تقارير خاصةمقالات

ما وهنوا.. معتقلو الرأي في السجون السعودية: لنا مع الحرية لقاء قريب!

هي قضيةٌ يليقُ بها أن تُخصَّص لها الأيام والشهور لإحيائها والحديث عنها. قضيّة معتقلي الرأي الذين يقبعون في ظلمات السجون ظلماً وقمعاً. إنها القضية المظلومة مهما كثُر الحديث عنها وطال، والتي تُحاول الأنظمة المستبدّة التعتيم عليها، وإخفاء كل خيوطها، كما أخفت العشرات، بل المئات، من المظلومين.

عند الحديث عن معتقلي الرأي في السجون السعودية، نشعر بالحيرة حيال الفئة الأكثر قهراً، فمن بين المعتقلين قاصرون وكبارٌ في السن، أمّهاتٌ وآباءٌ، شبّانٌ في ريعان شبابهم، علماء دين، و آخرون باتوا منسيين بعد أن قضوا ما قرب من ثلاثة عقودٍ خلف القضبان.

بقصة هؤلاء نبدأ. تسعةُ معتقلين دخلوا السجن ظلماً، ووُجّهت إليهم تهمٌ باطلةٌ، وبعضهم اتّهم بتنفيذ تفجيرٍ حصل بعد دخولهم إلى السجن! إنهم المنسيون المقهورون، يعدّون الأيام والشهور والسنوات خلف قضبان السجن، والسلطة تتجاهل مظلوميتهم وتتعامى عن قضيتهم، وهي القضية التي كانت إحدى شرارات انطلاق مسيرات المطالبة بالإصلاح في عامي 2011 و2012. وهم بالأسماء: عبدالكريم النمر، هاني الصايغ، مصطفى القصّاب، عبد الله الجرّاش، السيد فاضل سعيد العلوي، علي المرهون، صالح الرمضان، مصطفى المعلم، و حسين آل مغيص.

خلف القضبان أيضاً قاصرون لم تشفع لهم أعمارهم. فقد خالفت السلطات السعودية القوانين الدولية والنظام المحلّي باعتقال عددٍ من القاصرين ممّن لا ذنب لهم سوى التعبير عن آرائهم، أو المشاركة بنشاطات بسيطة، كالمعتقل السابق مرتجى قريريص وتهمتُه المشاركةُ في سنِّ العاشرةِ بتظاهرةٍ على دراجةٍ هوائية مع اطفال آخرين في منطقة العوامية في العام 2011.

مرتجى خرجَ من السجن، لكن داخل السجن ما زال هناك تسعة قاصرين حكمت السلطات السعودية عليهم بالإعدام، وهم: عبدالله الدرازي، يوسف المناسف، جلال اللباد، علي السبيتي، سمير الحايكي، مهدي المحسن، عبدالله الحويطي، جواد قريريص وحسن الفرج.

وللمعتقلات من النساء قصص خلف القضبان. تشير بعض الإحصاءات إلى تخطّي عدد معتقلات الرأي الـ100، في وقتٍ يُسرّب بعض حرّاس السجون مشاهداتهم للإعلام، عن تعرّض المعتقلات للتعذيب عبر الضرب والصعق الكهربائي والجلد، كما تعرّضت المعتقلات للتحرّش الجنسي والتهديد بالاغتصاب.

وتُحرَم المعتقلات من التواصل مع أهاليهنّ، كما تُحرَم الأمهات منهنّ من رؤية أولادهنّ. وتعاني معتقلات أخريات من أوضاعٍ صحية ونفسية سيئة جداً.

وفي السجون السعودية أيضاً عشرات العلماء، ممّن لم تنجح السلطات في إجبارهم على تأييد سياساتها والترويج لها على المنابر وأثناء الخطب الدينية. يتعرّض هؤلاء العلماء للاعتقال التعسفي والإخفاء، ويواجهون في السجن ظروفاً سيئة ويعانون من التعذيب والمعاملة اللاإنسانية، وقد حُكم على العشرات منهم بالسجن لعقود.

تُصنّف المنظمات الحقوقية السعودية كأخطر مكانٍ بالنسبة للمعارضين وأصحاب الرأي. فالسلطات لم تتوانَ عن اعتقال الآلاف ممّن لا تهمة لهم، ولا سبب يدفعها لاعتقالهم سوى أن لديهم معارضة ولو فكرية لها. هكذا ملأت السلطات السعودية زنازينها ومعتقلاتها بأصحاب الرأي والمثقفين وأهل العلم.

تُضافُ الأحكام المغلّظة إلى جريمة الاعتقال التعسفي الظالم، فبالإضافة إلى حرمان مواطنين مظلومين من حريّتهم، تُصدر المحاكم السعودية أحكاماً بالسجن لعقود بحقهم، سالبةً إياهم سنواتٍ من أعمارهم دون حق. كما تنتهك السلطات السعودية حقوق السجناء، عبر تعريض معتقلي الرأي للتعذيب الوحشي، وحرمانهم من الاتصال بذويهم، وحرمانهم من توكيل محامٍ ينوب عنهم.. وغيرها من الممارسات اللاقانونية واللاإنسانية.

في يوم التضامن مع معتقلي الرأي، نقول للمعتقلين في السجون السعودية إننا صوتكم في الوقت الذي تكتم فيه السلطات أصواتكم، ونقول: لن ننساكم.

ولسان حال المعتقلين: لنا مع الحرية لقاءٌ قريب!

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى