تقارير متفرقةمقالات

تساهلٌ فاضح مع الإهمال المتعمّد في السجون

خلال العام المنصرم، فضحت جائحة كورونا الإهمال في السجون السعودية. سريعاً انتشرت أخبار انتقال العدوى لعشرات المعتقلين نتيجة احتجازهم في غرف واحدة مع مصابين بالمرض.

في مايو/أيار من العام 2021 توفي المعتقل زهير علي شريدة بعد تفاقم حالته الصحية السيئة إثر إصابته بفيروس كورونا في سجن الحائر بالرياض، حيث تم احتجازه مع عدد من المصابين بالفيروس دون أن يعرف بإصابتهم.

وفي إهمالٍ متعمّدٍ آخر، قامت إدارة السجن بإعطاء زهير وسجناء آخرون لقاح كورونا في وقت إصابتهم به، بعكس الإرشادات الطبية. ينصّ دليل “حقوق الإنسان والسجون” الصادر عن الأمم المتحدة على أنه لا يجوزإخضاع أي سجين لأي تجارب طبية أو علمية قد تضر بصحته، حتى ولو كان ذلك بموافقته.

 نُقل زهير إلى المستشفى بعد تدهور حالته، حيث مكث ما يزيد عن شهر حتى وفاته. لم تعرف أسرته أي أخبار عن مرضه، وحُرموا من أي زيارات أو اتصالات معه منذ فبراير/شباط 2021، ليتسلّموا جثته في اليوم التالي لوفاته.

قبل أشهرٍ من وفاته، كان زهير و30 معتقلاً آخر قد أعلنوا الإضراب عن الطعام احتجاجاً على مضايقات يتعرّضون لها شملت احتجازهم في جناحٍ واحدٍ مع المرضى النفسيين ومن يعانون من اضطرابات عقلية.

هذا الإهمال المتمثّل باحتجاز معتقلي الرأي مع مرضى نفسيين عرّض الدكتور محمد القحطاني لاعتداءٍ جسدي أثناء نومه، من قِبل أحد المعتقلين الذين يعانون اضطرابات عقلية.

الدكتور محمد القحطاني كان أيضاً من ضمن المعتقلين الذين نُقِل إليهم فيروس كورونا نتيجة حجزهم في جناح المصابين، وعمِدت إدارة السجن بعدها إلى عزله دون السماح لأهله بالإطلاع على حالته والاطمئنان إلى أنه يتلقّى العلاج اللازم. وكان الدكتور القحطاني قد عانى كذلك من مشكلة صحية تفاقمت نتيجة حرمانه من المتابعة الطبية.

ونتيجة الإهمال واللامبالة التي يُعامَل بها المعتقلون، توفّي الدكتور موسى القرني في السجن، بعد تعرّضه لاعتداءٍ وحشي من قبل مجموعة مساجين، ولم تعلّق إدارة السجن أو السلطات السعودية على الحادثة.

وكان الدكتور القرني قد عانى من التعذيب القاسي داخل السجن، وتعرّض لجلطة دماغية في مايو/أيار 2018، فوفّرت له إدارة السجن حينها أدوية خاطئة قبل أن يُنقل بعدها إلى مستشفى الأمراض العقلية، بقصد الإضرار بسمعته العقلية وتقديمه على أنه يعاني من اضطرابات عقلية.

في يناير/كانون الثاني من العام، 2019 توفي المعتقل أحمد العماري الزهراني بسبب نزيف في الدماغ، بعد تعرُّضه للتعذيب في سجن ذهبان.

الدكتور عبدالله الحامد هو أحد ضحايا الإهمال أيضاً، الحامد كان بحاجة لإجراء عملية بشكل عاجل، إلا أن إدارة المستشفى أخّرت العملية ولم تسمح له بالبقاء، حتى أصيب بسكتة دماغية في السجن ودخل في غيبوبة، ثم توفّي بعدها في أبريل/نيسان من العام 2020.

حالات الوفاة الناتجة عن التعذيب الوحشي تزايدت في الأعوام الأخيرة، ولم تتخذ السلطات السعودية أي إجراءات لإيقاف هذه الجرائم.

غرف الحجز الانفرادي تحكي قصصاً إضافيةً عن الإهمال في السجون السعودية. يُحتجز بعض المعتقلين في الزنزانة الانفرادية لفتراتٍ طويلة قد تصل إلى شهور، دون الأخذ بعين الاعتبار الأثر الكارثي لهذا الحجز على الصحة النفسية والعقلية.

تنتهك السعودية حقوق السجناء بالرعاية الطبية والصحية، فبحسب المبدأ التاسع من “المبادئ الأساسية لمعاملة السجناء” الصادرة عن الأمم المتحدة، ينبغي أن تُوَفَّر للسجناء سبل الحصول على الخدمات الصحية المتوفرة في البلد دون تمييز على أساس وضعهم القانوني.

هذا على الصعيد الصحي والطبي والنفسي، لكنّ الانتهاكات التي تقوم بها السعودية بحق السجناء لا تقتصر على هذا الجانب، فإن حقوق السجناء بأغلبها ـ إن لم تكن كلها ـ مهدورة ومُنتَهَكة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى