السعودية: اعتقال المتسوّلين في سبيل إنماء الوطن!
بعد استفحال الفقر وانتشار مظاهره بشكل فاضح وفاقع، تحرّكت السلطات السعودية لتدارك الأمر وحلّ المشكلة، وبحسب “رؤية” الجهات المعنيّة، فإن أولى الخطوات على طريق الحل هي اعتقال المتسوّلين!
قد يظن القارئ أن المذكور أعلاه مزاحٌ ثقيل، لكنّ الحقيقة أن السلطات السعودية بدأت فعلاً حملة لمواجهة ظاهرة التسوّل، معتبرةً أن هذه المكافحة تتمّ عبر اعتقال المتسوّلين والتبليغ عنهم، وتحت وسم “معاً نكافح التسوّل” أطلقت السلطات حملتها حاثّةً المواطنين على الامتناع عن إعطاء المتسوّلين أي مبلغ مالي أو حتى تبرع بالطعام وغيره، مستخدمةً وسم “لا تعطيهم”.
عادةً تُعتبر ظاهرة التسوّل نقطة سوداء في سجل الدول التي تسعى للتطوّر، لذا تسعى الدول للحد من هذه الظاهرة، وهذه المواجهة تتم عبر خطة متكاملة، تقوم بدايةً على تقصّي أسباب انتشار التسوّل وتحديد نسبة الفقر ـ أي السبب الأساس لانتشار التسوّل ـ وبعدها يتمّ حل المشكلة من جذورها، أي معالجة أسباب الفقر عبر برنامج اجتماعي حكومي.
لكن في السعودية، وفي ظل التجاهل الحكومي لارتفاع نسبة الفقر، والتعتيم على النسب الحقيقية، يكون الحل الأسهل بالنسبة للسلطات هو حجب القسم الظاهر من المشكلة، أي ببساطة التخلّص من مظاهر المتسوّلين عبر اعتقالهم وملاحقتهم قانونياً.
ليس مستغرباً أن تصل ظاهرة التسوّل في السعودية إلى هذا الحد من الانتشار، فنسبة الفقر تخطّت الـ25% والبطالة تنهش الآلاف من المواطنين، ومئات الأسر شُرِّدت نتيجة عمليات الهدم والإخلاء القسري، بينما ثروات الشعب تُهدَر على مشاريع ومواسم “أقرب للخيال”.
فلم يكن أجدى أن تكون حملة السلطات تحت عنوان معاً نكافح الفقر أو البطالة أو الجوع؟
وهذه المكافحة تتم عبر تخصيص مساعدات اجتماعية شهرية للفقراء والمحتاجين، بالإضافة تأمين وظائف وفرص عمل تحدّ من تزايد البطالة، وأن تكون هذه الحملة بالتعاون بين السلطات والمواطنين، في سبيل تعزيز التعاضد بين أبناء الوطن والعمل على خلق حالة من الإخوة بينهم، بدلاً من تحريض جزءٍ من المواطنين على أبناء وطنهم الواحد.