تقارير متفرقةمقالات

“هيومن رايتس ووتش”: هذا ما ارتكبته السعودية من انتهاكات في 2022

أطلقت منظمة “هيومن رايتس ووتش” تقريرها السنوي 2023، الذي رصد مجمل الانتهاكات التي ارتكبتها الأنظمة المستبدّة، ومن أبرزها النظام السعودي.

افتتحت المنظمة تقريرها بهجوم عنيف على الولايات المتحدة، لعدم التزام الأخيرة بتعهداتها بالدفاع عن حقوق الإنسان في العالم، وتشجيعها بعض الأنظمة على ارتكاب المزيد من الانتهاكات.

وقالت: “شهدنا قادة عالميين يتاجرون بازدراء بالالتزامات الحقوقية ومساءلة منتهكي حقوق الإنسان، مقابل انتصارات سياسية مفترضة قصيرة المدى. المصافحة الودودة بالقبضات بين جو بايدن وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، بمجرد تولّي بايدن منصبه ومواجهته ارتفاع أسعار الوقود، أسقطت تعهّده المبدئي عندما كان مرشحاً لرئاسة الولايات المتحدة بجعل السعودية دولة منبوذة بسبب سجلّها الحقوقي”.

 

حريّة التعبير والمعتقد وتكوين الجمعيات

قالت “هيومن رايتس ووتش” إن السلطات السعودية اعتقلت في عام 2022 معارضين سلميين ومثقفين ونشطاء حقوقيين، وحكمت على أشخاص بالسّجن لعقود بسبب النشر على مواقع التواصل الاجتماعي.

وأكدت المنظمة أنه ما زال عشرات المدافعين الحقوقيين والنشطاء السعوديين يقضون عقوبات طويلة بالسجن، لانتقادهم السلطات أو دعوتهم إلى إصلاحات سياسية وحقوقية.

لا يزال رائف بدوي، المدون والناشر ممنوعاً من السفر رغم استكماله عقوبة السجن الجائرة البالغة 10 سنوات في مارس/آذار.

المدافعات عن حقوق المرأة، لجين الهذلول ونسيمة السادة وسمر بدوي، ما زلن أيضاً ممنوعاتٍ من السفر وخاضعات لأحكام بالسجن مع وقف التنفيذ، ما يسمح للسلطات بإعادتهن إلى السجن بسبب أي نشاط يُعتبر جرمياً.

الناشط محمد الربيعة، وموظف الإغاثة عبد الرحمن السدحان، ومحامي حقوق الإنسان وليد أبو الخير كانوا ما يزالون في السجن بتهم تتعلق بحرية التعبير أو الأنشطة السلمية.

وأضافت المنظمة أن السلطات السعودية استهدفت بشكلٍ متزايد مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي السعوديين وغير السعوديين لتعبيرهم السلمي عبر الإنترنت، وتعاقبهم بأحكام بالسجن تمتد عقوداً.

في 9 أغسطس/آب، حكمت محكمة الاستئناف على سلمى الشهاب، طالبة الدكتوراة في جامعة “ليدز” في بريطانيا، بالسجن 34 عاماً بسبب تغريدات على “تويتر”.

 في اليوم نفسه، حُكم على نورة القحطاني بالسجن 45 عاماً بتهمة “استخدام الإنترنت لتمزيق النسيج الاجتماعي للبلاد”.

في سبتمبر/أيلول، استدعى الادعاء السعودي المواطنة الأميركية كارلي موريس بتهمة “الإخلال بالنظام العام”، في ما يبدو على صلة بتحقيق جار في نشاطها على وسائل التواصل الاجتماعي.

لا يزال صلاح الحيدر، مواطن يحمل الجنسيتين الأميركية والسعودية، المحتجز بين مايو/أيار 2019 وفبراير/شباط 2021، قيد المحاكمة بتهم تتعلق بانتقاده السلمي للحكومة السعودية على وسائل التواصل الاجتماعي.

وأوضحت “هيومن رايتس ووتش” أن الحكومة السعودية تشتهر بقمع المعارضة العلنية، ولديها سجل راسخ في محاولة اختراق منصات التكنولوجيا، واستخدام تكنولوجيا المراقبة الإلكترونية المتقدمة للتجسس على المعارضين.

 

الممارسات التعسفية في السجون

وثّقت المنظمة استمرار القمع في السجون ومراكز الاحتجاز والذي يشمل:

  • التعذيب
  • سوء المعاملة
  • الاحتجاز التعسفي المطول
  • مصادرة الأصول دون أي إجراءات قانونية واضحة

 

الإعدامات

وذكرت المنظمة الحقوقية أنه في 12 مارس/آذار، “أعدمت السلطات 81 شخصاً، بينهم 41 شيعياً، في أكبر إعدام جماعي في البلاد منذ عقود. بينما زعمت وزارة الداخلية أنهم أعدِموا بسبب جرائم من بينها القتل والصلات بجماعات إرهابية أجنبية، فإن الانتهاكات المتفشية والمنهجية في نظام العدالة الجنائية تشير إلى أنه من غير المرجح أن أي من الرجال قد حصل على محاكمة عادلة”.

واعتبرت أن السعودية أخلّت بالالتزامات التي أعلنتها “هيئة حقوق الإنسان” في السعودية، والتي تدّعي أنه لن يتم إعدام أي شخص في السعودية على جريمة ارتكبها عندما كان حدثاً، حيث حُكم على عبد الله الحويطي بالإعدام مرة أخرى في 2 مارس/آذار من محكمة جنائية، على تهمة بجريمة مزعومة وقعت عندما كان عمره 14 عاماً، علماً أن المحكمة العليا السعودية كانت ألغت حكماً سابقاً بإعدامه بسبب اعتراف غير صحيح وعدم كفاية الأدلة.

 

المشاريع الخيالية

انتقدت المنظمة الحقوقية الدولية مشاريع السعودية الخيالية مثل مشروع “نيوم” نظراً للانتهاكات التي طالت عدداً كبيراً من المواطنين، ارتكبتها السلطات السعودية، منها الإخلاء القسري بحق عشائر الحويطات لإفساح المجال للبناء.

وأضافت أنه في يوليو/تموز، أعلنت السلطات السعودية عن خطط لتطوير المدينة الخطية “ذا لاين”، وهي مدينة ذات طبقات عمودية ضمن “نيوم” والتي ستستخدم بشكل كبير الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا ما يصفه المشروع بـ”واجهة التواصل بين الإنسان والآلة”، ما يثير مخاوف بشأن استخدام التكنولوجيا الرقمية لمراقبة المقيمين في المستقبل. 

 

حملات الغسيل وتلميع الصورة

“هيومن رايتس ووتش” اعتبرت أن السلطات السعودية تغسل سمعتها الملطخة بسجل حقوقي مزرٍ، من خلال التمويل الباذخ للمؤسسات والشخصيات والفعاليات الرياضية والترفيهية.

 

العدوان على اليمن

وثقت المنظمة أن التحالف بقيادة السعودية، نفّذ ثلاث هجمات في اليمن في يناير/كانون الثاني 2022 في انتهاك واضح لقوانين الحرب، أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 80 مدنياً، بينهم ثلاثة أطفال، وإصابة 156 بينهم طفلان.

“برنامج الأمم المتحدة الإنمائي” قدّر أن العدوان على اليمن أدى إلى مقتل أكثر من 377,000 شخص بشكل مباشر أو غير مباشر منذ 2015. تشمل الأسباب الرئيسية للوفاة نقص الغذاء، والرعاية الصحية، والبنية التحتية. استهدفت الأطراف المتحاربة الأعيان المدنية، بما في ذلك المنازل والمستشفيات والمدارس والجسور، مما أدى إلى نزوح أكثر من أربعة ملايين شخص.

 

الدعم الدولي للعدوان على اليمن

قالت “هيومن رايتس ووتش” إن الولايات المتحدة قدّمت ولا تزال الدعم اللوجستي والاستخباراتي لقوات التحالف بقيادة السعودية في اليمن وأسلحة بمليارات الدولارات.

وثّقت “هيومن رايتس ووتش” استخدام التحالف لأسلحة أميركية الصنع فيما لا يقل عن 22 هجوماً غير قانوني على ما يبدو بموجب قوانين الحرب حتى الآن.

من جهته الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون استضاف محمد بن سلمان في اجتماع في “قصر الإليزيه” في باريس في يوليو/تموز.

وفي يونيو/حزيران، قدّمت ثلاث منظمات حقوقية شكوى جنائية إلى محكمة في باريس ضد شركات الأسلحة الفرنسية “داسو أفييشن”  و “تاليس” و “إم بي دي إيه فرانس”  لدورها في إمداد التحالف بقيادة السعودية بأسلحة استُخدمت في جرائم حرب مزعومة في اليمن.

وأبدت المنظمة مخاوفها من أن يزيد الاعتماد العالمي على الوقود الأحفوري من مخاطر مشاركة الولايات المتحدة وحكومات “الاتحاد الأوروبي” مع السعودية بشكل مباشر وغير مباشر في انتهاكات الحقوق.

لا سيما بعد زيارة بايدن السعودية وأيضاً زيارة رئيس الوزراء البريطاني السابق بوريس جونسون الرياض في مارس/آذار لتشجيع إنتاج النفط السعودي.

وفي يونيو/حزيران، وافق وزراء الاتحاد الأوروبي على خطة “المفوضية الأوروبية” لـ “شراكة استراتيجية مع الخليج”. تتجاهل الاستراتيجية إلى حد كبير حقوق الإنسان، وتركز فقط على تعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية الثنائية.

 

اضطهاد العمال والمهاجرين

أفادت “هيومن رايتس ووتش” في مارس/آذار عن احتجاز عشرة نوبيين مصريين ظلماً وتعسفاً بتهم تتعلق بالتعبير وتكوين الجمعيات والإرهاب، على ما يبدو انتقاماً للتعبير عن تراثهم الثقافي. وقد وجّهت “المحكمة الجزائية المتخصصة” اتهامات ضدهم في سبتمبر/أيلول 2021.

ولا يزال ما لا يقل عن أربعة محتجزين من الإيغور المسلمين، بينهم فتاة عمرها 13 عاماً، عرضة لخطر الترحيل الوشيك من السعودية إلى الصين.

كما يُبلّغ العمال الوافدون بشكل دائم عن سوء المعاملة والاستغلال. وتستمر السلطات في فرض أحد أنظمة الكفالة الأكثر تقييداً واستغلالاً في المنطقة، حيث يمنح النظام أصحاب العمل سلطة مفرطة على تنقل العمال ووضعهم القانوني في البلاد، ويساهم في تعرضهم لمجموعة واسعة من الانتهاكات، من مصادرة جوازات السفر إلى تأخير الأجور والعمل القسري.

وكشفت “هيومن رايتس ووتش” الظروف المروّعة في مراكز الاحتجاز الرسمية وغير الرسمية في المدن السعودية في أبها وحدّة وجيزان وجدّة، بحق المهاجرين الأفارقة خاصة التيغرانيين.

 

أبرز الانتهاكات بحق المهاجرين:  

  • وجود اكتظاظ شديد
  • الإهمال الطبي
  • انتهاكات من قبل الحراس
  • الاعتقال التعسفي وسوء المعاملة والإخفاء القسري

 ونقلت المنظّمة عن وزارة الخارجية الكينية أن 89 كينياً، أكثر من نصفهم من عاملات المنازل، لقوا حتفهم في السعودية بين عامي 2020 و2021 في ظروف مريبة. في معظم الحالات، حدّدت السلطات السعودية سبب الوفاة على أنه لا علاقة له بالعمل وتقاعست عن إجراء مزيد من التحقيق.

وبحسب المنظمة الحقوقية، تنفّذ السعودية اعتقالات وترحيلات منتظمة للعمال الوافدين غير الموثقين، في وقت يُحرم الوافدون من حق الطعن في احتجازهم وترحيلهم.

ومع هذا السجل الحافل بالانتهاكات الجسيمة اعتبرت المنظمة الحقوقية أن القمع الواسع في ظل الحاكم الفعلي محمد بن سلمان قوّض بشدة الإصلاحات القانونية المعلنة.

لا تنشأ أزمات حقوق الإنسان من العدم، تقول “هيومن رايتس ووتش”، لأن الحكومات التي لا تفي بالتزاماتها القانونية لحماية حقوق الإنسان في بلادها، تزرع بذور السخط وعدم الاستقرار، وفي نهاية المطاف، الأزمات.

وإذا تُركت دون رادع، فإن الفظائع التي ترتكبها الحكومات المنتهِكة تتصاعد، ما يعزز الاعتقاد بأن الفساد، والرقابة، والإفلات من العقاب، والعنف هي أكثر الأدوات فعالية لتحقيق أهدافها. لذلك فإن تجاهل انتهاكات حقوق الإنسان له تكلفة باهظة، وينبغي ألا يستهان بآثاره.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى