تقارير متفرقةمقالات

السعودية “تكافح الإرهاب” في سبيل انتهاكاتٍ يبررها القانون!

في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني 2017، أصدرت السعودية قانون “مكافحة جرائم الإرهاب وتمويله” الجديد. يتألف القانون من 96 مادة، 27 منها تتناول العقوبات.

يقدّم القانون تعريفاً فضفاضاً وغير محدد للإرهاب، ويتضمّن تعريف الجريمة الإرهابية الوراد في البند الثالث من المادة الأولى “كل سلوك يقصد به الإخلال بالنظام العام، أو زعزعة أمن المجتمع واستقرار الدولة أو تعريض وحدتها الوطنية للخطر، أو تعطيل النظام الأساسي للحكم أو بعض أحكامه، أو إلحاق الضرر بأحد مرافق الدولة أو مواردها الطبيعية أو الاقتصادية، أو محاولة إرغام إحدى سلطاتها على القيام بعمل ما أو الامتناع عنه”.

كما تجرّم المادة الثالثة منه أعمالاً لا تصب في خانة الإرهاب كتغيير نظام الحكم أو تعطيل النظام الأساسي للحكم أو بعض أحكامه أو حمل الدولة على القيام بعمل أو الامتناع عنه.

يستخدم محمد بن سلمان هذا القانون لاعتقال الناشطين الحقوقيين وأصحاب الرأي، بصبغة قانونية.

وتسمح المادة 30 من القانون بسجن “كل من وصف – بصورة مباشرة أو غير مباشرة – الملك أو ولي العهد بأي وصف يطعن في الدين أو العدالة”، لمدة قد تصل إلى 15 سنة.

كما تسمح المادة 19 منه باحتجاز المشتبه فيه رهن التحقيق مدة تصل إلى سنة، مع تمديد غير محدود بأمر من المحكمة. وتسمح المادة 20 باحتجاز المشتبه فيه مدة تصل إلى 90 يوما معزولاً عن العالم الخارجي.

في تعليقها على الحكم الصادر بحق سلمى الشهاب، قالت المتحدثة باسم مفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان، ليز ثروسيل إن هذا الحكم “يشكّل مثالًا آخر على قيام السلطات السعودية باستخدام قوانين مكافحة الإرهاب والجرائم الإلكترونية في البلاد كسلاح لاستهداف المدافعين عن حقوق الإنسان وأصوات المعارضة وترهيبهم والانتقام منهم”.

كما انتقدت “هيومن رايتس ووتش” القانون معتبرة أنه يسمح للسلطات “بمواصلة استهداف الانتقادات السلمية”. وأشارت إلى أنه “يقوض الإجراءات القانونية الواجبة وحقوق المحاكمة العادلة”.

عشرات معتقلي الرأي حوكِموا بتهم “متعلقة بقانون مكافحة الإرهاب وتمويله”، هذه الأحكام الغامضة تعرّضت لانتقادات حقوقية ودولية واسعة، فقد عبّر المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب ، عقب زيارةٍ له إلى السعودية، عن قلقه بشأن “التعريف الواسع وغير المقبول للإرهاب، واستخدام السعودية لقانون مكافحة الإرهاب، وغيره من أحكام الأمن الوطني، ضد الناشطين الحقوقيين والكتّاب والمدونين والصحفيين وغيرهم من المنتقدين السلميين”.

وفي في مايو/أيار 2020، دق فريق الأمم المتحدة العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أجراس الإنذار حول هذا النمط، وأخبر الجمعية العامة للأمم المتحدة أن “الإطار القانوني للسعودية قد فشل في حماية شعبها من الاختفاء القسري الذي كان يستخدم كأداة للقمع”.

تُنتزع الاعترافات من المعتقلين تحت التعذيب وبالإكراه، حيث يُحتجز المعتقلون لأسابيع أو شهور ويتم تعذيبهم لنزع الاعترافات، ليظهر المعتقل بعدها متهماً بارتكاب جرائم أمنية أو تتعلق بالإرهاب، ثم يعاقب بأحكام طويلة بناءً على الاعترافات التي انتُزِعت بالإكراه، وأثناء محاكمات غالبًا ما تُعقد سراً وتنتهك بشكل روتيني الإجراءات القانونية.

تعليقاً على هذا القانون قالت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط في “هيومن رايتس ووتش”: “يدعي محمد بن سلمان أنه إصلاحي، لكنه يحتجز المنتقدين السلميين كإرهابيين بنفس الاستبداد القديم الذي رأيناه كثيراً بين الحكام السعوديين”.

تفصّل السلطات السعودية قوانين على مقاس قمعها واستبدادها، لتجعل من القانون أداة في خدمة الحاكم لا الشعب.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى