تقارير خاصةمقالات

الشيخ النمر.. شعلة الحرية التي لن تنطفئ بالإعدام

في وقتٍ كان العالم العربي يغلي على صفيح ربيعٍ ساخن، كان الشعب في الجزيرة العربية  يعضّ على جراحه صابراً على واقعٍ مريرٍ وحريّاتٍ مصادرةٍ وحقوقٍ مهدورة. حتى ظهر رجلٌ من شرق البلاد، اسمه نمر باقر النمر.

الشيخ نمر النمر (1959 ـ 2016)، من مواليد العوامية، درس ودرّس العلوم الدينية، وكان من أبرز علماء الدين الذين رفعوا أصواتهم للمطالبة بالإصلاح ورفع التمييز الطائفي واضطهاد المواطنين، وإيقاف بث الكراهية بين أبناء الوطن الواحد.

اعتقلت السلطات السعودية الشيخ النمر عام 2003 للمرّة الأولى على خلفية إقامة صلاة الجمعة في العوامية، وبعدها في العام 2004 أثناء التحضير لفعاليات نشاط “البقيع.. حدث مغيّب”، كما اعتُقل في العام 2005 للسبب عينه. أما في العام 2006 فقد اعتُقل خلال عودته من البحرين بعد مشاركته في “مؤتمر القرآن الكريم”، وفي العام 2008 اعتُقِل الشيخ النمر وأُجبِر على التوقيع على التعهّد بعدم إلقاء الخطَب (خصوصاً خطبة الجمعة) والدروس.

عام 2011 كسر الشيخ النمر الحظر الذي فرضته السلطات على خطبه، واستهل خطاباته بالحديث عن الحرية السياسية وحق الشعب بالحرية والعدالة والعيش الكريم. وكانت في تلك الفترة قد قامت عدة تحركات احتجاجية ومطلبية، وانتقلت مسيرات شعبية في القطيف تطالب بالإفراج عن المعتقليين لا سيما المنسيين (الذي مضى على سجنهم أكثر من عقدين) ونادت بالإصلاح المعيشي. ومع تصاعد وتيرة الاحتجاجات السلمية وعدد المشاركين، عمدت السلطات إلى قمعها بشتى الأساليب الوحشية والاعتقالات العشوائية، والمداهمات التعسفية وإرهاب الأهالي، وإطلاق الرصاص الحي.

ومع تزايد العنف من قبل السلطات السعودية واستخدام أساليب القمع المستبدة، صعّد الشيخ النمر المطالب منادياً بالإصلاح السياسي وإنهاء الاستئثار بالسلطة وفتح الباب أمام المشاركة السياسية للمواطنين، ورافضاً سياسة التمييز المكرّسة ومصادرة ثروات البلاد وتقييد الحريات.

اعتُقل الشيخ النمر في الثامن من يوليو/تموز 2012، واقتيد إلى السجن مصاباً بأربع رصاصاتٍ في رجله. في مارس/آذار من العام 2013 حكم القضاء السعودي، ممثلاً بالقاضي عمر عبد العزيز الحصين في المحكمة الجزائية المتخصصة بالإعدام تعزيراً على الشيخ النمر، ونُفّذ الحكم مطلع العام 2016 في الثاني من يناير/كانون الثاني، لتُفجّر جريمة إعدامه غضباً شعبياً عارماً.

وقد كان للشيخ النمر كلمة فصل حين دعا إلى عدم التظاهر في إحدى الليالي في سبيل حماية المتظاهرين وإفشال مخطط القوات الأمنية التي كانت تخطط لقمع التظاهرات بوحشية وعنفٍ، وأثبت حينها تمسكه بالسلميّة والخطاب الواعي ، وسعى إلى زيادة الوعي السياسي وتعريف المواطنين على حقوقهم وأهمية نيل الحريات وعدم السكوت على ظلم الحاكم، وتقديم التضحيات في سبيل تحقيق هذه الاهداف

ويمكن تلخيص أبرز مطالب الشيخ النمر بالآتي:

  • الإفراج عن المعتقلين تعسفياً
  • العدالة وعدم التمييز بين المواطنين
  • إصلاح النظام السياسي وتقبّل المعارضة
  • المشاركة السياسية وصناعة المستقبل
  • حرية الفكر والرأي والتعبير
  • ترسيخ أهمية الاحتجاج السلمي
  • رفع الاضطهاد عن الفئات المهمّشة

سيبقى الشيخ النمر ايقونة لاحرار الجزيرة العربية للمطالبة بالإصلاح والتغيير، ورمزاً بارزاً صدح بالكلمة الشجاعة في وجه الحاكم الظالم والنظام المستبد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى