هل أنقذ بايدن القاصر “علي محمد النمر” من سيف إبن سلمان؟!
من الاطفال الذي لم يحكم عليهم ابن سلمان بقطع الرأس فقط بل وبصلبه ايضا
بإستثناء سجناء الجماعات التكفيرية التي خرجت من رحم العقيدة الوهابية، العقيدة الرسمية للسعودية، تتراوح تُهم باقي السجناء، وهم اما نشطاء او علماء دين او طلبة او اطفال او اقارب لمعارضين سياسيين، بين إبداء وجهة نظر، او نشر تغريدة ، او مشاركة في تظاهرة او مسيرة، إلا انهم يشتركون في أمر واحد وهو الاحكام القاسية التي صدرت بحقهم والتي لا تتلاءم مطلقا مع التهم الموجهة اليهم، كالاعدام بقطع الرأس والصلب والمؤبد.
الاستخفاف السعودي الصارخ بحقوق الانسان، والذي تكثف مع وصول محمد بن سلمان الى منصب ولاية العهد ، والذي بات اكثر بشاعة عندما تزامن مع دخول الرئيس الامريكي “دونالد ترامب” الى البيت الابيض، والذي اوجد ما يشبه الحصانة لإبن سلمان، واطلق يديه ليفعل ما يشاء، الى ان وصل الامر به ان طارد معارضيه في الخارج وقطع اوصلاهم وأذاب اجسادهم، واعتقل الاطفال وحكم عليهم بالموت بقطع الراس، في مقابل حصوله على ما يقارب الترليون دولار من الامير الغر، الذي ضغط ايضا على الفلسطينيين للقبول بصفقة القرن، وشجع الانظمة العربية الرجعية للتطبيع مع الكيان الاسرائيلي.
من الاطفال الذي لم يحكم عليهم ابن سلمان بقطع الرأس فقط بل وبصلبه ايضا، هو الطفل “علي محمد النمر” الذي اعتقل مع اثنين من رفاقه، وهم قصر (السابعة عشرة، والخامسة عشرة من أعمارهم)، في فبراير/ شباط 2012 بحجة المشاركة في الاحتجاجات في المنطقة الشرقية وحُكم عليه بالإعدام في مايو/أيار 2014، واعتبارا من 23 سبتمبر 2015 ينتظر التصديق على الحكم من قبل الملك “سلمان بن عبد العزيز”.
واكدت منظمات حقوقية دولية ان سبب اعتقال الطفل علي محمد النمر هو صلة القرابة التي تربطه رجل الدين الشيعي “نمر باقر النمر” الذي أعدمه إبن سلمان عام 2016 لمجرد خطاب انتقد فيه نظام ال سعود، فهو ابن شقيقه، حيث كشفت المنظمات الحقوقية الدولية، في تقاريرها، إن القاصر اجبر على التوقيع على محضر يدينه باتهامات ثقيلة في 2012، ليحكم عليه بعدها بـ”الإعدام والصلب”. ورفضت سلطات ال سعود نداءات وجهتها مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، ومنظمات دولية أخرى مدافعة عن حقوق الإنسان، مثل أمنستي، لإطلاق سراح علي النمر كونه اعتقل وهو قاصر، إلا أن الرياض كانت تصر على تنفيذ حكم الإعدام.
اليوم وبعد رحيل ترامب، ومجيء “جو بايدن” الذي بدأ بسياسة جديدة تختلف عن سياسة ترامب، عبر استخدام ورقة حقوق الانسان، فاذا بإبن سلمان ينقلب راسا على عقب، حيث بدأ بمراجعة الاحكام القاسية وغير الانسانية التي اصدرها ضد اناس ابرياء لم يشكلوا اي تهديد للنظام السعودي، ومن بينهم القاصر علي النمر، في محاولة لاستمالة بايدن، حيث ذكرت تقارير إعلامية ان السلطات السعودية تراجعت عن تنفيذ حكم الإعدام، في حق علي النمر، وإصدار أمر ملكي بتحويل العقوبة إلى سجن لمدة 10 سنوات، تنتهي خلال الأشهر القليلة المقبلة!!.
رغم ان هدف بايدن من استخدام ورقة حقوق الانسان ضد السعودية، لم يكن حرصا منه على حقوق الانسان السعودي، بقدر ما هو وسيلة لحلب السعودية بطريقة تختلف عن طريق حلب ترامب، فالملفات التي اغلقها ترامب من اجل المال، سيفتحها بايدن من اجل المال، وظهر ذلك جليا من تصريحات المتحدثة باسم البيت الابيض “جين ساكي” التي اكدت إن ادارة الرئيس الاميركي جو بايدن تتوقع أن تحسن الرياض سجلها في مجال حقوق الإنسان، ووصفت جريمة قتل الصحفي “جمال خاشقجي” بأنها جريمة مروعة وكررت عزم الإدارة الأميركية رفع السرية عن تقرير استخباراتي أمريكي عن الجريمة، يتهم ابن سلمان فيه صراحة باصدر الاوامر بقتل خاشقجي.
الشيء الملفت الذي يجب ان نتوقف امامه هنا، هو ان الانسان السعودي، تتوقف حياته على اهواء من يسكن البيت الابيض، اكثر مما هي متوقفة على اهواء ملوكهم وامرائهم. فرغم ان امراء ال سعود يحاولون الترويج على انهم حلفاء لامريكا، بينما التجربة التاريخية وخاصة تجربة الاعوام الاربعة الماضية، اكدت ان العلاقة بين الجانبين لا تتعدى علاقة السيد بتابعه، لذلك فإن كل الذين اعتقلهم ابن سلمان واعدمهم وعذبهم وجردهم من اموالهم ، ذهبوا ضحايا الظلم الامريكي، فقد كان بامكان ترامب ان ينقذهم بإشارة من اصبعه لإبن سلمان، بل ان الاخير ما كان ليفعل ما فعل لولا ضوء اخضر من ترامب. فإذا اطلق ابن سلمان صراح بعض السجناء او خفف عنهم العقوبة اليوم بإشارة من بايدن، تُرى كيف يمكن لامريكا ان تعوض عوائل ضحايا من قطع ابن سلمان رؤوسهم بالسيف في عهد ترامب؟!!. وهم ضحايا ما كان يحق لابن سلمان سجنهم لشهر واحد ناهيك عن اعدامهم.