تقارير خاصةمقالات

معتقلو الرأي في السعودية.. محطات ومراحل: قضاء مدة المحكومية

ربما تتشابه أو تتطابق ظروف معتقلي الرأي، المحكومين وغير المحكومين، الذين يقبعون داخل سجون النظام السعودي فالمعاملة السيئة واحدة.

وبالإضافة إلى أن هناك الكثير من معتقلي الرأي محتجزون منذ سنوات، ويقبعون داخل السجون دون محاكمة أو دون توجيه تهم محددة لهم، فإنهم يتعرّضون لأبشع الانتهاكات والتعذيب والتضييق داخل السجون على يد مجموعة مجرمة متخصّصة في فنون التعذيب، تنضوي تحت عباءة السلطات الرسمية.

يعاني المواطنون في السعودية من حكم نظامٍ ديكتاتوري، يقمع بوحشية عبر أذرعه الأمنية وعيونه الإلكترونية كل من يخالفه الرأي.

فكيف يستهدف هذا النظام البوليسي المواطنين؟ وما هي المراحل التي يمرّ بها معتقلو الرأي؟

المرحلة السابعة من “مراحل الاعتقال”، السلسلة التي أطلقتها لجنة الدفاع عن حقوق الإنسان.

تعدّدت روايات معتقلي الرأي عن الانتهاكات المستمرّة في المعتقلات، غير أنها جميعاً تقاطعت حول المعاناة والتعذيب الذي يتعرّض له معتقلو الرأي على يد سجانيهم.

ناهيك عن أن سجون النظام السعودي وفق المنظمات الحقوقية والدولية، تبعث على القلق فيما يخص البنية التحتية المتهالكة وقلة الصيانة وتردي المرافق الصحية، إلى جانب محدودية تمكين السجناء من ممارسة الرياضة اليومية، أو استنشاق الهواء النقي.

إن أوضاع المعتقلين وذويهم لا تزال تزداد سوءاً بسبب الإهمال المتعمّد واستخدام مختلف أساليب الضغط والتعذيب التي يتكبّد نتائجها كل من المعتقلين وذويهم، حيث تفرض سلطات السعودية سلسلة من الإجراءات القاسية التي لا تنتهي، من فنون التعذيب والإذلال والتنكيل والسبّ والشتم والازدراء التي يتعرّض لها المعتقل داخل السجن.

وفي موازاة ذلك، تعاني عوائل معتقلي الرأي من سياسات الترهيب التي تنتهجها سلطات النظام، لا سيما سياسة الإخفاء القسري وانقطاع أخبار المعتقل عن ذويه. ففجأة يحدث أن يتوقف معتقل الرأي عن الاتصال بذويه كما كان يفعل كل أيام أو كل أسبوع مثلاً، ليدخل الأهل في حالة من الخوف الشديد والقلق، أما السبب وراء ذلك هو مزاجية السجانين، وكذلك الأمر يحدث في الزيارات، فكثير من العوائل وصلوا السجن بتصاريح رسمية، لكنهم مُنعوا من رؤية أبنائهم دون أسباب أو سابق إنذار.

ولا يُسمح للكثير من العوائل مقابلة ذويهم لفترات طويلة في السجن، بعضهم يصل إلى سنوات طويلة، مثل الشيخ سمير الهلال الذي اعتُقل في ديسمبر/كانون الأول 2015 وإلى الآن لم يفتح له باب الزيارة إطلاقاً.

وهناك المئات من الذين انقطعت أخبارهم، وجميعهم موقوفون بتهم سياسية على خلفية التعبير عن الرأي، بينهم نخب مثقّفة وأسماء لها بصمتها الإيجابية في المجتمع.

كذبة كبرى: المنظمات الحقوقية التابعة للنظام

كثيراً ما تصل شكاوى عوائل وأهالي المعتقلين إلى ما يسمى الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان وإلى ما يسمى أيضاً بهيئة حقوق الإنسان، عن التجاوزات التي تحدث في السجون فتكتفي تلك المنظّمات التابعة للنظام بترقيم تلك الشكاوى والاعتراف بها في جداول التقارير السنوية، دون أن يكون لها موقف، بل تأخذ دور محامي الدفاع عن انتهاكات النظام المستمرة.

وهذا تحديداً ما فعتله هذه الجمعيات حين برّرت جريمة النظام الجماعية والمجزرة التي راح ضحيتها 41 معتقل رأي في مارس/آذار 2022.

هذا وأكدت وثائق وتقارير المنظّمات الحقوقية تفاقم المعاناة التي يعيشها معتقلو الرأي في سجون النظام السعودي.

منظّمة “لانش جود” الحقوقيّة قالت في تقرير إن “المعتقلين السياسيين المسجونين ظلماً في السعودية، عانوا خلال شهر رمضان السابق من ممارسات قذرة تنفّذها إدارات السجون”. وأوضحت أن هؤلاء يواجهون مشقّة لا مبرّر لها كظروف السجن القاسية، والحرمان من الصلاة الجماعيّة، والكتب بأنواعها الثقافي والديني، وزيارة الأسرة.

ومن بين الممارسات السيئة للسلطات في شهر رمضان، ضد المعتقلين السياسيين في السجون، الوعود بالإفراج عنهم في العيد، ما يرفع آمال المعتقلين وعائلاتهم. لكن في الواقع، يستمر النظام باحتجازهم لسنوات دون تهمة، فضلاً عن زيادة مدة العقوبة.

خطر الموت يلاحق معتقلي الرأي

على الرغم من إنكار السلطات، تقدّر المنظمات الحقوقية الدولية عدد معتقلي الرأي في السعودية بالآلاف، وجميعهم يواجهون خطر الموت داخل سجون وأقبية التحقيق، إمّا لكبر سنهم أو نتيجة الإهمال الطبي المتعمّد أو التعذيب الوحشي.

وتكثر البراهين والدلائل والأمثلة على جرائم النظام بحق المعتقلين، ومنها:

  • في  أكتوبر/تشرين الأول 2021 قتل النظام أحد أبرز “إصلاحيي جدة”، الدكتور موسى القرني في زنزانته داخل سجن ذهبان.
  • في أبريل/نيسان 2020 توفّي المعتقل الدكتور عبدالله الحامد بعد مدة من دخوله في غيبوبة إثر تعرّضه لسكتة دماغية. الحامد كان بحاجة لإجراء عملية بشكل عاجل، إلا أن إدارة المتشفى أخّرت العملية ولم تسمح بإبقائه في المستشفى، حتى تعرّض لسكتة دماغية أدّت إلى وفاته.
  • في 21 يناير/كانون الثاني 2018، ارتقى حبيب يوسف الشويخات وهو أول شهيد داخل زنازين سجن المباحث في الدمام، بسبب الحرمان من العلاج على الرغم من معاناته الصحية، لإصابته بمرض عضال.
  • في يناير/كانون الثاني 2017، أثبتت علامات التعذيب على جسد الشهيد محمد الحساوي، ما تعرّض له من صنوف التعذيب على مدى أربع سنوات، داخل سجن المباحث في الدمام، مع غياب المحاكمة التي لم يُعرض عليها الحساوي أبداً.

السجون السعودية “فنادق خمس نجوم”

وفي إطار التضليل الإعلامي الممنهج، اعتمد النظام في السنوات الأخيرة سياسة قلب الحقائق من خلال إعلامه الرسمي بشكل مباشر، أو عبر استغلال الشبكات الكبرى التابعة له.

وتهدف الحلقات واللقاءات التي تعدّها تلك القنوات، إلى تلميع صورة سجون النظام والمعاملة السيئة التي تجري هناك، من خلال إجبار معتقلي الرأي، ممن أُطلِقَ سراحهم، على إجراء تلك المقابلات تحت التهديد والوعيد لهم ولعائلاتهم، ومن ثم تقديم معلومات مضللة عن أوضاع السجون والقول إنها أشبه بـ”فنادق خمس نجوم” من حيث الخدمات المقدمة والمعاملة الجيدة.

لكنّ الحقيقة التي وردت على لسان معظم معتقلي الرأي، وفي تقارير المنظمات الدولية وحتى المنظمات التابعة النظام نفسه، تؤكد أن هناك تجاوزات خطيرة جداً تجري بحق معتقلي الرأي، تبدأ من الإخفاء القسري ومنع الزيارات ومنع المحامين من التواصل مع المعتقلين، وصولاً للموت تحت التعذيب أو الموت نتيجة الإهمال الطبي.

تُطالب اللجنة بـ:

  • توفير ظروف إنسانية للمعتقلين، من ناحية المأكل والمشرب والملبس والمنامة.
  • تأمين العناية الصحية للمعتقلين بشكلٍ دوري.
  • التوقّف الفوري عن ممارسة كافة أشكال التعذيب ومن ضمنها الحبس الانفرادي.
  • تلقّي شكاوى المعتقلين وأخذها بعين الاعتبار.
  • السماح للمعتقلين برؤية ذويهم والاتصال بهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى