المنسيون: 28 عاماً من الظلم خلف القضبان
منذ أيام، تسرّبت أخبارٌ تفيد بأنه تم نقل المعتقلين المنسيين من سجن المباحث العامة في الدمام إلى سجن الحائر في الرياض. هذا الخبر أعاد قضية المنسيين إلى الواجهة.
هم تسعة معتقلين قضوا حتى اليوم ما يقرب من ثلاثة عقود خلف قضبان السجون السعودية، اتُّهِموا جميعاً بالضلوع في تفجيرات الخبر 1996، على الرغم من أن تنظيم القاعدة قد تبنّى التفجير حينها، وقد أثبتت التحقيقات يومها ذلك، وأصرّت الحكومة السعودية آنذاك على تضليل التحقيق وتكذيب الحقائق وتوجيه أصابع الاتهام إلى جهة أخرى غير الجهة الحقيقية المسؤولة عن التفجير، وقد أثبت عدد من التقارير بالتفاصيل والأسماء والتواريخ سير التحقيق حينها، وكيف حرَفت السعودية هذا المسار.
حتى اليوم لم تتم محاكمة عدد من المنسيين، وبعضهم حُكٍم بالسجن المؤبد وقد مرّ على سجنه حتى اليوم أكثر من 25 سنة.
كانت قضية المنسيين الشرارة الأولى التي أشعلت انتفاضة الكرامة الثانية، فقد طالب الأهالي بإطلاق سراح المنسيين بعد السنوات الطويلة من الاعتقال التعفسي، ولكنّ السلطات تجاهلت هذا المطلَب وكل المطالب الأخرى، وواصلت احتجاز المنسيين ليكون هذا العام هو عامهم الثامن والعشرين.
من هم المنسيون؟
هاني الصايغ، ابن مدينة سيهات في القطيف. عام 1996 توجّه الصايغ إلى كندا بعد تقديمه طلب اللجوء السياسي، ولتبرّر السعودية اعتقاله وهو خارج البلاد لفّقت له تهمة المشاركة في تفجيرات الخبر. أوقِف الصايغ في كندا وجرت تحقيقات مكثفة معه أثبتت براءته، ثم تم نقله إلى الولايات المتحدة بطلبٍ سعودي، وجرى التحقيق معه وأثبتت براءته أيضاً. لكنّ تآمراً مشتركاً بين السعودية والولايات المتحدة أدّى إلى تسليمه لسلطات بلاده حيث اعتُقل وما زال.
مصطفى القصّاب، ابن مياس في محافظة القطيف. كان القصّاب خارج البلاد أيضاً عند وقوع التفجير، وكان موجوداً في لبنان تحديداً، وقد شهد سكان المنطقة التي كان يقطن فيها أنه كان في تلك الفترة موجوداً ويمارس حياته الطبيعية هناك ولم يختفِ لأي مدة. اختُطِف عام 1997 أثناء وجوده في لبنان وسُلِّم للسلطات السعودية، ولم يعلم عنه أهله شيئاً ولم يُبلَغّوا باعتقاله إلا بعد مرور عامين.
عبدالكريم النمر، كان النمر قد عاد إلى السعودية عام 1994 بعد اتفاقٍ مع الحكومة لإطلاق سراح المعتقلين السياسيين وتسوية أمور المعارضين، وعلى الرغم من هذا أُجريَ معه بعد عودته تحقيقاً مطوّلاً استغرق شهوراً سبعة. عام 1996 اعتُقِل ثم أُطلِقَ سراحه، ليُعاد اعتقاله عام 1999 وتُلَفَّقَ إليه تهمة التورّط في تفجيرات الخبر.
عبد الله الجرّاش، اتُهم بالتورط في التفجير، ولم تقدّم السلطات أي أدلّة تُثبت التهمة الموجّهة إليه، حتى أنها حرمته من حقه بتوكيل محامٍ للدفاع عنه. بعد اعتقاله عام 1996، انقطعت أخباره لسنوات، ولم يعلم أهله عنه شيئاً، ليُنقل بعدها إلى سجن الدمام ويُسمح له بزيارات شهرية.
فاضل العلوي، ابن الجارودية في القطيف، لُفّقت له تهمة التورط بالتفجير على الرغم من أن اعتقاله حصل عام 1996 قبل التفجير بأربعة أشهر.
صالح الرمضان، علي المرهون ومصطفى المعلم، اعتُقلوا عام 1996 قبل التفجير أيضاً بثلاثة أشهرٍ تقريباً. وصالح هو أصغر المعتقلين وعمره كان عند اعتقاله 18 عاماً، أما علي ومصطفى فكانا بعمر 19 و21 عاماً. وهم أبناء قريةٍ واحدة هي الجارودية في القطيف.
حسين آل مغيص، ابن قرية البحاري في القطيف، هو الآخر سُجن ظلماً ولٌفّقت له التهم زوراً، فحسين قد اعتُقل في أبريل/نيسان 1996 أي قبل شهرين ونيّف من وقوع التفجير. بعد 17 عاماً من اعتقاله، تبلّغ أهله صدور حكم السجن المؤبد بحقه.
حتى اليوم يكون قد مرّ 28 عاماً على الاعتقال التعسفي وغير المبرر للمنسيين، فهل تنتظر السلطات السعودية انتفاضة أكبر لتُطلِق سراحهم وسراح العشرات من معتقلي الرأي الذين تحتجزهم ظلماً أيضاً؟