تقارير متفرقةمقالات

العلماء في السعودية: إمّا تأييد سياسات النظام.. أو السجن!

لا يعدّ استهداف السعودية لعلماء الدين (من كِلا الطائفتين) حديثاً، وإن كانت حملة اعتقال العلماء التي حصلت في العام 2107 قد سلّطت الضوء على هذا الاستهداف الممنهج والشرس.

حملة الاعتقالات التي حصلت في العام 2017 (بعد أشهرٍ على تولّي محمد بن سلمان ولاية العهد) طالت حينها عدداً من العلماء منهم الشيخ سلمان العودة والشيخ عوض القرني والشيخ محمد موسى الشريف، وهو ما زالوا معتقلين حتى اليوم.

حملة القمع الممنهج شملت أيضاً فرض منع السفر على عدد من المعارضين ومنهم الشيخين محمد العريفي وعائض القرني.

هذا الانتهاك لا يتوقّف على الاعتقال أو منع السفر فحسب، فالسلطات السعودية تعمد إلى إصدار أحكامٍ تعسفية غير منطقية، كالحكم الذي صدر بحق السيد هاشم الشخص منذ أيام ويقضي بسجنه مدة 30 سنة بلا أي مبرر قانوني.

وكانت محكمة الاستئناف قد غلّظت في سبتمبر/أيلول المنصرم الحكم ضد الشيخ  ناصر العمر، ليُصبحَ 30 سنة، بعد أن كان 10 سنوات مع وقف تنفيذ 4 سنوات.

هذا وكانت السلطات السعودية قد اعتقلت الشيخ مجتبى النمر فور وصوله إلى المطار، لتحكم عليه بالسجن مدى 12 عاماً بلا تهمة محددة.

في تقريرٍ لوكالة رويترز عقب حملة الاعتقالات التي قامت بها السلطات السعودية، أرجعت الوكالة سبب الاعتقال إلى “فشل علماء الدين بدعم السياسات السعودية علناً”. وقالت “هيومن رايتس ووتش” حينها أن “السلطات السعودية  لم تكشف عن أسباب محددة للاحتجاز، لكنها تتناسب مع نمط انتهاكات حقوق الإنسان ضد المناصرين والمنشقين السلميين”.

وهو فعلاً ما حصل وما زال يحصل. تعتقل السلطات السعودية علماء الدين الذين لم تنجح في إجبارهم على تأييد سياساتها والترويج لها على المنابر وأثناء الخطب الدينية.

تُدرك السعودية حجم تأثير علماء الدين، ونتيجة لهذا شعرت أن وجود علماء دينٍ ينتقدون سياساتها ويعارضون النظام السائد ليس في صالحها. والسعودية بالأصل دولةٌ تكتم أي صوت للمعارضة مهما بلغ تأثيره.

إذاً عرّضت السعودية عشرات العلماء للاعتقال والاحتجاز والانتهاك كرد فعلٍ انتقاميٍ قمعي على معارضتهم. وهو ما يخالف حقوق الإنسان التي تنص على حرية الرأي والتعبير وعدم الاحتجاز التعسفي.

من جهةٍ ثانية، ثمة علماء دين اعتُقلوا تعسّفياً لانتمائهم لطائفةٍ معينة واعتناقهم أفكاراً دينية لا تناسب النظام السعودي. وهذا ما ينتهك أيضاً حقوق الإنسان، فحرية الدين (أي الحق في اعتناق الفرد أي دين يختاره وإظهار دينه في العبادة من دون تدخل لا مبرّر له) هي حقٌ أساسي مكفول بموجب المادة 18 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

لم توفّر السعودية فئةً من فئات الشعب دون أن تعرّضها لسلسلةٍ طويلة من الانتهاكات، فالاستبداد الذي تمارسه السلطات السعودية طال الرجال والنساء والقاصرين وعلماء الدين والأجانب على حدٍ سواء.

والغريب حقاً، هو أنه إذا كانت السعودية تعتبر انتهاك حقوق الإنسان قاعدةً لا شذوذ فيها، فلماذا تزعجها الانتقادات الدولية والحقوقية الموجّهة إليها؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى