تقارير خاصةمقالات

احتجاز جثامين الشهداء: انتهاكات السعودية لا يوقفها حتى الموت!

بعد الجريمة، يحاول المجرم إخفاء آثار جريمته، لكن غالباً ليس هناك جريمة كاملة، ثمة دائماً ما ينطق موجّهاً أصابع الاتهام نحو المجرم.

بعد جريمة يليق بها وصف المجزرة، يحاول النظام السعودي طمس الحادثة، محاولاً تغييب ما حصل عن ذاكرة الناس، ظناً منه أنه بهذا تُنسى جريمته.

ترفض السلطات السعودية تسليم جثامين الشهداء ممن قضوا في عمليات الإعدام الوحشية العديدة التي ارتكبتها، تُحاول السلطات التعامل مع الشهداء على أنهم لم يكن لهم وجودٌ أصلاً، متوهّمةً بأنها عبر إخفاء جثامين الشهداء ستُنسي ذويهم الظلم الذي تجرّعوه.

الحاكم، مهما كان متجبّراً وجائراً، يُدرك أن غضب الشعب المظلوم إذا تأجّج سيقتلعه من جذوره، لذا يتجنّب هذا الغضب ويخشاه. وهذا ما يحاول النظام السعودي فعله، إذ يخشى تسليم جثامين الشهداء خوفاً من طوفان مسيرات التشييع التي ستملأ الشوارع والأزقة، وخشيةً من الحزن والغضب اللذين إذا امتزجا سيشكّلان انفجاراً لا تُدرَك تبِعاته.

بالإضافة إلى هذا، فإنّ آثار التعذيب على أجساد الشهداء تُدين النظام السعودي إدانة مبرمة لا تقبل الشك، وهي دليلٌ قاطع على الانتهاكات التي يقوم بها النظام  في السجون، من تعذيب وحشيٍ وضرب وركل وجلد وصعق كهربائي. لذا يسعى لإخفاء آثار هذه الجريمة أيضاً، خوفاً من كشف الانتهاكات الهائلة لحقوق الإنسان.

هذا الظلم بحق الشهداء وذويهم يبدأ قبل تنفيذ الإعدام، إذ تنفّذ السلطات السعودية أحكام الإعدام دون أن يتم تبيلغ ذوي المعتقلين، فلا تسمح لهم بلحظة وداعٍ يتيمة. أكثر من ذلك، يتلقّى أهالي الشهداء خبر إعدام أبنائهم بالصدفة والصدمة، كأن يتبلّغوا الخبر من وسائل الإعلام أو وسائل التواصل الاجتماعي، وهذا انتهاك إضافي لحقوق المعتقلين وذويهم معاً.

لا يقتصر الاستبداد الذي يمارسه النظام على الامتناع عن تسليم الجثامين، بل تمنع السلطات السعودية أهالي الشهداء من إقامة مراسم العزاء، كما عمدت السلطات في فترة انتشار فيروس كورونا إلى منع الأهالي حتى من إنشاء مجموعات عبر “الواتساب”،  حيث كان شائعاً حينها أن تتم التعزية عبر هذه المجموعات.

هكذا يخطف النظام السعودي أرواح المعتقلين بعد أن يسرق أعواماً من أعمارهم، ويحرمهم وذويهم من لحظة وداعٍ قبل الرحيل، ثم يحرم أهاليهم حتى السلوى الوحيدة المتبقية لهم، وهي زيارة قبور أبنائهم.

لكنّ جرائم النظام السعودي لن تُنسى، ولن يطويها النسيان، وأصابع الاتهام والإدانة ستبقى موجّهة نحوه أبداً، لأن ذكرى جميع الشهداء المظلومين ستنطق وتفضح وحشيتهم كل يوم، وكل ما حاولوا إخفاء الشهداء أكثر، زادت ذكراهم رسوخاً واتّقاداً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى