مقالات

الشيخ نمر باقر النمر: كلمة الحقّ الخالدة

هو عالمُ الدين الذي قاوَم السلطة الديكتاتورية وكسرَ حظراً تعسفياً على كلماته ليقول كلمة الحق عالياً دون خوف، ويُطالِب بحقوق شعبٍ مستضعفٍ ومضطهد. هو الشهيد الشيخ نمر باقر النمر.

وُلِد الشيخ النمر عام 1959 في العوامية ـ القطيف. درَس ودرّس العلوم الدينية، وكانَ من علماء الدين الذين حملوا على عاتقهم مسؤولية تثقيف المجتمع وتعريف المواطنين على حقوقهم، ولم ينفكّ يطالب عبر منبره كعالم دين إلى توحيد الصفوف وإيقاف بث أفكار التفرقة بين أبناء الوطن الواحد.

اعتُقل الشهيد النمر للمرة الأولى عام 2003 على خلفية إقامة صلاة الجمعة في العوامية، وبعدها في العام 2004 أثناء التحضير لفعاليات نشاط “البقيع.. حدث مغيّب”، كما اعتُقل في العام 2005 للسبب عينه.

وفي العام 2006 اعتُقل خلال عودته من البحرين بعد مشاركته في “مؤتمر القرآن الكريم”، ليُعاد اعتقاله عام 2008 ويُجبَر حينها على توقيع تعهّدٍ بعدم إلقاء الخطَب (خصوصاً خطبة الجمعة) والدروس.

لكنّ الشيخ كسَر هذا الحظر القمعي، واستهلّ خطاباته عام 2011 في الوقت الذي كان فيه العالم العربي يغلي على صفيح ربيعٍ ساخن. وكَي لا يبقى الشعب في الجزيرة العربية عاضاً على جراحه في ظلّ واقعٍ مريرٍ وحريّاتٍ مصادرةٍ وحقوقٍ مهدورة، تمحوَرت خطابات الشهيد الشيخ حول الحرية السياسية وحق الشعب بالحرية والعدالة والعيش الكريم.

في تلك الفترة، كان الحراك السلمي في القطيف قد انطلق، وجالَت المسيرات الشعبية في مختلف الشوارع كتحرّكاتٍ احتجاجية ومطلبية، وطالبَ المشاركون بالإفراج عن المعتقلين المنسيين، الذي مضى على اعتقالهم التعسفي ما يقرب من ثلاثة عقود، كما طالبوا بالإصلاح ورفع الظلم وإنهاء التمييز ضد أبناء هذه المنطقة.

ومع تصاعد وتيرة الاحتجاجات السلمية و ارتفاع عدد المشاركين، عمدت السلطات إلى قمعها بوحشية لاجئةً للعنف المفرط والاعتقالات العشوائية، والمداهمات التعسفية وإرهاب الأهالي، وإطلاق الرصاص الحي، وقد ارتقى عدد من الشهداء برصاص قوات الأمن.

بعد تحوّل المشهد إلى مشهدٍ دموي نتيجة تزايد العنف من قبل السلطات السعودية واستخدام أساليب القمع الوحشية، صعّد الشيخ النمر المطالب منادياً بالإصلاح السياسي وإنهاء الاستئثار بالسلطة وفتح الباب أمام المشاركة السياسية للمواطنين، رافضاً سياسة التمييز المكرّسة ومصادرة ثروات البلاد وتقييد الحريات. وأكّد الشيخ في جميع كلماته على أهمية مواصلة الحراك بشكله السلمي دون استخدام السلاح أبداً.

في الثامن من يوليو/تموز 2012، اعتُقِل الشيخ النمر واقتيد إلى السجن مصاباً بأربع رصاصاتٍ، ولم يُعالج الشيخ النمر بالشكل الكامل ولم يقدّم موظفو مستشفى السجن العلاج اللازم له، ما أدى إلى معاناته من ألمٍ مستمر، خصوصاً مع تأخير إزالة إحدى الرصاصات من ظهره إلى فترة ما قبل إعدامه.

وقد تخلّلت محاكمة الشهيد النمر عدّة انتهاكات أبرزها منعه من لقاء محاميه قبل المحاكمة، عدم تقديم الادعاء نسخة من التهم الموجهة للشيخ إلى فريقه القانوني ما حدّ من قدرتهم على إعداد دفاعٍ قويّ عنه، عدم قيام القاضي بإبلاغ فريق دفاع الشيخ نمر بتوقيت الجلسة أو إبلاغهم قبل الجلسة بيومٍ واحدٍ فقط، بالإضافة إلى تضمّن التهم الموجّهة إليه تهماً تتعلّق بتنفيذ أعمالٍ إرهابية، بينما التهم الحقيقية هي تهم تتعلّق بممارسته لحريّة التعبير.

في أكتوبر/تشرين الأول 2014 أقرّت المحكمة العليا عقوبة الإعدام للشيخ النمر، وتمّ تنفيذ الإعدام مطلع العام 2016، لتُفجّر جريمة إعدامه غضباً شعبياً عارماً واستنكاراً دولياً واسعاً.

في الذكرى الثامنة لشهادته، نعيد التذكير بأبرز مطالب الشيخ النمر:
• الإفراج عن المعتقلين تعسفياً
• العدالة وعدم التمييز بين المواطنين
• إصلاح النظام السياسي وتقبّل المعارضة
• المشاركة السياسية وصناعة المستقبل
• حرية الفكر والرأي والتعبير
• ترسيخ أهمية الاحتجاج السلمي
• رفع الاضطهاد عن الفئات المهمّشة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى