المحكمة الجزائية السعودية: افتقارٌ للعدالة ومحاكمات جائرة
المحكمة الجزائية المتخصصة، إحدى المحاكم التي تم إنشاؤها للنظر في قضايا الإرهاب وأمن الدولة والجرائم المرتبطة بهما. ارتبط اسمها بالأحكام التعسفية الصادرة بحق معتقلي الرأي، من أحكام بالسجن لسنوات طويلة حتى الحكم بالإعدام التعسفي.
هذه الهيئة القضائية تتولى النظر في محاكمة الموقوفين والمتهمين في قضايا الإرهاب وقضايا الأمن الوطني والجرائم المرتبطة به. المدانون في هذه المحكمة هم ممن انتموا لجماعات أو تنظيمات إرهابية أو ممن عملوا في تجارة السلاح وتهريبه أو المشاركون في أنشطة هدفها الإخلال بالنظام العام وإثارة الفوضى، ولتبرير الإجراءات التعسفية، ضمّت السلطات معتقلي الرأي إلى قائمة المدانين في هذه المحكمة.
تستخدم السلطات قانون مكافحة جرائم الإرهاب وتمويله لتجريم المعتقلين وتحويلهم إلى المحكمة الجزائية المتخصصة، فتصبح هي المسؤولة عن إصدار الأحكام بحقهم.
منظمة العفو الدولية كانت قد أشارت في تقريرٍ سابق لها إلى أن السعودية ” تستغل المحكمة الجزائية المتخصصة لإضفاء هالة خاطئة من المشروعية على إساءة استخدامها لنظام جرائم الإرهاب لإسكات صوت معارضيها”، وأضافت أن “السعودية تستخدم هذه المحكمة كأداة قمع قاسية لأولئك الذي يتمتّعون بالشجاعة الكافية للتعبير عن معارضتهم، أو الدفاع عن حقوق الإنسان أو المطالبة بإصلاحات جدية”.
وكانت المنظمة قد أعدّت تقريراً في العام 2020 بعنوان “تكميم الأفواه المعارضة: المحاكمات المسيّسة أمام المحكمة الجزائية المتخصصة في السعودية”، كشفت فيه كيف استخدمت السلطات السعودية المحكمة الجزائية المتخصصة كسلاح لإسكات أصوات المعارضة بشكل ممنهج.
وأشار التقرير إلى أن المحكمة التي أُنشِئت في أكتوبر/تشرين الأول من العام 2008، “استُخدمت منذ العام 2011 بصورة ممنهجة لمقاضاة الأشخاص بناءً على تهم مبهمة غالباً ما تساوي بين الأنشطة السياسية السلمية والجرائم المرتبطة بالإرهاب”.
إن المحاكمات التي تجري أمام المحكمة هي غالباً محاكمات ظالمة بشكل فاضح، فالمتّهمين يدانون استناداً إلى تهمٍ غامضةٍ تُجرّم المعارضة السلمية بوصفها إرهاباً، وقد حُكم على بعض المعتقلين بالإعدام بناءً على تهم غامضة، وعلى أساس اعترافات مشوبة بالتعذيب.
بحسب تقرير منظمة العفو، تشمل التهم الأكثر شيوعاً التي استُخدمت في الإجراءات القضائية أفعالاً يكفلها الحق في حرية التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات أو الانضمام إليها. (كانتقاد النظام أو المشاركة في مسيرات مطلبية سلمية وغيرها).
في تقريرها المؤلّف من 56 صفحة، وصفت منظمة العفو الدولية المحاكمات التي تحصل في المحكمة الجزائية ببالغة الجور، وخلصت إلى أن هذه المحاكمات هي ببساطة “استهزاء بالعدالة”، منتقدةً سلوك القضاة الذين يبدون تحيّزاً فاضحاً ضد المتهمين، ويقبلون اعترافات المعتقلين كأدلّة دون التحقيق في كيفية الوصول إليها، لا سيما وأن المتهمين يتراجعون عن هذه الاعترافات في المحكمة ويقولون إنها انتُزعت منهم أثناء التعذيب.
ولا يبدو أن أي تعيينات قضائية جديدة تحمل في طياتها نوايا إصلاحٍ أو سعيٍ نحو العدالة، فمعظم القضاة الذين عُيّنوا مؤخراً عمدوا إلى ممارساتٍ أشدّ ومحاكمات أكثر جوراً. وقد شهدت المحكمة موجة تغليظ عقوبات وأحكام إعدام غير مسبوقة بحق معتقلي الرأي منذ شهر أغسطس/آب 2022.