التطرف” بمتابعة مباشرة من الخارجية الأمريكية.

 

تهليل غربي لتغيير المناهج السعودية

سجلت حملات التغيير للمنهج تصعيداً مكثفاً بدأت في مارس 2018 مع إعلان وزير التعليم “أحمد العيسى” أن الوزارة تعمل على “محاربة الفكر المتطرف” بإعادة صياغة المناهج الدراسية، كما كشف عن الاستعانة بـ “الرابطة الأمريكية الوطنية لتعليم الأطفال الصغار”.

وفي عام 2020 بدأت الحملة الثانية في تغيير المناهج، وسط احتفاء الإعلام الغربي، حيث قالت صحيفة “الديلي تليغراف” البريطانية، أواخر 2020 أن هناك “طفرة في التوجهات السعودية مع حذف معاداة السامية والتشدد الإسلامي من المناهج التعليمية”.

كما أكدت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، في يناير 2021 أن السعودية حذفت “ببطء وتدريجيًا المحتوى المرفوض” من الكتب المدرسية.

“واشنطن بوست” كشفت في أحد تقاريرها أيضاً أن مركز ( Impact-SE) الصهيوني ومقره في القدس المحتلة أعرب عن إشادته بخطوات المملكة في حذف كل الآيات والأحاديث التي تتعلق بمعاداة اليهود ومحاربتهم .

ونقل تقرير الواشنطن بوست تصريحات ماركوس شيف، الرئيس التنفيذي لمركز Impact-SE الصهيوني المعني بمراقبة محتوى الكتب المدرسية في دول العالم قوله بأنهم فخورين للغاية بإزالة ما يعادي السامية من المناهج السعودية.

ومع توالي كشف ما تمّ حذفه من المناهج التعليمية، يتساءل مراقبون هل الهدف محاربة “التطرّف”  كما يدعي ابن سلمان، في وقت يسمح النظام بالتطاول على مكون أساسي في المجتمع،  وتكفيره.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى