تقارير متفرقةمقالات

تسعيرة خيالية للمخالفات المرورية.. حتى الصحف الرسمية استنكرتها!

أجرت الإدارة العامة للمرور تعديلاتٍ شملت أنظمة المرور، ومن ضمنها جداول المخالفات لتشمل جميع فئات المخالفات.

وتصل قيمة المخالفات بحد أقصى إلى 10 آلاف ريال سعودي، أي ما يعادل2500  دولار، وهو ما لا يتناسب مع دخل المواطنين، خاصة ذوي الدخل المحدود، وكذلك العاطلين عن العمل.

إن نظام المخالفات لا يختلف على ضرورته اثنان، ولكن يجب أن يتزامن مع تأهيل الطرقات بدءاً بالناحية الفنية وثانياً بالشاخصات المناسبة التي توضح للسائق المسموح من عدمه بحسب الشارع. وثالثاً يجب أن تتناسب قيمة المخالفات مع الوضع المعيشي للمواطنين، أي مراعاة أحوال الناس لا سيما ذوي الدخل المحدود والعاطلين عن العمل، وإيجاد آليات تمكّن الجميع من تسديد مخالفاتهم بسلاسة حتى لا تثقل تلك المخالفات كاهل المواطنين.

فنظام المخالفات المرورية هو بالمحصّلة إجراءات إصلاحية وليست عقابية أو قمعية، ولا ينبغي أن تُعامَل معاملة الرسوم والضرائب.

ومن هذا السياق يبدو واضحاً أن القائمين على نظام المخالفات المرورية قاموا بتعديلاتهم دون دراسة ومن غير مواءمة تلك المخالفات مع حالة الطرق ومدى تأهليها.

ومن ناحية أخرى لم تراعي الجهات التي أقرّت التعديلات المرورية الوضع المعيشي للمواطنين، ولم تفكر كيف سيتمكّن الفقراء من تسديد تلك الغرامات المرتفعة.

بالنظر إلى دول الجوار نجد أن هناك نظاماً صارماً ومرناً في آن واحد، وقيماً مرتفعة للمخالفات، لكنها تتناسب مع دخل المواطن، ومن جهة ثانية فإن الطرق مؤهلة بطريقة مثالية.

إضافة إلى ذلك تقدّم الجهات المرورية المختصة في تلك الدول برامج تسديد مخالفات ميسّر للجميع، إما بالتقسيط أو بإجراء حسوماتٍ كبيرة عند الدفع خلال فترة معينة، وتصل حد إصدار عفوٍ كامل عن المخالفات المرورية.

فلماذا لا تستفيد الجهات المرورية السعودية من تجارب دول الجوار المتقدمة، وتقتدي بها لتنال ثقة المواطن؟

سؤالٌ يجيب عليه أحد المواطنين في معرض تعليقه على التعديلات الأخيرة، حين قال: “يظهر أن اللجان التي تحدّد قيم المخالفات المرورية لديهم معلومات غير دقيقة عن دخل الناس وقدراتهم المالية، ويظهر أنهم يقيَّمون الناس بمستواهم، فمخالفة بسيطة غرامتها 1000 و2000 ريال. وهي تعادل دخل أسرة لمدة شهر! نحن مع النظام والانظباط ولكن لا تضطرون الناس إلى الحيل!”.

حتى الصحف الرسمية التي تطبّل للنظام وتغطّي على انتهاكاته، لاحظت أن المخالفات المرورية ومن وضعها تفضح قصور الرؤية لدى المسؤولين.

وأصبح كتّاب تلك الصحف يقدّمون مقترحات وحلول لتلطيف حدة المخالفات المرورية وقسوتها على المواطن، ويتمنّون على السلطات مراعاة الناس وأخذهم بالحلم والرحمة فكثيرون ليس بمقدورهم تسديد المخالفات التي تراكمت، لأنهم لا يملكون مصادر دخل.

وبالعودة إلى ربيع عام 2022، فيما يتعلّق بالمخالفات المرورية، نلاحظ قراراً اتخذته السلطات السعودية، أمهلت فيه الناس بضع أيام قليلة لسداد مخالفاتهم المرورية (15 يوماً فقط) مهدّدةً أنه إذا لم يتم التسديد ضمن المهلة تقوم السلطات بالحجز على حسابات المواطنين البنكية لتقتطع ما تشاء من حساباتهم!

فهل باتت حسابات المواطنين الخاصة والسرية مشاعاً للسلطة من خارج إطار القانون؟

أسلوب البلطجة هذا، يوضح حقيقة ما يعانيه المواطن في السعودية جرّاء السياسات الحكومية الخاطئة، والطرق المتعجرفة في التعاطي مع الناس دون مراعاة لأحوالهم، كأنهم أداةٌ للجباية وتحصيل الأموال، الأمر الذي يزيد من حجم الهوة ما بين السلطة من جهة والشعب من جهة ثانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى