تقارير خاصةمقالات

السعودية تطارد رجال الدين المعتدلين وعائلاتهم

لم يكن مفاجئاً الحكم على العلّامة الشيخ كاظم العمري بالسجن 4 سنوات من قبل محكمة الإرهاب في المدينة المنورة.

فاستهداف الشيخ كاظم وعائلته ليس بجديد، إنما يأتي في إطار ملاحقة الرموز الدينية المعتدلة والإصلاحية التي تحظى بمكانة شعبية كبيرة.

وللمرة الثانية على التوالي خلال العام الجاري، أعادت السلطات اعتقال الشيخ العمري بعد الإفراج عنه في وقتٍ سابق من هذا العام.

تعرّض الشيخ للاعتقال مرات كثيرة خلال العقدين الماضيين، كما تعرّضت عائلته لكثير من الانتهاكات، اقتحامات لمنازل العائلة ومكاتبها، تخريب ممتلكات من خلع وتكسير للأثاث، مصادرة كتب دينية، وجميعها كانت تتم دون إذن قضائي.

واعتقلت السلطات نجلَي الشيخ كاظم، وهما محمد ورجائي اللذان لا يزالان رهن الاعتقال داخل السجون منذ أبريل/ نيسان الماضي.

الشيخ كاظم محمد العمري هو نجل عالم الدين الشيعي الكبير في المدينة المنورة المرحوم العلّامة الشيخ محمد علي العمري، أكبر الرموز الدينية في المدينة المنورة والذي كان عرضة للاعتقال والمحاكمات الجائرة، التي وصلت حد الحكم عليه بالإعدام مرتين، ثم نفته السلطات إلى جزيرة في البحر الأحمر.

يعتبر العلامة الشيخ كاظم العمري وريث والده في المدينة المنورة، والمعروف عنه انشغاله بالتبليغ والشؤون الدينية الصرفة، ولا علاقة له بالسياسة على الإطلاق، ورغم ذلك لم تسلم عائلته منذ القدم من الانتهاكات المستمرة دون أي مسوغات قانونية.

 

لماذا استهداف رجال الدين؟

لم تكشف السلطات السعودية في أي مرة، عن أسبابٍ محدّدة لملاحقة رجال الدين من مختلف المذاهب، لكن القاسم المشترك أن جميع المعتقلين من رجال الدين كانوا يتحدثون بلغةٍ معتدلة تدعو للإصلاح والعدالة الاجتماعية، وهو حق مشروع نابع من مكانتهم الاجتماعية كقادة رأي مأثرين، يطالبون بحقوق الشعب.

يمكن أن تكون تهمتهم أنهم لم يهلّلوا للحاكم، ولم يطبّلوا له كغيرهم من مشايخ القصور والسلطة الأثرياء، ولكن هذا لا يبرر اعتقالهم على الإطلاق.

السلطات السعودية اعتقلت وحاكمت عشرات رجال دين بارزين، في ما يبدو أنها حملة قمع منسقة، بعد وصول محمد بن سلمان للسلطة عام 2015.

ولا ننسى كيف أعدمت السلطات رجل الدين البارز الشيخ نمر باقر النمر عام2016  وتجاهلت كل النداءات الدولية لمنع إعدامه، خاصة أن الدوافع كانت سياسية بامتياز.

واستمر مسلسل اعتقال رجال الدين كنهجٍ روتيني متّبع، مثل رجل الدين البارز سلمان العودة الذي طالبت النيابة العامة بإعدامه. وعوض القرني والعشرات غيرهم من مختلف المذاهب.

جميع التهم التّي وجهت إلى رجال الدين، استندت إلى تشريعاتٍ فضفافة جداً مثل قانون الإرهاب، الذي اتخذته السلطات شماعة لاعتقال كل من لا يعجبها، كرجال دين، أصحاب الرأي، الناشطين والمواطنين.

وفي هذا الشأن قالت منظمة “هيومن رايتس ووتش” إن الاعتقالات التي طالت رجال دين وناشطين وغيرهم، ذات دوافع سياسية، وهي علامة أخرى على أن محمد بن سلمان غير مهتمٍ بتحسين سجل بلاده في حرية التعبير وسيادة القانون.

واعتبرت المنظمة أن الأحكام المُستهجَنة بحق هؤلاء المعتقلين، تظهر غياب أي تسامح من السعودية تجاه المواطنين الذين يعبرون عن آرائهم بخصوص حقوق الإنسان والإصلاح.

ويرى حقوقيون أن تلك الاعتقالات، هدفها تقييد حرية الرأي والتعبير وكم الأفواه، وبث الخوف في المجتمع لردعه عن المطالبة بحقوقه المشروعة، والقبول بالأوضاع المتردية كما هي دون اعتراض أو نقاش أو جدال أو حتى سؤال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى