مقالات

مكافحة الفساد.. بطولة لابن سلمان ام تصفية للمعارضة

أصدر ملك السعودية، في الأيام الأخيرة، أوامر بإقالة عدد من كبار المسؤولين الحكوميين في قطاعي الأمن والخدمات، في إشارة إلى خطة الحكومة لإطلاق مرحلة جديدة من حملة مكافحة الفساد.

أفادت وسائل إعلام رسمية، الأربعاء، بأن الملك سلمان أقال خالد بن قرار الحربي، مدير الأمن العام، وأمر بتوجيه الاتهام إليه بالفساد.

واتهم الحربي، إلى جانب 18 آخرين في القطاعين الخاص والعام، باختلاس الأموال العامة والتزوير والرشوة وإساءة استخدام السلطة. وفي أمر آخر، أصدر ملك السعودية “سلمان بن عبدالعزيز” مرسوما ملكيا بإقالة رئيس الشؤون الخاصة للحرمين الشريفين.

علاج ابن سلمان بالصدمة الاقتصادية:

منذ تولي محمد بن سلمان منصب ولي العهد الجديد للسعوديين في عام 2017، اتبعت السلطات السعودية برنامجًا طموحًا للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي يسمى رؤية 2030، يهدف إلى تنويع مصادر الإيرادات الحكومية وتقليل الاعتماد على مبيعات النفط، وشن حملات على الفساد.

في الجولة الأولى من الحملة في يناير 2017، تم سجن عدد من الأمراء ورجال الأعمال السعوديين الأثرياء في فندق يسمى ريتز كارلتون، وحسب وسائل إعلام سعودية، تم تحصيل أكثر من 106 مليارات دولار من التحقيق في فساد المتهمين.

أعلنت الجولة الجديدة من حملة مكافحة الفساد التي ينظمها التنظيم أنها تمكنت من إعادة 290 مليون ريال (270 مليون دولار) إلى الخزينة. في سبتمبر 2019، بدأت جولة جديدة من الحملة بتصريحات لمازن الخميس، الرئيس الجديد لهيئة مكافحة الفساد في السعودية، الذي قال إنه تلقى تعليمات بالتركيز على إنهاء الفساد ومتابعة الموضوع بتقرير شهري مع ولي العهد نفسه. ودافع ابن سلمان عن حملة مكافحة الفساد واصفا إياها بـ “العلاج بالصدمة”.

شهد الاقتصاد السعودي تراجعا في الدخل وارتفاع عجز الموازنة في السنوات الأخيرة بسبب هبوط أسعار النفط والتكاليف الباهظة للحرب اليمنية والأزمة الاقتصادية الناجمة عن تفشي كورونا.

على الرغم من أن الرياض لديها خطة رؤية 2030 لمعالجة مشكلة الاعتماد على عائدات النفط، فقد تخلفت السعودية عن جيرانها في الموافقة على خطط اقتصادية طويلة الأجل.

في عام 2008، على سبيل المثال، أعلنت البحرين والإمارات وقطر عن خططها الوطنية لعام 2030، وبعد ذلك بعامين انضمت إليها الكويت.

الآن في خضم وضع اقتصادي سيء، يخفض السعوديون الإنفاق الحكومي من خلال الانضباط المالي ومحاربة الفساد لتعزيز خطط رؤية 2030، إلى جانب تدابير مثل بيع جزء من أسهم أرامكو أو محاولة جذب المستثمرين الأجانب.

مع استمرار الحكومة في معالجة الفساد في الهيكل البيروقراطي كجزء من برنامج الإصلاح الشامل للمملكة، يتم إجراء تغييرات على المؤسسات الحكومية، وخاصة تلك المكلفة بمكافحة الفساد. وأدت حملة مكافحة الفساد إلى اعتقال عشرات الأشخاص في الأشهر الأخيرة ومصادرة أموال غير مشروعة.

أنشأت هيئة مكافحة الفساد رقم هاتف مجاني للمواطنين للإبلاغ عن أي فساد. كما تم وضع لافتات في جميع أنحاء البلاد تحث الناس على الانضمام إلى حملة مكافحة الفساد. وتحتل السعودية المرتبة 51 من بين 180 دولة في مؤشر الفساد لمنظمة الشفافية الدولية.

وحسب محمد بن سلمان، في خطابه أمام مجلس الوزراء عام 2019، “يستهلك الفساد المستشري ما بين 5 و15 بالمئة من ميزانية الحكومة”.

على مدى عقود، كان هناك عاملان يغذيان الفساد في الهيكل الإداري والاقتصادي للسعودية: أولاً، الحكومة الغنية وعدم تجاوبها مع الشعب، وثانيًا، الانتهاكات العديدة لهيئاتها التنظيمية والرقابية. في السنوات الأخيرة، بدأ المسؤولون السعوديون التحقيق في العامل الثاني.

في ديسمبر 2019، ومن أجل تسريع حملة مكافحة الفساد، أصدر الملك سلمان مرسومًا ملكيًا جديدًا أعلن فيه عن إجراءات تنظيمية وهيكلية جديدة، بما في ذلك فعالية المؤسسات في عملية الإصلاحات الشاملة في البلاد ومكافحة الفساد لحماية موارد الحكومة.

في نوفمبر / تشرين الثاني 2020، أبلغ ولي العهد الأمير محمد مجلس الوزراء بإعادة 247 مليار ريال (66 مليار دولار) إلى خزينة الدولة في السنوات الثلاث الماضية نتيجة حملة مكافحة الفساد. وأفاد تقرير نُشر لوسائل الإعلام في وقت سابق من هذا الشهر أنه تم اعتقال 48 شخصًا، من بينهم 18 موظفًا بوزارة الدفاع تلقوا رشاوي بقيمة 327 مليون دولار.

تصفية حسابات سياسية بذريعة مكافحة الفساد:

ولكن إضافة إلى الأهداف والأسباب الاقتصادية للشروع في جولة جديدة من حملة مكافحة الفساد في السعودية، فإن واقعًا آخر يُعرف بجهود محمد بن سلمان لتعزيز قاعدة سلطته في الداخل كان دائمًا مرتبطًا بحملته لمكافحة الفساد. بصفته الحاكم الفعلي للسعودية، يبدو أن الأمير محمد يدمر آثار المعارضة الداخلية بكل مقوماتها الرئيسية، من وزارة الدفاع إلى الاقتصاد.

القمع الأولي للمعارضة وترهيب أبناء العمومة الأقوياء مثل الأمير الوليد بن طلال الملياردير الشهير، والأمير متعب بن عبد الله وزير الحرس الوطني، والأمير تركي بن ​​عبد الله أمير الرياض السابق، إلى جانب شخصيات مثل عادل فقيه، وزير الاقتصاد السعودي الأسبق التوجيري، والرئيس السابق للديوان الملكي ورجال الأعمال البارزين مثل وليد إبراهيم وصالح كامل وبكر بن لادن، كانت إحدى نتائج الجولة الأولى من حملة مكافحة الفساد.

وكان من بين ضحايا الحملة المناهضة شخصيات بارزة أخرى، مثل قائد القوات المشتركة الأمير فهد بن تركي العضو الملكي البارز، ونجله عبد العزيز بن فهد نائب أمير منطقة الجوف الشمالية. – حملة فساد. لكن في الجولة الجديدة، تستهدف الحملة نطاقًا أوسع من مسؤولي الدفاع، من مسؤولي البلديات إلى الصحة والبيئة، لإرسال رسالة قوية مفادها أن “هناك قائد واحد فقط”.

في غضون ذلك، تم نشر العديد من التقارير الإعلامية حول الحياة الثرية والمزدهرة للغاية للعائلة المالكة، وخاصة محمد بن سلمان، خلال السنوات التي قضاها وليًا للعهد، مما يلقي بظلال من الشك على طبيعة دوافع ولي العهد لمكافحة الفساد. لذلك، يعتقد الكثيرون أن الهدف الأساسي من الحملة هو تصفية المسؤولين غير الموالين بدرجة كافية للحكام الحاليين، ومن خلال مصادرة ممتلكاتهم، سيتم تقديم صورة محمد بن سلمان كمكافح للفساد إلى المجتمع والدولة، وستتم مساعدة الخزينة في خضم الركود الاقتصادي الحاد.

في وقت سابق من هذا العام، حذرت منظمة هيومن رايتس ووتش من أن محاكمة المتهمين “غير عادلة” في النظام القضائي السعودي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى