تقارير خاصةمقالات

تغييرٌ جديد يعتمده ابن سلمان في السعودية.. ما دلالاته وأهدافه؟

منذ تولّي محمد بن سلمان منصب ولي العهد، ومهام الملك فعلياً، وضع نصب عينيه هدفاً واحداً، وهو تغيير صورة السعودية، ومن أجل هذا الهدف جنّد كل أدواته، أبعدَ كل ما قد يذكّر بالسعودية التي لا يريدها، تخلّص من الأفكار والأشخاص، واستخرَج أفكاراً جديدة وأشخاصاً بديلة، واعتمد سياساتٍ فاجأت الداخل والخارج.

شيءٌ واحدٌ بقيَ ثابتاً على الرغم من محاولات الطمس، سيفُ القمع الذي تُشهِرهُ العائلة الحاكمة منذ عقود، لم يزل مرفوعاً بوجه كل المواطنين، وزادت حدّته ووطأته، يحكي عنه كل العالم بينما تحاول السلطات السعودية إخفاءه بحفلٍ هنا أو مباراة كرة قدمٍ هناك، لكنها لم تنجح، وبقيَ أثير السيف المسلول أقوى من بريق الانفتاح المزيّف.

هذا على ما يبدو ما دفع بن سلمان لاعتماد سياسات جديدة حتى على صعيد القمع وانتهاك حقوق الإنسان، وهذا ما تبيّن من عمليات الإعدام الأخيرة، التي حملت مدلولَين أساسيين:

  • الحقيقة الأولى التي ظهرت بعد الإعدامات المتلاحقة على فتراتٍ قصيرة، هي أنّ السلطات أدركت أن عمليات الإعدام الجماعية (على غرار تلك التي ارتكبتها في مارس 2022) ستؤدي إلى ضجة دولية وعالمية خطيرة، وستزعزع صورتها مجدداً وتعرّضها لسلسة تنديداتٍ واستنكارات واسعة، لذا قررت اعتماد أسلوب الإعدام الفردي. 
  • الحقيقة الثانية التي ظهرت بعد الإعدامات الخمسة الأخيرة، (أنور العلوي، حسن آل مهنّا، حيدر مويس، محمد مويس وأحمد آل بدر) هي أنّ السلطات باتت تعتمد نهجاً جديداً مبنياً على التحايل، أي أنّها ستمتنع عن إصدار أحكام الإعدام بشكلٍ علني (وقد لا تجري المحاكمة أصلاً)، وبامتناعها عن إصدار الأحكام ستتجنّب الحملات التي ستشنّ ضدها تضامناً مع المحكومين، وسيصبح صعباً على المنظمات الحقوقية تحديد عدد المحكومين بالإعدام ومعرفة أسمائهم، وهي بهذا تسعى لأن لا يُحدث الإعدام الفجائي صدمةً وضجّة، معتمدةً على كون المعتقلين مجهولين بالنسبة للناس والمنظمات.

هذا التغيير الذي طرأ على تعامل السلطات مع عمليات الإعدام لهُ دلالاتٌ خطيرة بدوره، فهو يؤكد إصرار العائلة الحاكمة على نهج القمع والاستبداد، ويغلق كل آفاق التغيير الحقيقي. ما يحاول بن سلمان فعله هو تجزئة مظاهر القمع ، سعياً لجعلها تتلاشى بين كثرة الأخبار والعناوين.

والأخطر هو سياسة التعتيم التي باتت السلطات تعتمدها، والتي تهدف إلى قطع كل ما يربط المعتقلين بالعالم الخارجي، في محاولةٍ لطمس معالم الجريمة وتخفيف وقعها.

في ظل تواصل سلسلة الإعدامات المفاجئة، بات لزاماً على المجتمع الدولي أن يتحرّك بشكلٍ عاجل، منعاً لاستمرار تنفيذ هذه الجرائم المتفرّقة، والتي لن تتوانَى السلطات عن مواصلة تنفيذها إذا لم تجد رادعاً حقيقياً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى