تقارير متفرقةمقالات

السعودية تقيّد “السلطة الرابعة” وتنتهك حرية التعبير

“السلطة الرابعة” في السعودية بلا سلطة!

تُحدد السلطات السعودية بدقة الدور المنوط بوسائل الإعلام هناك، وتبدو واضحةً في رؤيتها للإعلام كناطقٍ رسمي باسم النظام. نتيجة لهذا، بات لقب “السلطة الرابعة” كثوبٍ لم يفصّل على مقاس الإعلام السعودي، وتحوّل الإعلام من “سلطة” ناطقة إلى جهةٍ “حاكمةٍ بأمر السلطان”.

حرية الإعلام تُعدّ جزءًا لا يتجزّأ من حرية الرأي والتعبير، وبحسب المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان فإن حرية التعبير تشمل الحرية في “استقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت دون تقيّد بالحدود الجغرافية”. وهذا يعني أن يبثّ الإعلام بحريّة مختلف الآراء والتوجهات التي تمثّل الشعب، طالما أن ذلك لن يؤدي إلى زعزعة السلم الأهلي أو إثارة الفتن وتهديد الاستقرار.

تُجبَر وسائل الإعلام السعودية على اتباع الخط الحكومي الذي ترسمه وكالة الأنباء الرسمية، وتخضع لرقابة متشدّدة من قبل وزارة الإعلام، كما تعمل السلطات على حجب الإنترنت وزيادة المراقبة من خلال برامج التجسس عالية التقنية.

تعد السعودية من الدول الخمس التي تسجل أعلى عددا من الصحافيين المعتقلين حتى الأول من ديسمبر/كانون أول 2021، فحتى ذلك الوقت كانت قد اعتقلت 31 صحافيًا، منذ بدء حملات الاعتقالات التعسفية.

وبحسب تقرير منظمة “مراسلون بلا حدود” عن حرية الصحافة للعام 2021، صُنّفت السعودية ضمن آخر عشر دول من أصل 180 دولة. كما جاءت السعودية، ضمن أكثر ثلاث دول عربية قمعاً لحرية الصحافة.

حتى اليوم، لم تهدأ أصداء جريمة قتل الصحافي السعودي جمال الخاشقجي في قنصلية بلاده في اسطنبول، حاول النظام السعودي التملّص من المسؤولية، لكن التحقيقات كشفت بدون تأخر، تورّط السلطات السعودية ومحمد بن سلمان تحديداً بعملية تصفية الخاشقجي، الذي عُرف بآرائه المعارضة لسياسة النظام السعودي وأداء بن سلمان.

أدرك محمد بن سلمان جيداً أهمية الإعلام وتأثيره، لذلك، ضيّق الخناق على أي وسيلة قد يلجأ إليها المعارضون، ومن ضمنها وسائل التواصل الاجتماعي.

تُعتبر السعودية الأولى عربياً والتاسعة عالمياً في استخدام “تويتر”، ويبلغ عدد مستخدمي “تويتر” في السعودية 14.5 مليون مستخدم نشط، ومقارنة بحجم السكان بعمر 13 عاماً أو أعلى، فإن السعودية هي الرابعة عالمياً في معدل استخدام “تويتر”، ويستخدم ما نسبته 51.6% من السكان هذه المنصة.

صحيفة “نيويورك تايمز”، نشرت تقريراً في أبريل/نيسان المنصرم، في ظل الصفقة التي كان تُعقَد حينها لإتمام استحواذ إيلون ماسك على “توتير”. التقرير أشار إلى الخلاف العميق بين ماسك ومحمد بن سلمان، والذي تأزّم أكثر مع تطوّر المفاوضات التي كانت تجري بين “تويتر” وماسك، ومحاولة بن سلمان إيقاف الصفقة وتأليب المساهمين للتشكيك في السعر المدفوع.

“تويتر” يُعد بالنسبة للسعودية منصة تؤمّن فرصة سهلة ودائمة للترويج للإنجازات الوهمية ومحاربة المعارضين في الوقت عينه. تقرير “نيويورك تايمز” أكّد تجنيد السعودية لآلاف الحسابات بهدف مضايقة المعارضين والترويج للخط الذي يرسمه النظام السعودي. وهذا ما يبرر استياء السعودية من استحواذ إيلون ماسك على تويتر، لا سيما وأن ماسك أعلن بوضوح نيّته محاربة الحسابات الزائفة والبوتات الإلكترونية.

تحرص السعودية اليوم على الحفاظ على حصّتها في “تويتر”، إذ أعلن الوليد بن طلال مالك “شركة المملكة القابضة” أن الشركة ستحتفظ بحصتها في أسهم “تويتر”، والتي تبلغ قيمتها 1.89 مليار دولار. يُشار إلى أن “صندوق الثروة السيادي” التابع لمحمد بن سلمان يملك 16.9% من “شركة المملكة القابضة”.

السيناتور الأميركي عن الحزب الديموقراطي كريس ميرفي، أبدى قلقه من امتلاك السعودية لهذه الحصة، مطالباً بإجراء دراسة عن عواقب هذا الأمر. وقال في تغريدةً نشرها عبر حسابه: “علينا أن نكون قلقين من أن السعوديين الذين يقمعون الاحتجاجات السياسية في بلادهم ويسعون للتأثير على السياسة الأميركية، يعتبرون الآن ثاني أكبر مالك لموقع كبير للتواصل الاجتماعي”.

تضيّق السعودية الخناق على وسائل الإعلام التقليدية والحديثة معاً، في انتهاكٍ همجي لحرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى