أوقفوا الإعدامات.. العشرات في خطر بعد أكثر من 1000 عملية إعدام
على الرغم من أن عقوبة الإعدام لا تزال مستخدمة في عددٍ لا بأس به من الدول، إلا أنها في السعودية أصبحت هاجساً مخيفاً في المجتمع بسبب جملة من الأسباب، أوّلها عدم استقلالية القضاء والغموض والسرية والأحكام التعزيرية، وغياب الشفافية التي تلف هذا الملف الشائك.
سلوك النظام تجاه زيادة استخدام هذه العقوبة، لا سيما منذ عام 2015 مع وصول الملك سلمان وابنه محمد الحاكم الفعلي، أوحى للمجتمع الدولي ومن ضمنه مجلس حقوق الإنسان والمنظمات الحقوقية أن مبررات تطبيق هذه العقوبة مليئة بالكذب والتحايل.
وما يزيد من الشكوك والمخاوف في آن معاً، الانتهاكات الجسيمة التي تجري على المحكومين بالإعدام قبل وبعد تنفيذ الحكم، والتي وثقتها هيئات الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية في عشرات التقارير.
منذ عام 2015 وحتى نهاية 2022 تم تنفيذ أكثر من 1000 عملية إعدام، بينهم أكثر من 15 قاصراً.
وحتى تاريخ كتابة هذا المقال يقبع أكثر من 70 شخصاً محكومون بالإعدام في السجون السعودية بينهم 9 قاصرين.
الأرقام تلك تعكس شراهة النظام بقيادة محمد بن سلمان لتطبيق تلك العقوبة الجائرة، علماً أن 95 ٪ من تلك الأحكام تعزيرية تعود لتقديرات القاضي، وجاءت على خلفية قضايا سياسية دون ارتكاب جرائم تستحق تلك العقوبة، وتخللها انتهاكات جسيمة.
انتهاكات بالجملة
الانتهاكات التي يتعرّض لها معتقلو الرأي في السعودية لا تحصى وهي موثّقة خاصة ضد المهدّدين بالإعدام حيث يخضع هؤلاء للتعذيب الوحشي بغية التوقيع والبصم على اعترافات بجرائم لم يرتكبوها، تتيح للقضاة إنزال أقسى العقوبات بهم، وهي الإعدام.
وتتعمد السلطات السعودية إخفاء أعداد معتقلي الرأي الذين يواجهون أحكام الإعدام، وتمنع العائلات والمحامين من الوصول إلى المعلومات حول تلك القضايا، فيما تجري المحاكمات بشكلٍ سري في انعدامٍ تامٍ للشفافية.
ولم تبلّغ السلطات معظم العائلات حول وقت ومكان تنفيذ عمليات الإعدام، وفي قضايا كثيرة عرفت العائلات خبر إعدام أبنائها من الإعلام.
وحُرِمَت العائلات كذلك من وداع المحكوم عليهم بالإعدام حتى عبر الهاتف، أما طريقة تنفيذ الأحكام التي تمت فهي كذلك سرية.
لم تتوقف الانتهاكات عند هذا الحد حيث تنسحب إلى ما بعد تنفيذ أحكام الإعدام.
استمرار الانتهاكات بعد الإعدام
ترفض السلطات السعودية تسليم جثامين المعتقلين لذويهم جرّاء أحكام الإعدام الجائرة، ووثقت المنظمات الحقوقية ما لا يقل عن 130 جثماناً احتجزتهم السلطات، في انتهاكٍ صارخ للقانون المحلي والدولي والعهد الدولي الخاص بحقوق الإنسان.
وبعد تنفيذ الإعدامات، تعمد السلطات إلى دفن الشهداء في أماكن سرية، وتمنع الأهالي من إجراء مراسم العزاء، حتى عبر وسائل التواصل الاجتماعي تحت طائلة الاعتقال، في مخالفة صريحة لجميع الأعراف والمواثيق الدولية.
ويقول أهالي المحكومين بالإعدام إنّ عدم تسليم جثامين أبنائهم يثير مخاوف كبيرة من أن الجثث قد تعرضت للتشويه أو عليها آثار تعذيب وحشي.
وبحسب ناشطين، تخشى السلطات أن يؤدي تسليم الجثامين إلى استنهاض الحراك السلمي مجدداً انطلاقاً من التشييع.
مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة يقول: “نشعر بقلق شديد إزاء الاتجاه السائد في استخدام عقوبة الإعدام في السعودية”، على وجه الخصوص زيادة عدد أحكام الإعدام الصادرة والمؤيدة، بما في ذلك ضد أطفال متهمين، وجرائم لا ترقى إلى وصفها بـ ’أخطر الجرائم‘ المنصوص عليها في القانون الدولي”.
وكان النظام على لسان ابن سلمان، أوهَم المجتمع الدولي قبل عامين أنه بصدد إلغاء عقوبة الإعدام خاصة بحق القاصرين، وتخفيفها بشكل عام، لكنه سرعان ما تنصّل من تعهداته وكلامه وتوجّه بقوة لزيادة تلك الأحكام.
يُذكر أن عشرات المنظمات الحقوقية أطلقت نداء استغاثة عبر حملات إعلامية مكثّفة، لمنع النظام السعودي من تنفيذ أحكامٍ جديدة بحق معتقلي الرأي في محاولة أخيرة لإنقاذ حياة أبرياء بينهم أطفال.