تقارير خاصةمقالات

اليوم العالمي للأسرة.. أهالي وأبناء معتقلي ومعتقلات الرأي: “أعيدوهم لنا!”

يلوّن آدم رسمته بعناية، ويناولها لأخيه نوح كي يساعده في تعليقها فوق سريره، رسمةٌ لأبٍ وولدين، يسأل نوح: “أين أمي؟ لماذا لم ترسمها معنا هي أيضاً”، فيجيب آدم بخيبة: “أمي لن تعود، سنكبر ونكبر ونكبر.. وأمي بعيدةٌ عنّا.. لقد أخذوها منّا ولن تعود”.

آدم ونوح وسلمى الشهاب، قصةُ واحدةٍ من الأسر التي فكّكتها السلطات السعودية وتنوي تدميرها.

هذا المشهد الافتراضي الذي يحكي لسان حال ولدَي معتقلة الرأي سلمى الشهاب، قد يتكرر في عشرات المنازل، فسلمى ليست الأم الوحيدة التي تقبع خلف القضبان ظلماً، وللآباء قصصٌ تحكي ألم الفراق أيضاً.

مئات المعتقلين زجّت بهم السلطات السعودية في سجونها ظلماً، وحكمت عليهم عبر قضائها المسيّس بالسجن لسنوات طويلة، ما يعني أن أبناءهم/بناتهم وزوجاتهم/أزواجهم سيقضون هذه السنوات بعيداً عنهم.

الأمر لا يقتصر على الاعتقال التعسفي الذي سيؤدي إلى نتائج كارثية على مئات الأُسَر، فإدارات السجون تحرم معتقلي ومعتقلات الرأي من زيارات ذويهم واتصالاتهم، وعلى سبيل المثال في عيد الفطر الأخير، أكّدت مصادر أنّ معظم معتقلي ومعتقلات الرأي مُنعوا من الاتصال بعائلاتهم، وسُمِح لعدد قليل جداً منهم بإجراء الاتصال الذي لم تتعدّ مدّته الدقيقتين.

هذا الأمر يتكرر في كل المناسبات، وفي كل الأوقات، وقد أكّد أحد التقارير السابقة لمنظمة “هيومن رايتس ووتش” أن إدارات السجون تعلّق اتصالات المعتقلين بعائلاتهم دون سبب، وعند السماح بها فإنها تتنصّت على المكالمات وتقطع الاتصال حين يتطرّق المعتقلون لظروف السجون ومعاناتهم، كما أنها تقوم بتحديد وقت المكالمة بمدة قصيرة جداً.

وبعد، للأمهات والآباء الذين ينتظرون أبناءهم قصص معاناةٍ أخرى، إذ تقوم السلطات باعتقال شبّانٍ وشابات في مقتبل العمر، ليُفجَع أهاليهم باعتقالهم الهمجي مرة وبالأحكام التعسفية ألف مرة، ونذكر هنا أهالي القاصرين التسعة المحكومين بالإعدام، الذين انطفأت الحياة في أعينهم منذ لحظة الحكم بالإعدام على أبنائهم.

إن السلطات السعودية باستبدادها الوحشي، ترتكب جرائم خفية تُضاف إلى جرائمها الجليّة، فبُعَيد الاعتقالات التعسفية والحملات القمعية التي تقوم بها، ثمة خرابٌ هي وحدها مسؤولة عنه، خرابٌ أحدثته بسياساتها وديكتاتوريتها.

في اليوم العالمي للأسرة نُطالب السلطات السعودية بالإفراج الفوري عن كافة معتقلي ومعتقلات الرأي، ورفع منع السفر المفروض عليهم، ما يتيح لأفراد الأسر أن يلتمّ شملهم من جديد، في سبيل التعافي من الضرر النفسي والصحي والاجتماعي الكبير الذي تَسبّب به الاعتقال الهمجي، فبالإضافة إلى أن الأسرة التي تفقد أحد أفرادها تغدو كبناءٍ خسِر أحد أساساته، فإنّ المعاناة النفسية للأفرد، لا سيما الأطفال، ستترك آثاراً عميقةً ومؤذيةً في نفوسهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى