مقالات

العدالة القضائية: حقٌ مفقودٌ في السعودية

إحدى أبرز مشاكل القضاء السعودي هي أنه قضاءٌ مسيّسٌ بالكامل، وهي مشكلةٌ تؤثّر على أهم ركنٍ من أركان القضاء: العدالة.

يخضع القضاء السعودي لإملاءات وتوجيهات “الملك” و “ولي العهد” بشكلٍ كبير، ولا يمكن اعتباره قضاءً مستقلاً أبداً، وهذا يطعن في قانونية وشرعية الأحكام التي تصدر عنه.

العدالة القضائية كمصطلحٍ تعني أن يكون القضاء منصفاً بحق المواطنين بشكلٍ عادلٍ دون تمييز أو انحيازٍ لطرفٍ على حساب طرفٍ آخر، ودون اعتبارٍ للانتماء الديني أو العرقي. ومن أركان العدالة القضائية أن ينال المواطنون محاكمةً عادلة ونزيهة وعلنية، دون أن يكون القضاء المُحتَكمُ إليه قضاءً مسيّساً.

وتضمن العدالة القضائية أن يُحفَظ لكلّ شخصٍ الحق في الدفاع عن نفسه، فيكون الجميع سواسية أمام القانون، دون أن يُحرَم أحدٌ من أي حقٍ تنصّ عليه العدالة القضائية.

إن المهمة الأساس للقضاء هي ضمان تطبيق القانون. والأهم هو تطبيقه على أُسس العدالة بلا تحيّزٍ أو تدخلات سياسية، أي أن يكون مستقلاً لا مسيّساً. وإلا فإنه سيتحوّل لأداةٍ تحرّكها السلطة الحاكمة كما تشاء، وهذا ما يعني انتفاء صفة العدالة عنه، أي أنه سيغدو قضاءً غير صالحٍ لأن يحتكم الناس إليه.

وهذا حال القضاء السعودي. قضاءٌ مسيّسٌ ينطق باسم الحاكم ومصلحته لا باسم القانون والعدالة.

إنّ مشكلة القضاء السعودي لا تقتصر على كونه قضاءً غير مستقل، بل بالاستنسابية التي يُحكَم على أساسها. وبكلماتٍ أوضح، إنّ القاضي الذي يحكم في قضية معتقل رأيٍ على سبيل المثال، لا يقدّم حكماً عادلاً وموضوعياً، لأن محاكمات معتقلي الرأي تنطوي على عدد كبير من الانتهاكات التي تطعن العدالة القضائية في صميمها، وأبرز هذه الانتهاكات:

  • حرمان المعتقلين من الحق في الدفاع عن أنفسهم
  • حرمان المعتقلين من توكيل محام
  • عدم إبلاغ المعتقلين وفريقهم القانوني بموعد المحاكمة
  • الاعتماد على تهم موجّهة للمعتقلين دون إثبات
  • عدم التحقيق في كيفية تحصيل الاعترافات من المعتقلين
  • إصدار أحكام تعسفية بحق المعتقلين بناءً على انتماءاتهم وآرائهم

في ظلّ هذا الوضع، وفي سبيل أن نُنجِزَ أولى خطوات التحوّل إلى قضاءٍ عادلٍ في السعودية، تطالب اللجنة بـ :

أوّلاً: فصل القضاء عن السياسة ومنع كافة أشكال التدخل في عمل القضاة لضمان أن يكون القضاء قضاءً مستقلاً

ثانياً: الالتزام بالقوانين والمعاهدات الدولية ومواثيق حقوق الإنسان ومحاسبة كل قاضٍ يحكم بغير ما ينصّ عليه القانون وتقتضيه العدالة

ثالثاً: محاسبة كل مسؤولٍ عن حرمان المعتقلين من حقوقهم القانونية المنصوص عليها في القوانين الدولية والمحلية على حدٍ سواء

وبهذا نكون قد خطينا الخطوات الأولى في درب تحقيق العدالة القضائية والقانونية في بلادنا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى