عيدٌ باهتٌ آخر يقضيه معتقلو الرأي وأهاليهم
داخل غرفٍ مظلمةٍ موحشة، سيصلّي معتقلو الرأي صلاة العيد كلٌ على حِدة. على جدارٍ صلب، يسجّل أحد المعتقلين عدد الأعياد التي قضاها خلف القضبان، يجلس صبيحة كل عيد ويستذكر أفراد عائلته فرداً فرداً. تلتصق في ذاكرته آخر مرة اصطحب فيها ابنه وطفلته لشراء ملابس العيد، يتنهّد ويدعو الله أن يكون هذا آخر عيدٍ له هنا.
حُرِم المعتقلون من العيد ظلماً، وكذا حُرِموا من الحجّ إلى بيت الله، البيت الذي لا يبعد عنهم سوى كيلومترات، تفصلهم عنه قضبانٌ غليظة أغلقت بوجههم دون ذنبٍ أو تهمة.
في الخارج لا يبدو العيد أكثر بهجة، فالبيوت التي تفتقد أحد أفرادها لا تعرف طعم فرحة العيد. يجلس الأطفال بحزنٍ قرب نوافذ المنزل، يتأمّلون حماس الصبية والفتيات بينما يمسكون أيدي آبائهم وأمهاتهم ويتجوّلون. من يُمسكِك أيدي أبناء معتقلي ومعتقلات الرأي؟
أهالي المعتقلين والمعتقلات لم يملّوا الدعاء، يكرّرون نجواهم صبح مساء، يتأملون صور الغائبين في السجون السعودية ظلماً، وفي قلوبهم أمل بأنهم سيكونوا قربهم في العيد المقبل.
هكذا يطلّ العيد على معتقلي ومعتقلات الرأي وأهاليهم، باهتاً ساكناً.
ويساهم استبداد السلطات السعودية في سلب العيد بهجته، عبر التضييق على المعتقلين وحرمانهم من زيارات أهلهم والاتصال بهم يوم العيد، وهذا يشكّل انتهاكاً لحق السجناء بالاتصال بذويهم، وهو حقٌ منصوصٌ عليه في النصوص الدولية. (دليل حقوق السجناء الصادرة عن الأمم المتحدة).
قد لا يكون هذا العيد آخر عيدٍ يقضيه الأهل بلا أبنائهم والأطفال بلا أمهاتهنّ وآبائهنّ، ففي ظلّ الأحكام التعسفية التي تُصدِرها السلطات، سيقضي معتقلو الرأي سنواتٍ وسنوات في السجن، وتضيع أعمارهم وأعمار ذويهم بسبب نهج القمع والاستبداد ومصادرة الحقوق والحريات.
ندعو السلطات السعودية لاستغلال مناسبةٍ كعيد الأضحى المبارك، لإعادة النظر جدياً في سياساتها القمعية التي تعتمدها مع الشعب، والتي لن تؤدي سوى إلى غضب الشعب واستيائه والتفرقة بين أفراده، كما ندعو إلى الإفراج عن جميع معتقلي ومعتقلات الرأي وإسقاط كافة التهم الزائفة الموجّهة لهم، كي يُتاح لهم أن يتمتعوا بحقهم في الحياة بين أبنائهم وأهاليهم، وتؤكد اللجنة على أهمية إيقاف كل الانتهاكات الحاصلة لحقوق المواطنين وحرياتهم.