الشيخ حسن فرحان المالكي: العالِمُ الذي يدفعُ ثمن اعتداله
ربّما، لما يكن العالمُ المعتدل والشيخ الإصلاحي حسن فرحان المالكي يعلم أن آراءه المعتدلة ستكون سبب المطالبة بإعدامه. وربّما، كونه في بلدٍ يُقتَل فيه الإنسان كعقابٍ على رأيه، علِمَ وتوقَّع..
الشيخ المالكي هو أحد أكثر علماء الدين في السعودية اعتدالاً. نادى بالإسلام المعتدل واللّين، وحثّ الناس على الوحدة والتعامل بالأخلاق الحسنة في ما بينهم ذامّاً التفرقة والفتن الطائفية والتمييز الديني والعنصري.
اعتقلت السلطات السعودية الدكتور المالكي في 11 سبتمبر/أيلول 2017، دون أمرٍ قضائي، ضمن حملة الاعتقالات التعسفية التي قامت بها آنذاك وشملت عدداً كبيراً من المؤثرين وعلماء الدين والناشطين.
عام 2018 طالبت النيابة العامة بإعدامه ووجّهت إليه تهم مُفبركة وفضفاضة، أقلّ ما يُقال عنها إنها تهمٌ كيدية. وكان عدد التهم الموجّهة إليه 14 تهمة أبرزها:
• التعبير عن آرائه الدينية
• الخروج على ولاة الأمر
• اتّهام دول الخليج بتمويل التنظيم الإرهابي “داعش”
• حيازة كتب ممنوعة وتأليف كتب ونشرها
• الإشادة والتعاطف مع حركات المقاومة
حتى اليوم لم تتم المحاكمة النهائية للشيخ المالكي، وكان قد مُنِعَ من حضور الجلسات التي حصلت بين سبتمبر/أيلول 2018 ومارس/آذار 2020.
ومنذُ ذلك الوقت تأجّلت محاكمة الشيخ المالكي بعد انتشار جائحة كورونا، ولا تزال السلطات السعودية تماطل في محاكمته، وقد قامت بتأجيل الجلسات 16 مرة حتى الآن دون إصدار أي حكم.
إنّ كل آراء الشيخ المالكي كانت تصبّ في مصلحة الوطن والدعوة للوحدة بين الناس ورفض التفرقة. وهو حينما عرض آراءه إنّما كان هدفه مشاركة العلم وتقديم المعرفة، المعرفة التي كان يدعو الجميع للبحث عنها وتحصيلها.
على الرغم من مزاعم محمد بن سلمان تبنّي الفكر المعتدل وبدء مسار الإصلاح في البلاد والعودة إلى الإسلام غير المتطرّف، فإنّ إجراءاته القمعية بحق علماء الدين المعتدلين تُثبِتُ العكس، وتؤكّد رفضه لكلّ رأيٍ يُخالف سياسته ووجهته.
تقاضي السعودية الشيخ المالكي على آرائه المعتدلة وتتهمه بالانفتاح في الوقت الذي تحيي البلاد فيه حفلاتٍ صاخبةٍ لم تشهد لها مثيلاً من قبل، فهل الانفتاح ممدوحٌ حين يتعلّق بالفن ومذمومٌ حين يتعلّق بالإصلاح والاعتدال؟