منع السفر التعسفي في السعودية: حين يتحوّل الوطن إلى سجنٍ واسع
“المنطق على ما يبدو وراء فرض حظر السفر هو: لماذا تضع الناس في السجن في الوقت الذي يمكنك إبقاءهم في سجن مفتوح؟”، يقول أحد الأكاديميين الممنوعين من السفر، تعليقاً على قرارات منع السفر التي تفرضها السعودية على مئات المواطنين.
ما يقوله الأكاديمي المحروم من حقه في مغادرة بلده صحيح، فالسلطات السعودية حوّلت البلاد إلى سجنٍ واسع تحتجز فيه المئات من المواطنين دون حقٍ قانوني.
جزءٌ من هؤلاء الممنوعين من السفر هم معتقلو رأي سابقاً، أطلقت السلطات السعودية سراحهم لتنقلهم من سجنٍ محدّدٍ إلى سجنٍ أوسع.
تنتهك السعودية بهذا الحظر المادة 13 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والتي تنص على أن لكلِّ فرد حقٌّ في مغادرة أيِّ بلد، بما في ذلك بلده، وفي العودة إلى بلده. كما تنتهك العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الذي ينص على أن لكل فرد مقيم بصفة قانونية في الدولة الحق في الانتقال، وفي اختيار مكان إقامته ضمن ذلك الإقليم، وحق كل فرد في مغادرة أي قطر بما في ذلك بلاده.
ويحظر الميثاق العربي لحقوق الإنسان، الذي تعد السعودية طرفًا فيه، الحكومات من حرمان المواطنين بشكلٍ تعسفي أو غير قانوني من حقهم في مغادرة البلاد.
وتفرض السعودية منع السفر على المواطنين لسنواتٍ طويلة تصل إلى عقود، وهذا انتهاكٌ صارخٌ لحرية المواطنين.
ويؤثّر منع السفر على حياة عشرات العوائل ويغيّر مسار حياة مئات المواطنين، حيث يُفرّق حظر السفر بين أفراد الأسرة الواحدة لسنوات، ويحطّم أحلام عشرات الشبان والشابات باستكمال تحصيلهم الأكاديمي أو بالسفر وتحصيل فرصة عمل مناسبة وغيرها من الطموحات.
وتلجأ السعودية إلى هذا الحظر في محاولةٍ لتكميم أفواه المواطنين وكتم أصواتهم، لا سيما الناشطين أو معتقلي الرأي، تجنّباً للفضائح التي يمكن أن يكشفها هؤلاء من الخارج.
ويطال منع السفر عائلات الناشطين ومعتقلي الرأي، ويعتبر هذا إجراءً تسعفياً آخر تنفّذه السعودية للأسباب عينها، فعلى سبيل المثال طال منع السفر 19 فرداً من عائلة المعتقل سلمان العودة، ويقول نجله عبدالله الموجود خارج البلاد أن السلطات السعودية حاولت استدراجه أكثر من مرة بحجة تجديد جواز سفره كي يمُنع من السفر.
هذا وفرضت السلطات أيضاً منع السفر على والدَي المعتقلة السابقة لجين الهذلول، وتقول أختها لينا أن هذا المنع فرّق أفراد أسرتهم حيث تعيش هي وأختها علياء وأخوها وليد في الخارج بينما تُحتجز لجين مع والدَيها في السعودية ويُمنَعون من السفر.
إن هذا الحظر يشكّل خرقاً للقانون السعودي نفسه الذي لا يسمح بفرض منع السفر إلا في حالات معيّنة، وينصّ القانون على ظروف محددة واستثنائية يمكن للقضاء أن يفرض فيها حظر السفر، وهذا في حالات الأشخاص المتورّطين في جرائم تهريب المخدرات وفي الحالات التي توجبها الإجراءات القضائية.
وتنص المادة السادسة من نظام وثائق السفر على أنه لا يجوز المنع من السفر إلا بحكم قضائي أو بقرار يصدره وزير الداخلية تتعلق بالأمن ولمدة معلومة، وفي كلتا الحالتين يبلغ الممنوع من السفر في فترة لا تتجاوز أسبوعاً من تاريخ صدور الحكم أو القرار بمنعه من السفر.
لكنّ عدداً كبيراً من المواطنين اكتشفوا أنهم ممنوعون من السفر في المطار أثناء مغادرتهم البلاد، وهذا مخالفٌ للقانون المحلّي، كما أن الجهة التي تفرض منع السفر هي أمن الدولة وهذا أيضاً مخالفٌ للقانون.