تقارير متفرقةمقالات

27 عاماً خلف القضبان.. كم عاماً سيعدّ “المنسيون” بعد؟

قبل سنواتٍ أربع من دخول العالم إلى القرن الواحد والعشرين، دخل تسعةُ شبّانٍ في ريعان شبابهم إلى ظلمات السجون السعودية. بدأ القرن الجديد، مرّ العقد الأول، تلاه الثاني، مرّت سنواتٌ ثلاث من العقد الثالث، وتسعةُ شبّانٍ يعدّون الأيام. 

سبعٌ وعشرون سنةً عدّها الشبّان حتّى اليوم

سبعة وعشرون عاماً قضاها المنسيون دون محاكمةٍ أو تحديدٍ واضح للتهم الموجّهة إليهم، لُفّقت إليه تهمٌ متعلّقة بالمشاركة في التخطيط والتنفيذ لتفجير الخُبر الذي حصل في يونيو/حزيران 1996، على الرغم من أن بعضهم اعتُقل قبل أشهرٍ من التفجير.

أعادت حادثة مداهمة منزل المعتقل عبدالكريم النمر قضية المنسيين إلى الواجهة. اعتقلت السلطات السعودية أثناء المداهمة منذ أيام زوجته وابنته منى، ولم تُعرف الأسباب.

العائلة التي ذاقت لوعة الاعتقال التعسفي وهمجية السلطات فُجِعت باعتقال الزوجة والابنة، لا سيما وأنها لم تترك وسيلةً لم تستخدمها للمطالبة بالإفراج عن الأب.

عائلة عبدالكريم النمر ليست الوحيدة التي ذاقت مرارة الظلم والفقد، فلكل معتقلٍ من المنسيين قصة تُروى بدموع أهاليهم وتنهيداتهم الموجوعة.

المعتقل هاني الصايغ، ابن مدينة سيهات في القطيف، تمكّنت السلطات السعودية من اعتقاله عبر مساعدة أقرب للمؤامرة من قِبل الولايات المتحدة. فالصايغ توجّه في العام 1996 إلى كندا بعد أن تقدّم بطلب لجوءٍ سياسي، ولتبرر السلطات السعودية اعتقاله وهو خارج البلاد، لفّقت له تهمة المشاركة في تفجير الخُبر. 

أوقِف الصايغ في كندا وجرت تحقيقات مكثفة معه أثبتت براءته، ثم تم نقله إلى الولايات المتحدة بطلبٍ سعودي، وجرى التحقيق معه وأثبتت براءته أيضاً. لكنّ تآمراً مشتركاً بين السعودية والولايات المتحدة أدّى إلى تسليمه لسلطات بلاده حيث اعتُقل وما زال. اليوم ابنته التي كان لها من العمر خمس سنوات باتت بعمر 32 عاماً وابنه بات بعمر 29 عاماً. أعوامٌ قضوها محرومين من عاطفة الأب ورعايته، وحُرِم هو رؤية أولاده يكبرون أمامه وفي كنفه.

قصةٌ أخرى من قصص الظلم هي قصة المعتقل مصطفى القصّاب، هو الذي كان موجوداً خارج البلاد اثناء وقوع التفجير، ولفّقت له السلطات السعودية تهمة المشاركة في تنفيذه. كان القصاب موجوداً في لبنان حين وقع التفجير، وقد شهد سكان المنطقة التي كان يقطن فيها أنه كان في تلك الفترة موجوداً ويمارس حياته الطبيعية هناك ولم يختفِ لأي مدة. كان القصّاب، ابن مياس في محافظة القطيف، يبلغ من العمر 36 عاماً عند اعتقاله، وهو أبٌ لولدٍ واحدٍ حُرِم كُلٌ منهما من الآخر ظلماً وقهراً.

عبد الله الجرّاش، الأستاذ الذي اعتقلته السلطات بهمجية أمام أعين تلامذته، وحرمت أسرته منه. هو الأب لطفلٍ كان يبلغ عامين ونصف وطفلةٍ بعمر الأشهر. اتُهم بالتورط في التفجير، ولم تقدّم السلطات أي أدلّة تُثبت التهمة الموجّهة إليه، حتى أنها حرمته من حقه بتوكيل محامٍ للدفاع عنه. بعد اعتقاله، انقطعت أخباره لسنوات، ولم يعلم أهله عنه شيئاً، ليُنقل بعدها إلى سجن الدمام ويُسمح له بزيارات شهرية. تزوّج ابن عبدالله وابنته ولم يتمكّن الأب من حضور زفاف ولَديه. هو الذي دخل السجن بعمر 28 عاماً أباً لطفلين صغيرين، بات بعمر 55 عاماً يُزَفّ ولداه وهو غائبٌ عنهما.

أما السيد فاضل سعيد العلوي، فهو العريس الذي زُفّ خلف القضبان. هو ابن الجارودية في القطيف، لُفّقت له تهمة التورط بالتفجير على الرغم من أن اعتقاله حصل قبل التفجير بأربعة أشهر. تزوّج السيد العلوي في السجن بعد 12 عاماً من الاعتقال، والغصّة تخنق عائلته آملين أن يتمكّن من الحصول على حياة زوجية طبيعية تعوّضه سنين الظلم خلف القضبان. 

السيد العلوي ليس الوحيد الذي اعتُقل قبل حصول التفجير ولُفّقت له تهمة التورّط به، فالمعتقلون الثلاثة: علي المرهون، صالح الرمضان، مصطفى المعلم اعتُقلوا قبل التفجير بثلاثة أشهرٍ تقريباً. وصالح هو أصغر المعتقلين وعمره كان عند اعتقاله 18 عاماً، أما مصطفى وعلي فكانا بعمر 19 و21 عاماً. وهم أبناء قريةٍ واحدة هي الجارودية في القطيف.

حسين آل مغيص هو المعتقل التاسع من المنسيين. ابن قرية البحاري في القطيف، هو الآخر سُجن ظلماً ولٌفّقت له التهم زوراً، فحسين قد اعتُقل في أبريل/نيسان 1996 أي قبل شهرين ونيّف من وقوع التفجير. بعد 17 عاماً من اعتقاله، تبلّغ أهله صدور حكم السجن المؤبد بحقه. 

تعرّض المعتقلون التسعة لشتى أنواع التعذيب وحُرموا من حقوقهم الطبيعية، ومُنعوا من رؤية ذويهم لسنوات.

طالب المشاركون في الاحتجاجات والاعتصامات السلمية بين عامي 2011 و2012 بالإفراج عن المعتقلين المنسيين، وكانت قضيتهم أحد القضايا الاساسية التي حرّكت المظاهرات. يُذكر أن قوات الأمن قمعت المسيرات حينها بالرصاص والعنف الوحشي.

تؤكد إحصاءات مختلفة وجود آلاف المعتقلين السياسيين في السجون السعودية، قُدّرت أعدادهم بأكثر الـ30000.

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى