اليوم الوطني السعودي: الشعب بحاجة لمقوّمات الوطن الحقيقي
حدّدت العائلة الحاكمة يوم 23 سبتمبر/أيلول من كل عام يوماً وطنياً تفرض على المواطنين الاحتفال به. وتحيي الذكرى الثالثة والتسعين على هيمنة عائلة آل سعود على البلاد وسيطرتها على الحكم تحت اسم “المملكة العربية السعودية”.
وحوّلت الحكومة السعودية الذكرى إلى مناسبة للاحتفال، وجعلت من المناسبة مهرجاناً تروّج خلاله لإنجازاتها المزعومة ولواقع البلاد الذي تحاول إظهاره كواقعٍ مزدهرٍ ومشرق.
لكنّ قراءة الواقع في السعودية تشير إلى أن ما يحتاج إليه المواطنون هناك ليس احتفالات ومهرجانات، بل هم بحاجةٍ إلى مقوّمات الوطن الحقيقي، والتي تجعل من حياتهم في أرضهم حياةً كريمة ينعمون فيها بحقوقهم.
يفتقر المواطنون في السعودية إلى الكثير من حقوقهم ومقوّمات الحياة المستقرة في الوطن، ويواجهون واقعاً معقداً وصعباً. يمكن تلخيص أبرز ما يواجهه الشعب في السعودي بهذه العناوين:
قمع ممنهج وحريات مُصادَرة
منذ أعوام تمارس الحكومة السعودية سياسة قمعية تجاه المواطنين، وتفرض قيوداً صارمة على حرية الرأي والتعبير، كما تخضع الصحافة لرقابة متشددة تمنع وسائل الإعلام من اتباع أي خطٍ غير الخط الذي يرسمه النظام.
هذا وتعرّض المتظاهرون أثناء الحراك السلمي بين عامي 2011 و2012 لقمعٍ وحشي تخلّله استخدام العنف المفرط الذي أدى لسقوط عدد من الضحايا والجرحى.
إجراءات تعسفية
يتعرّض المواطنون في السعودية للاعتقال التعسفي والاستدعاء للتحقيق بشكلٍ دوري لأسباب تتعلّق بآرائهم السياسية أو الدينية، كما يتعرّض الناشطون والمؤثرين لمضايقات كثيرة ويُجبَر العشرات منهم على توقيع تعهدات بإيقاف كافة نشاطاتهم.
أحكام دموية
يُصدِر القضاء السعودي المسيّس بشكلٍ فاضح أحكاماً تعسفية بحق معتقلي الرأي تصل لحدّ أحكام الإعدام الدموية، وقد نفّذ النظام السعودي مئات عمليات الإعدام اللاقانونية مخالفاً النصوص الدولية والاتفاقيات والمعاهدات المتعلّقة بحقوق الإنسان.
وتنفّذ السلطات السعودية أحكام الإعدام بحق معتقلي الرأي، المعتقلين بتهم تتعلق بالمخدرات، المعتقلين بتهم جنائية، والمعتقلين بتهم تتعلّق بالإرهاب. ويعدّ تنفيذ حكم الإعدام بحق معتقلي الرأي إجراءً تعسفياً مخالفاً للقوانين ويعدّ انتهاكاً لحرية الرأي والتعبير والحق في الحياة، كما يخالف تنفيذ الإعدام للمتهمين بجرائم المخدرات القوانين الدولية والمحلية كون هذه الجرائم لا تعدّ من الجرائم الأشدّ خطورة والتي تستدعي الإعدام.
تهجير قسري
في الأعوام الأخيرة نفّذت السلطات السعودية عمليات الإخلاء القسري اللاقانونية وهدمت عشرات الأحياء في مناطق مختلفة، وقد نتج عن هذه العمليات تشرّد مئات الأُسَر وآلاف السكان في الوقت الذي لم يحصل معظمهم على تعويضٍ كافٍ.
وقد تخلّل تنفيذ عمليات الإخلاء انتهاكات واسعة منها عدم تبليغ الأهالي قبل مدة كافية، واستخدام العنف أثناء الإخلاء، وقد راح أكثر من 30 مواطناً ضحية عمليات الإخلاء غير القانونية.
استئثار بالسلطة
تستأثر العائلة الحاكمة بالسلطة منذ عقود، وقد استولى آل سعود على الحكم بالقوّة والاستبداد، وحتى اليوم ما زالت سياسة القمع هي النهج الذي تعتمده العائلة الحاكمة لضمان بقائها في الحكم.
ويُحرَم الشعب في السعودية من حقهم في المشاركة السياسية وصناعة القرار في بلادهم، ويُجبَرون بحسب الدستور على القبول بأفراد العائلة الحاكمة ومبايعتهم، وتمارس السلطات القوّة والتهديد بحق المواطنين الذين يحاولون معارضتهم أو توجيه النقد لهم.
إحتكار الثروات
منذ عقود وضعت العائلة الحاكمة يدها على ثروات البلاد وسلبت الشعب حقه، وتبلغ ثروة العائلة الحاكمة أرقاماً خيالية، ويعيش أفرادها في غنى فاحش وترف وبذخ، بينما يعاني الشعب من الفقر والتضخم الاقتصادي والبطالة.
أمام هذا الواقع يبدو أن الاحتفال باليوم الوطني هو جزء من مشروع محمد بن سلمان لتشتيت الأنظار عن معاناة الشعب في ظل النظام الديكتاتوري السائد، إن الشعب في السعودية يحتاج إلى وطنٍ آمن ينال فيه حقوقه، وإلى حكمٍ يُشارك المواطنون فيه ليكونوا جزءاً لا يتجزأ من عملية صناعة القرار وإدارة البلاد.