حقوق السجناء: الحق في عدم التعرّض للتعذيب مُنتهكٌ في السعودية
غالباً، يتم التغاضي عن التعذيب الحاصل في السجون ويُنظر إليه على أنه أمرٌ طبيعي يتناسب مع المكان والظروف. لكن الحقيقة هي أن التعذيب بتعريفه أنه “أي عمل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد، جسدياً كان أم عقلياً”، هو انتهاكٌ جسيمٌ لحقوق الإنسان.
هذا المقال هو من ضمن سلسلة مقالات “حقوق السجناء”. السلسلة أطلقتها لجنة الدفاع لتكون صوت المعتقلين في السعودية، عبر الإضاءة على حقوقهم والانتهاكات الهائلة التي يتعرّضون لها. وقد اعتمدت السلسلة على مجموعة صكوك وقوانين دولية صادرةٍ عن الأمم المتحدة.
حق السجناء بعدم التعرّض للتعذيب، منصوصٌ عليه في دليل حقوق السجناء الصادر عن الأمم المتحدة، وهو حقٌ مكفول بحسب المادة الخامسة من شرعة حقوق الإنسان والتي تنصّ على أن “لا يجوز إخضاعُ أحد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطَّة بالكرامة”، وهو حقٌ ينطبق على السجناء أيضاً.
أكثر من ذلك، فإن للسجناء الحق بأن لا يتعرضوا للمعاملة المهينة، وهي أية معاملة أو عقوبة قاسية أو لاإنسانية أو مهينة، لا تبلغ حد التعذيب.
على أرض الواقع، تظهر الصورة مختلفةً حدّ التناقض. تشهد السجون السعودية قصص تعذيبٍ وانتهاكات لا تنتهي. في السجون السعودية أساليب تعذيب وصفتها “ويكيليكس” في إحدى وثائقها السرية أنها “الأشرس في العالم”.
في العام 2021 حصلت “هيومن رايتس ووتش” على رسائل نصية تتضمن شهادات “مرعبة” من السجون السعودية، الرسائل تعود لحرّاس في عدد من السجون.
يروي أحد الحرّاس ما شهده من تعذيب لمعتقلٍ من معتقلي الرأي، ويقول: “كان هذا المعتقل بين الذين تعرضوا للتعذيب بما يفوق قدرته على التحمل، خاصة عندما علم المحقق أنه يعاني من آلام في الظهر، فبدأ يبدع بتعذيبه، مستهدفاً أماكن مؤلمة بالفعل إلى حد أنه لم يعد قادراً على الذهاب إلى الحمام دون أن نساعده”.
وينقل آخر “الخوف” الذي عاشه هو والمشاركون في عملية التحقيق مع إحدى معتقلات الرأي حين فقدت وعيها أثناء تعذيبها، وظنّ الجميع أنها ماتت.
حارسٌ آخر تحدّث عن “تحرّشٍ جنسيٍ لم يشهد مثله من قبل” تعرّضت له إحدى المعتقلات أثناء التحقيق. تصرّف كهذا يجمع انتهاك حقوق الإنسان وحقوق السجناء وحقوق المرأة في مشهدٍ واحد.
الصعق الكهربائي، الإيهام بالغرق، الضرب، الجلد، التحرش الجنسي.. أساليب تعذيب وانتهاك تُمارس في السعودية على علم السلطات وبموافقتها.
ما لا يقل عن ثلاثين معتقلاً توفّوا نتيجة التعذيب الوحشي في السجون، هدّدت السلطات السعودية بعض أهاليهم بالملاحقة بحلا تصوير أو توثيق أو نشر أي شيء يخص الجثمان، نتيجة آثار التعذيب الهمجي الواضحة. وأجبرت آخرين على دفن أبنائهم سراً.
كان وفد من منظمة “هيومن رايتس ووتش” قد زار السعودية للاطلاع على حال السجون، بعد أن وصلهم معلومات تؤكد حصول انتهاكات واسعة. جمَع الوفد حينها شهادات للمعتقلين أكدت حصول تعذيب وانتهاكات، كما ذكرت المنظمة في تقريرها وقوع حالة وفاة نتيجة سوء المعاملة.
الانتهاكات التي تحصل في السجون السعودية باتت حقيقةً مؤكدةً لا تستطيع السلطات تكذيبها أو إخفاءها.
الانتقادات الدولية والحقوقية تُوَجّه للسعودية مراراً وتكراراً، ولا يبدو أن هناك بوادر استجابة أو إصلاح.