تقارير خاصةمقالات

“إجادة” تنهب أموال المواطنين.. هذه ليست رقابة!

منذ عامين تقريباً، ارتفعت الأصوات المطالِبة بإعادة النظر بسياسة عمل “إجادة”؛ المبادرة التي أطلقتها وزارة الشؤون البلدية والقروية للقيام بدور الرقابة البلدية على المؤسسات والمنشآت، وبحسب ما تزعم الوزارة فإن الهدف هو تطبيق أفضل المعايير المهنية والارتقاء بالمستوى الرقابي وتحسين جودة الحياة في المدن، لكنّ عمل “إجادة” على أرض الواقع يكشف حقائق مختلفة.

عند البحث عن “إجادة” في محرّك البحث “غوغل” سيظهر لك عددٌ من المقالات التي تتناول هذا الموضوع، اللافت هو ثلاثة مقالات في في صحفٍ مؤيدة للحكومة السعودية (كل الصحف السعودية عليها أن تتبع الخط الحكومي وليس ثمة صحف غير مؤيدة للحكومة)، وعلى غير العادة لا تتضمّن هذه المقالات مديحاً أعمى ولا تمجيداً، بل تسمّي الأمور بمسمّياتها وتطرح مشكلة المواطنين مع “إجادة”.

هذه المقالات أكّدت المؤكد: ثمة خللٌ في آلية عمل “إجادة”.

كيف تعمل “إجادة”؟

تراقب “إجادة” عبر موظفين تابعين لها المنشآت، وتقيّم مدى التزام هذه المنشأة بالمعايير المهنية، وتقوم عند رصد أي مخالفة بفرض غرامة جزائية على صاحب المنشأة.

إنّ هذا العمل في أصله مطلوبٌ ومحمود، لكنّ الخلل يكمن في آلية التطبيق والمعايير المُعتمدة، ففي الوقت الذي تتطلّب فيه بعض المخالفات إنذاراً بسيطاً تُعالَج على إثره المشكلة، يقوم موظفو إجادة بفرض غرامات كبيرة تفوق في كثيرٍ من الأحيان دخل المنشأة، وهذا ما يوضح سبب إقفال عددٍ كبير من المنشآت في الآونة الأخيرة.

“المشكلة مراقبين البلديات والعمل والتجارة كأنك عدو لهم، خطأ بسيط غرامة عشرين ألف ريال. غرامتين بالسنة تروح تشحذ”، يقول أحد المواطنين تعليقاً على عمل “إجادة”.

إنّ هذه الغرامات المرتفعة يعود ضررها في نهاية المطاف على المستهلك نفسه، فصاحب المحل الذي يضطر لدفع غرامة ضخمة، سيحاول تعويض خسارته برفع الأسعار، وبهذا يكون المستهلك متضرراً من عمل “إجادة” وليس مستفيداً!

أبرز المشاكل

يمكن تلخيص أبرز الملاحظات على برنامج “إجادة” وآلية عملها بالآتي:

  • فرض غرامات بدون إنذار مسبق أو تنبيه
  • عدم وضوح الاشتراطات
  •  ضعف برامج التوعية لأصحاب المنشآت
  • رصد مخالفات غير موجودة في الاشتراطات واللوائح البلدية
  • توافر مكان واحد فقط للاعتراض
  • مزاجية المراقبين وأسلوبهم القاسي
  • ربط المخالفات بمزايا ومكافآت المراقبين

من المآخذ على برنامج “إجادة” أيضاً هو مساهمته السلبية بانهيار عددٍ لا بأس به من المنشآت، بالإضافة إلى إفشال منشآت أخرى قبل إبصارها النور، وهذا يُعتبر نقطةً سوداء في الوقت الذي يجب على الحكومة فيه العمل جاهدةً لدعم المشاريع وأصحاب المنشآت، وليس العكس. (برنامج إجادة ليس برنامجاً حكومياً رسمياً لكنه مرخص من قبل الحكومة).

هذا الإغلاق القسري لعددٍ من المؤسسات يفاقم أزمةً أخرى هي أزمة البطالة. سلسلة الأزمات هذه تتعارض مع خطة “رؤية 2030” المزعومة، والتي تتضمن وعوداً بخلق آلاف فرص العمل ودعم المشاريع الاقتصادية وتحقيق اقتصادٍ مزدهر ومتنوّعٍ وبناء مجتمع حيوي.. وغيرها من الوعود المشكوك في مدى قدرة الحكومة الفعلية على الوفاء بها وتحقيقها.

هكذا إذاً تعارَض الهدف الأساسي من إيجاد “إجادة” مع التطبيق العملي في أرض الواقع، ففي حين كان الهدف حماية المستهلك وتطبيق المعايير السليمة؛ بدا من التطبيق أن الهدف هو تصيّد أخطاء المواطنين وسلبهم أكبر مبالغ ممكنة، وهذا ما أدى إلى خسارة العشرات من المواطنين لمنشآتهم، بالإضافة إلى هروب المستثمرين.

ونحن لا نقول أن الحلّ هو بالتسيّب وانعدام الرقابة، بل الحلّ يكمن في مراجعة آلية تطبيق برنامج إجادة وسدّ ثغراتها، وهذا يحدث عبر توضيح الاشتراطات والمخالفات والغرامات وإحاطة أصحاب المحلات بها، وتنبيه المواطنين قبل فرض الغرامة، وإعادة النظر في مبالغ الغرامات.

جديرٌ بالذكر أن عمل “إجادة” تعرّض للانتقاد والملاحظات حتى من جهاتٍ رسمية، وعلى الرغم من هذا لم تحصل بعد أية خطوات فعلية للحلّ والتحسين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى