تقارير خاصةمقالات

معتقلو الرأي في السعودية.. محطات ومراحل: المحاكمة

كثيرة هي التقارير الحقوقية التي تقول إن القضاء في قبضة العائلة الحاكمة، وهذا ما يوضح سبب الانتهاكات الجسيمة التي تحصل داخل القضاء، وفي المحاكم على أنواعها داخل السعودية.

فلا يمكن لقضاءٍ ما، أن يكون عادلاً وشفافاً إذا لم يكن مستقلاً بالكامل، فكيف إذا كان هو نفسه وسيلة الحاكم لتثبيت حكمه وتصفية الخصوم السياسيين.

يعاني المواطنون في السعودية من حكم نظامٍ ديكتاتوري، يقمع بوحشية عبر أذرعه الأمنية وعيونه الإلكترونية كل من يخالفه الرأي.

فكيف يستهدف هذا النظام البوليسي المواطنين؟ وما هي المراحل التي يمرّ بها معتقلو الرأي؟

المرحلة السادسة من “مراحل الاعتقال”، السلسلة التي أطلقتها لجنة الدفاع عن حقوق الإنسان.

أما أبرز الانتهاكات التي تحصل في القضاء أو يتجاهلها القضاء فهي:

  • إصدار أحكام غريبة كالسجن لعقود من الزمن
  • إعتقال الآلاف ومنهم شيوخٌ وأطفال ونساء بسبب التعبير عن الرأي
  • وفاة العديد داخل مراكز الاحتجاز والتحقيق، بسبب القمع والتعذيب الوحشي
  • الحكم بالإعدام على عدد من المعتقلين ظلماً على الرغم من أن قضيتهم حقوقية أو بسبب التعبير عن الرأي، كما حدث مع الشهيد الشيخ نمر النمر والنشطاء الشباب، الذين شاركوا في الحراك الشعبي والمظاهرات السلمية، وقد وُصِفت تلك الأحكام بأنها تصفية سياسية لكل النشطاء والإصلاحيين.

ودائماً ما تُثير أحكام القضاء السعودي الريبة في المؤسسات الرسمية ومنها النيابة العامة، والقضاء الذي اعتاد على إصدار أحكامٍ متشددة جداً ودموية كأحكام الإعدام بحق أشخاص لم يعتدوا على أحد ولم يقتلوا أحداً، وإنّما بسبب التعبير عن الرأي فقط والمطالبة بالحقوق ومعارضة فساد واستبداد العائلة الحاكمة.

محاكماتٌ صوريّة تفتقد لأبسط معايير العدالة، إضافة إلى الأحكام الجائرة والمطوّلة التي تصدر ضد البعض أو تطالب النيابة العامة بإيقاعها على آخرين، لمجرّد ممارسة حقهم الطبيعي في التعبير عن الرأي.

وتُجمِع المنظّمات الحقوقية من خلال تقاريرها الدورية، على أن القضاء التابع للنظام السعودي ما يزال يفتقر لأدنى المعايير القانونية والجنائية في تعامله مع ملف معتقلي الرأي، ورغم مزاعم ولي العهد محمد بن سلمان، مطلع فبراير/شباط 2021، تطوير المنظومة التشريعية وتحسين النظام الجزائي، إلا أن هذا الادعاء لم ير النور.

وما تزال تجاوزات القضاء تتكشّف تباعاً بحسب المعلومات التي ترد إلينا، حيث تماطل السلطات في محاكمة عدد كبير من معتقلي الرأي، وتؤجّل محاكمات البعض دون ذكر أسباب أو مبررات. كما حصل مع محاكمة الشيخ سلمان العودة التي تأجّلت لقرابة ثلاث سنوات، كما هو الأمر ذاته مع المعتقل الشيخ حسن فرحان المالكي، الإعلامي زهير كتبي، الشيخ عباس المازني والشيخ سمير الهلال.

ويرى مراقبون أن المماطلة بمحاكمة معتقلي الرأي الذين يعانون من الاحتجاز التعسفي الطويل، تتم بشكلٍ ممنهجٍ وبدوافع انتقامية تهدف من خلالها إلى تغييبهم عن الرأي العام ومحاولة كسر إرادتهم وصمودهم.

وتُعتبر المماطلة المتعمّدة في محاكمة المعتقلين خرقاً صريحاً لنظام الإجراءات الجزائية، كما جاء في مادته رقم 114 التي تنص على أن “لا تزيد مدة التوقيف على ثلاثين يوماً، ولا يزيد مجموعها على مائة وثمانين يوماً من تاريخ القبض على المتهم، يتعين بعدها مباشرة إحالته إلى المحكمة المختصة أو الإفراج عنه”.

ولا يزال كثير من المعتقلين في الحبس منذ سنوات من دون محاكمة، من بينهم المعتقل عبد الرحمن فرحانة والكاتب طراد العمري والدكتور مبارك بن زعير وأحمد المغسل

والشيخ عبدالمجيد الأحمد وغيرهم كثيرون.

وتخالف السلطات السعودية عدداً من قوانينها في نظام الإجراءات الجزائية، بدوافع الانتقام من معتقلي الرأي والناشطين، وتصفيتهم بطرقها الوحشية بعيداً عن المساءلة القانونية.

تمنع السلطات بشكلٍ متعمّدٍ المتّهمين من الاتصال بمحامين، لا سيما معتقلي الرأي، وهو ما يشكل خرقاً فاضحاً للعدالة، ويعتبر انتهاكاً لحق المعتقلين بتوكيل محامين صادقين للدفاع عنهم.

أما النيابة العامة، فأكثر ما تتقنه هو المطالبة بإنزال عقوبة الإعدام بحق المعتقلين بقضايا التعبير عن الرأي أو الاحتجاجات المطلبية والسلمية.

وتبقى السلطات في دائرة الاتهام الحقوقي والدولي، في وقتٍ تصرّ فيه على تصفية معتقلي الرأي والتنكيل بهم، من خلال التحايل على القانون والتلاعب بالأحكام القضائية، وإصدار أحكام تعسفية تصفّي من خلالها السلطة حساباتها مع المعارضين والمعبّرين عن الرأي والمفكرين.

المحاكم السرية

لعل أوّل الأسئلة التي تتبادر إلى الذهن عند قراءة هذا العنوان هو: هل هناك محاكم سرية بالفعل؟

تقول المنظّمات الحقوقية المحليّة والدولية، إن المحاكم السريّة ضد معتقلي الرأي والأكاديميين والكتاب والمفكرين تعدّ جريمةً إنسانية لا ينبغي السكوت عنها، حيث لا يُسمَح لهم بتوكيل محامٍ، أو حضور لجنة دولية تراقب المحاكمة أو ذوي المعتقل، وتركّز المحكمة على التهم الملفّقة غالباً، أو التهم التي تُنتزع تحت التعذيب.

وبهذا، تعدّ المحاكمات السرية من الجرائم التي تورّط بها النظام السعودي ضد معتقلي الرأي، ولا ينبغي السكوت أو التهاون عنها، فهي ظلمٌ بحق المعتقلين، وتعدٍ على حقوق الإنسان، وخرق للبنود والاتفاقيات العالمية والمحلية.

وقد توفّي العديد من الناشطين والمعتقلين داخل معتقلات السلطات السعودية، بسبب تأجيل محاكماتهم والإهمال الصحي المتعمّد، وجرّاء التعذيب الجسدي الذي لاقوه خلف القضبان.

ومن بين الذين وافاهم الأجل داخل زنازين الاعتقال: عبدالله الحامد، موسى القرني، وحمد الصالحي، وكذلك العديد من الناشطين والمعبّرين عن أصواتهم الحرة.

وما زال خطر الموت يلاحق معتقلي الرأي داخل المعتقلات، ومن بين الذين يلاحقهم الموت بسبب الإهمال المتعمد والتعذيب الجسدي، محمد الخضري، سفر الحوالي، سعود مختار الهاشمي، وعائدة الغامدي وغيرهم الكثير ممن ينتظرون محاكمتهم.

كل هذا يُثبت أن المحاكمات التابعة للقضاء السعودي فاسدة ومسيسة بالكامل، ومرتبطة بالديوان الملكي مباشرة، حيث يجري هناك تصدير الأحكام وفق مصلحة العائلة الحاكمة ومن خارج إطار القانون.

تُطالب اللجنة السلطات السعودية بـ:

  • كفّ يدها عن القضاء ليكون قضاءً مستقلاً غير مسيس
  • تحقيق العدالة وإصدار أحكام نزيهة مبنية على أدلّة قانونية
  • إجراء محاكمات علنية وشفافة وهذا حقٌ من حقوق المعتقلين
  • السماح للجان الدولية وأهالي المعتقلين بحضور المحاكمات
  • السماح للمعتقلين بتوكيل محامٍ مستقل غير تابع للحكومة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى