مقالات

العدالة الاقتصادية: حقٌ مفقودٌ في السعودية

يقوم جوهر العدالة الاقتصادية على عدم حصر الثروة والسلطة في أيدي قلّة من أفراد المجتمع، لأن هذا التركّز يعني انعدام العدل والإنصاف في الحصول على الفرص والموارد.

إن واحدة من المشاكل التي نعاني منها في السعودية هي انعدام العدالة الاقتصادية، مع ما يترتّب على هذه اللامساواة من تداعيات سلبية على المجتمع والأفراد. إذ لا يقتصر تأثير اللامساواة الاقتصادية على الجانب الاقتصادي من حياة الأفراد، بل يتعدّاه ليشكّل تهديداً للعدالة الاجتماعية أيضاً.

العدالة الاقتصادية تعني أن يكون لجميع المواطنين فرصٌ متساوية للحصول على وظيفة عمل، أو الاستفادة من موارد البلد وثرواته والاستثمار بما ينفع المواطن والمجتمع. ويؤكد مفهوم العدالة الاقتصادية على أهمية وجود المساواة ليس فقط في الفرص، بل بأسلوب التعامل مع كافة الأفراد داخل النظام الاقتصادي.

للأسف، تغيب العدالة الاقتصادية في السعودية حيث تستأثر العائلة الحاكمة بالنسبة الأكبر من ثروات الوطن وموارده، بالإضافة لاحتكارها السلطة وكافة الوظائف الرسمية المتعلّقة بالحكم. وبهذا يُغيّب دور المواطن في المشاركة في إدارة الحركة الاقتصادية في البلاد، بالإضافة إلى تغييب دوره في المشاركة السياسية، وبهذا يؤدي انعدام العدالة الاقتصادية إلى انعدام العدالة السياسية أيضاً.

إن من حق المواطنين في السعودية أن ينالوا فرصاً متساوية لنيل وظائف في كافة المجالات، كما من حقهم أن تتم حمايتهم عبر برنامجٍ حكوميٍ يساهم في توظيف المواطنين والخرّيجين، ويقدّم التعويض المناسب للعاطلين عن العمل، للحيلولة دون تدهور أوضاعهم المعيشية والاجتماعية.

في السنوات الأخيرة، تُهدر المليارات في السعودية على مشاريع بتنا قاب قوسين أو أدنى من إعلان فشلها، في الوقت الذي يُحرَم المواطنون من ثروات بلدهم ويعانون من البطالة وآثارها الاجتماعية القاسية، دون أن تقوم الحكومة بإطلاق حلولٍ واقعية لتحسين واقعهم.

ومن المشاكل التي يواجهها المواطنون على صعيد سوق العمل هو منافسة اليد العاملة الأجنبية، ويشكّل الأجانب نسبة كبيرة من العاملين في كافة المجالات، ما يؤدي إلى حرمان آلاف الخرّيجين من فرص العمل التي لديهم الكفاءة اللازمة لأدائها، لكن يتم تفضيل الأجانب عليهم لأسباب تتعلّق بالرواتب. وحتى اليوم لم تبادر الحكومة لحلّ هذه المشكلة التي تؤثر على آلاف المواطنين.

على الحكومة السعودية العمل بشكلٍ جدي وبخطواتٍ واقعية لتحقيق العدالة الاقتصادية للمواطنين، ما يضمن مجتمعاً حيوياً ومستقراً، ويحمي الأفراد من تداعيات اللامساواة الاقتصادية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى