تقارير خاصةمقالات

حرية الرأي في السعودية جريمة تصل عقوبتها الإعدام

لطالما كانت حرية الرأي والتعبير تهمة في السعودية يعاقب عليها النظام اذا خرجت عن إطار المديح للنظام وكان غرضها الانتقاد والتصويب وتقديم المطالب والشكاوى.

تنص المادة 39 من النظام الأساسي للحكم في السعودية على أن جميع أشكال التعبير يجب ألا “تؤثر على الدولة”. وبالتالي، يمكن اعتبار جميع أشكال التعبير التي تنتقد الدولة انتهاكًا لهذه المادة وعرضة للمقاضاة بحسب مزاج السلطات.

منذ وصول محمد بن سلمان صعّدت السلطات السعودية من استخدام قوانين مكافحة الإرهاب والجرائم الإلكترونية بشكل واسع في البلاد كسلاح بغرض الاستهداف والترهيب والانتقام من المدافعين عن حقوق الإنسان والأصوات المعارضة.

وأنشأ ابن سلمان جهاز أمن الدولة في 2017، تحت إمرته المباشرة وجعل هذا الجهاز القمعي بامتياز، مشرف على جميع الأجهزة الأمنية الأخرى، والغاية تشديد القبضة الأمنية والضرب بيد من حديد الأصوات الحرة.

وهذا ما أثبتته منظمة فريدوم هاوس في مؤشرها السنوي للحريات على مدار السنوات الأخيرة، فظهرت السعودية ضمن أدنى المستويات في مؤشر الحريات لعام 2022 وحافظت على نفس النسبة التي سُجّلت في العام 2021، وهي (7/100).

 

انتهاكات صارخة لحرية الرأي

الأمثلة على استهداف حرية الرأي والتعبير في السعودية لاحصر لها وتحتاج مجلدات ضخمة لتوثيقها، ولهذا سنذكر بعضا منها كعينة بسيطة عن الانتهاكات التي يتعرض لها أصحاب الرأي من مختلف الطبقات والاختصاصات، من الرجال والنساء على حد سواء.

نورا القحطاني أم لخمسة أولاد وهي ناشطة وأستاذة الأدب والنقد الحديث في جامعة الملك سعود. اشتهرت القحطاني بكتاباتها الأدبي في مجلة الثقافة وجريدة الجزيرة في مجال الأدب ولها حضور أكاديمي وثقافي مميز.

حكمت عليها السلطات السعودية بالسجن 45 عاماً ومثلها منع من السفر، بسبب تغريدة على تويتر، اتهمها النظام بالتحريض على النظام السياسي، والاخلال بالنظام العام.

الطبيبة سلمى الشهاب أم لطفلين طالبة في جامعة ليدز البريطانية، حكمت عليها محكمة “قضايا الإرهاب” السعودية بالسجن 34 عاماً ومثلها منع من السفر، لامتلاكها حساباً على موقع تويتر ومتابعتها ناشطين ومعارضين ومشاركة تغريداتهم.

مها الحويطي حكم عليها بالسجن23 عاما ومثلها منع من السفر، بسبب تغريدة عبرت فيها عن تضامنها مع أبناء قبيلة الحويطات، الذين هجرتهم السلطات قسراً من منطقتهم لصالح بناء مشروع نيوم.
دلال الخليل أيضا حكم عليها بالسجن 18 عاما ومثلها منع من السفر، بسبب آرائها.

الناشطة أسماء السبيعي اعتقلتها السلطات وعرضتها للإخفاء القسري على خلفية نشاطها عبر تويتر، ضمن حملة استهدفت العشرات من الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي.

الناشط على الانترنت عبد الله بن عوض المباركي اعتقلته السلطات من منزله في مدينة ينبع، على خلفية تعبيره عن رأيه، ومشاركته في حملات على وسائل التواصل الاجتماعي للدفاع عن الحقوق السياسية والمدنية، واعتراضا على السياسات الحكومية.

الموظف في الهلال الأحمر عبد الرحمن السدحان (37 عاما) اعتقلته السلطات في عام 2018، وحكمت عليه بالسجن 20 عاماً. والتهمة أنه انتقد من خلال حساب باسم مستعار على تويتر أوضاع حقوق الإنسان. ومنذ عام 2018 ولمدة عامين تقريبا وضع في الحبس الانفرادي.

وأفادت شقيقته أريج التي تعيش في الولايات المتحدة لصحيفة واشنطن بوست إن السلطات أساءت معاملة شقيقها في الحجز. واستخدمت أساليب مروعة مثل الصعق بالكهرباء والجلد والحرمان من النوم والتهديد بالقتل والإذلال اللفظي والحبس الانفرادي. كما أُجبر على التوقيع على وثائق استخدمت كدليل في محاكمته دون أن يتمكن من قراءتها.

وبحسب وكالة “بلومبيرغ” فإن اثنين من موظفي تويتر من أصول عربية نقلوا المعلومات حول السدحان إلى الرياض مقابل رشاوى مالية وقد أدانتهم محكمة أمريكية بالفعل.

 

الانتهاكات طالت المواطنين والمقيمين

الكاتب الفلسطيني الأصل أشرف فياض، المحتجز في السعودية بين عامي 2013 – 2022، متهم بالتجديف والإلحاد في مجموعته الشعرية “تعليمات من الداخل” كما تزعم السلطات.

 لكن السبب الحقيقي للاعتقال، بحسب اتحاد الكتاب العالمي قد يكون أن فياض صوّر أعضاء من هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهم يجلدون رجلاً في ذلك الوقت ثم نشر الفيديو على الإنترنت. حُكم على فياض بالإعدام في عام 2015 ، لكن الحكم خفف في عام 2016 إلى السجن ثماني سنوات و 800 جلدة، وأفرج عنه في 23 أغسطس/ آب 2022.

 

انتهاك المبادئ والصكوك الأممية

تنص المادتان 18 و 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بوضوح على أن لكل فرد حرية الكلام والضمير والتعبير عن آرائه دون أي تداعيات. ومما يثير القلق بنفس القدر المعاملة التي يتلقاها معتقلو الرأي أثناء سجنهم.

فإن السعودية لديها تدابير مثل السجن الانفرادي كشكل من أشكال الانتقام من هؤلاء السجناء. في انتهاك فاضح لقواعد نيلسون مانديلا( قواعد الأمم المتحدة النموذجية لحقوق السجناء).

علاوة على ذلك، ينص العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية أيضًا في المادة 19 منه على أن حرية التعبير هي حق غير قابل للتصرف ولا ينبغي انتهاكه. وعلى الرغم من أن السعودية ليست طرفًا في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، إلا أنها معنية بمختلف المواد التي ينص عليها. بالإضافة إلى ذلك، فإن فرض قوانين مكافحة الإرهاب ومقاضاة معتقلي الرأي بناءً على هذا القانون ينتهك أيضًا المادة 9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

 

المراقبة والملاحقة

بعد وقت قصير من إطلاق سراحها، تلقت لجين الهذلول إشارة من شركة غوغل تكشف عن محاولة قراصنة مرتبطين بالدولة السعودية اقتحام حساب بريدها الإلكتروني. ثم طلبت الهذلول من مختبر البرمجيات التابع لجامعة تورنتو فحص جهاز هاتفها من نوع آي فون. وبعد الفحص اكتشف المختبر برنامج تجسس من شركة إن س أو NSO الإسرائيلية في هاتفها.

برنامج التجسس ذاته استخدمته السعودية ضد الصحفي السعودي جمال خاشقجي، الذي قُتل على يد فريق أمني سعودي في القنصلية السعودية في إسطنبول عام 2018.

وهذه القضية أظهرت بوضوح القسوة والإجراءات التي يمكن أن تبديها الرياض حتى ضد المنتقدين من أصحاب الرأي في الداخل أو الخارج.

إن أوضاع حقوق الإنسان في السعودية تتعرض لانتقاد واسعة. ومن غير الواضح ما هو عدد معتقلي الرأي في السعودية وسط انكار الحكومة وجود سجناء سياسيين على الإطلاق في السعودية.

لكن نشطاء حقوق الإنسان قدروا العدد بالآلاف من معتقلي الرأي، يدفعون حياتهم (أثمن مايملكه الإنسان) كثمن باهظ لحرية الرأي والتعبير في دولة تقمع بلا رحمة حقوق الإنسان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى