تقارير متفرقةمقالات

طوابير العاطلين عن العمل تفضح زيف إحصاءات السلطات

تتعالى في الآونة الأخيرة في السعودية الأصوات المطالبة بخطواتٍ إصلاحية جديّة لإنقاذ العاطلين عن العمل، لا سيّما خرّيجي الجامعات الذين يتركون مقاعد الدراسة بعد جهد وتعب سنواتٍ ليجدوا أنفسهم بين براثن البطالة.

تعيش نسبة كبيرة من القوى العاملة في السعودية كابوس البطالة منذ زمن، وعلى الرغم من الوعود والعهود بتأمين فرص عملٍ لا سيما لفئة الشباب ، إلا أن الأزمة ما زالت على حالها، ولعلّها اشتدّت واستفحلت. فبينما تخرج الأرقام الأخيرة لهيئة الإحصاء مُعلِنةً انخفاض معدل البطالة إلى 9.7% في الربع الثاني من 2022، يكشف الواقع حالاً مختلفاً عن الأرقام الوهمية التي يعلنها النظام.

فكما تقول إحدى الناشطات عبر حسابها في “تويتر”، تعليقاً على الأرقام التي أعلنتها هيئة الإحصاء: “تحسبوننا في عام ألف وأربعميه وحطبه ماعندنا وسائل تواصل تطلع لنا الواقع!”، وترفق تغريدتها بصورٍ من “ملتقى التوظيف” في جدة، يظهر فيها صف (طابور) طويل من المواطنين العاطلين عن العمل الذين توجّهوا لتقديم طلبات توظيف، ويبدو من الطابور أن عدد المواطنين هائل لدرجة أنهم ينتظرون خارج المركز وتحت وطأة الشمس الحارقة.

تنهي الناشطة تغريدتها بحرقة: “قاعدين نشوف الفلوس تضيع في مشاريع وهمية”، ففي حين يتباهى محمد بن سلمان بمشاريعه الاستعراضية موهماً المواطنين بخيراتٍ ليست إلا سراباً؛ يعاني آلاف المواطنين والخرّيجين للحصول على وظيفة عملٍ لائقةٍ تؤمّن لهم حياةً كريمة.

ويحكي ناشطٌ آخر تجربته مع “ملقتى التوظيف” مستنكراً: “واقفين من 3 الى 4 ساعات بالشمس عشان ندخل على أقل من 50 شركة كل وحدة منهم الشواغر ما تتجاوز 10 أشخاص، يعني 500 وظيفة بحد أقصى وعدد المتقدمين يتجاوز 30 ألف!؟”.

إذاً، ظهرت الإحصاءات الحقيقية من شوارع السعودية وليس من هيئات الإحصاء، ولعلّ السعودية هي الدولة الوحيدة التي لا يأخذ فيها المرء من الإحصاءات حقاً ولا باطلاً، فالنظام يعمل ليل نهار على تحسين صورة السعودية وإيهام دول العالم أن النظام جعل من البلاد جنةً على الأرض، لكنّ أصوات المواطنين المقهورين بدأت تعلو لتفضح زيف آل سعود ونظامه وإعلامه.

شركة “ماكينزي” العالمية للاستشارات، كانت قد أكدت في تقرير سابق لها أنه من المتوقع أن يتدفق إلى سوق العمل نحو 4.5 ملايين مواطن سعودي في سن العمل حتى عام 2030، ما يحتّم ضرورة توفير آلاف الوظائف، محذّرةً في تقريرها من ارتفاع نسبة البطالة إلى 20% وتراجع دخل الأسر بنحو 20%.

وإن سلّمنا جدلاً بصحة الأرقام المُعلنة من قبل هيئة الإحصاء السعودية، فإنّ مراكز اقتصاد دولية أكّدت أن تراجع نسب البطالة، مردّه إلى خروج الكثيرين من دائرة القوى العاملة.

وقد كشفت مصادر اقتصادية أن الإحصاءات تشير إلى أن هذا الانخفاض يعـود إلى تناقـص المواطنين الراغبين أو القادريـن على العمل، وليس بسـبب توفر الوظائف، وهذا مؤشرٌ سـلبي بالنسبة لأداء الاقتصاد السعودي وليس العكس.

فماذا يقول محمد بن سلمان الذي زعَمَ وضع “توليد فرص العمل للشباب فـــي أعلى سلّم أولوياته” إزاء هذه المعلومة؟

كما أن تأثير وتداعيات البطالة لا تُقاس بالمعدل وحده، بل بالحالة الاقتصادية للعاطلين عن العمل، فالسعودية لا تملك نظام تأمين اجتماعي كذلك الموجود في الدول المتقدمة، أي أنها لا تقدّم إعاناتٍ كافية للعاطلين عن العمل، وهذا يعني ازدياد معدلات الفقر ومظاهره وإن لم يكن معدل البطالة مرتفعاً (بحسب مزاعم السلطات).

بأرقامٍ أو بدونها، لم يعد يخفى على أحد أن شريحة واسعة من المواطنين السعوديين تعاني الكثير من الآفات والمشاكل التي بدأت تستفحل، وليست البطالة إلا واحدةً من هذه المشاكل، فإلى متى يبقى نظام آل سعود مشغولاً باستغلال خيرات البلاد وتبديدها على مشاريع خيالية دون أن يلتفت إلى أحوال المواطنين ومعاناتهم؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى