مقالات

صالح الشيحي: “كاتب البسطاء” الذي قتلته سلطات بلاده

“إحنا نتألّم يا أخي.. نتألّم من حقنا.. ساكتين.. هاذي مهي بلدنا؟ هاذي بلدنا.. عطونا حل يا أخي، مو حنّا مواطنينكم؟ حنا لو يصير شي بكرا بالبلد حنّا الي ندافع عنها، حنّا الي نبذل أرواحنا وعيالنا عشان هاذي بلدنا يا أخي.. هاذي بلدنا”.

هي كلمات الصحافي الراحل صالح الشيحي، الرجل الخمسيني الذي بدأ مشواره الصحافي وهو طالبٌ في الثانوية العامة.

اعتُقِل الشيحي عام 2018 بعد إطلالته الأخيرة في برنامج “يا هلا” على قناة روتانا خليجية، الإطلالة التي اتهم فيها بصراحةٍ الديوان الملكي بالفساد وانتهاك القانون وحرمان المواطنين من حقوقهم.

بعد اللقاء الذي جرى في 8 ديسمبر/كانون الأول 2017، اختفى الشيحي تماماً، ولم ينشر أية مقالات أو تغريدات، حتى تم إعلان اعتقاله في 3 يناير/كانون الثاني من العام 2018.

شكّل اعتقاله صدمةٍ للصحافيين والمواطنين والمؤسسات الحقوقية، وارتفعت أصوات المطالبين بالإفراج عنه والمستنكرين للقمع الذي يتعرّض له الصحافيون في السعودية.

في فبراير/شباط صدر حكمٌ بسجن الشيحي خمس سنوات يليها منعٌ من السفر للمدة نفسها، بتهمة “القدح والإساءة إلى الديوان الملكي والعاملين فيه”.

في 19 مايو/أيار 2020 أطلقت السلطات السعودية سراح الشيحي فجأةً، بعد تدهور صحّته ليتوفّى في 19 يوليو/تموز، أي بعد شهرين من إطلاق سراحه فقط.

ضجّت وسائل التواصل حينها باسم صالح الشيحي، واتّهم الناشطون السلطات السعودية بقتله مؤكدين أنه عانى من الظروف السيئة والإهمال الطبي المتعمد في السجن، والذي أدى إلى تدهور حالته الصحية.

ولم يستبعد البعض أن تكون السلطات قد سمّمت الشيحي بطريقةٍ ما أدّت إلى موتٍ بطيء.

وشبّه الناشطون الحادثة بحادثة مقتل الصحافي جمال خاشقجي، وأشاروا إلى أن السلطات أطلقت سراح الشيحي لتُبعِد أصابع الاتهام عنها.

هذه الفرضية لا يمكن استبعادها، خصوصاً وأن تداعيات مقتل خاشقجي كانت ما زالت تتفاعل حينها، ولم تكن الحكومة السعودية مستعدةً للخوض في أزمة جديدة مماثله.

وما أثار المزيد الشكوك هو تغريدة نشرها الشيحي بعد إطلاق سراحه بيومين، ومضمونها متناقضٌ مع آرائه والخطاب الذي يتبناه، وهذا ما طرح فرضية أن يكون حسابه مصادراً أو أن يكون قد تعرّض للتهديد والضغوطات.

هذه الوفاة ليست الأولى من نوعها، فنتيجة الإهمال الطبي المتعمّد الذي تمارسه السلطات السعودية توفّي العشرات من المعتقلين في سجونها.

على الحكومة السعودية إيقاف كافة الانتهاكات التي تمارسها بحق السجناء وتأمين الرعاية الطبية والصحية اللازمة بما يضمن سلامة المعتقلين والحفاظ على حياتهم، كما يجب محاسبة كل المسؤولين عن حالات الوفاة التي تحصل في السجون.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى