السلطات السعودية تخشى المنابر.. استهدافٌ ممنهجٌ لعلماء الدين
ماذا يعني “استهداف فئة معيّنة”؟
أو إذا طرحنا السؤال بشكلٍ آخر: كيف نُدرك أن فئةً ما مُستهدفة؟ فعلياً، حين يتعرّض عدد كبير من الأفراد الذين يجمعهم شيء مشترك أو أكثر، لممارسات محددة أو اعتداء من أي نوع، هذا يعني أنهم فئة مستهدفة.
وعلى سبيل المثال، هؤلاء الأفراد قد يكونوا أهل منطقة معينة، يجمعهم كونهم يسكنون في بقعة جغرافية واحدة. أو أساتذة الجامعات، يجمعهم كونهم ينشرون العلم ويلقّنون الطلاب ما لديهم من علوم ومعارف. أو الناشطات الحقوقيات، يجمعهنّ كونهنّ نساء يطالبن بحقوق المواطنين بشكل عام أو حقوق المرأة بشكلٍ خاص. وقس على ذلك.
كيف يكون الاستهداف؟
أو بصيغة مختلفة، ما هي أشكال الاستهداف؟ فرض الحصار على منطقة معيّنة مثلاً، يُعدّ استهدافاً لسكانها. منع إنشاء الجامعات أو تشديد الرقابة عليها، يعدّ استهدافاً للجامعيين والأساتذة. اعتقال النساء اللواتي يتناولن شؤون المرأة وحقوقها يُعد استهدافاً للناشطات في مجال حقوق المرأة. وقس على ذلك.
في السعودية، وضعت السلطات علماء الدين ضمن الفئات المستهدفة بشكلٍ كيديٍ ممنهج.
مع ارتفاع وتيرة استهداف العلماء المستمر منذ سنوات، امتلأت سجون النظام السعودي بمن اختُطفوا من على منابر المساجد، ليُساقوا دون تهمةٍ إلى غياهب المعتقلات. ولعلّ تهمتهم الوحيدة هي عدم الإذعان للسلطات، ورفض تحويل المنابر لمنصّاتٍ تمجّد السلطة وتنطق باسمها.
في تقريرٍ لوكالة “رويترز” عقب حملة اعتقالاتٍ قامت بها السلطات وطالت عدداً من العلماء، أرجعت الوكالة سبب الاعتقال إلى “فشل علماء الدين بدعم السياسات السعودية علناً”، وقالت إن هذه الاعتقالات “تتناسب مع نمط انتهاكات حقوق الإنسان ضد المناصرين والمعارضين السلميين”.
ولأن السلطات تُدرك حجم تأثير علماء الدين، وتخشى كل منبرٍ يجتمع الناس حوله ولا يعلو فيه صوت التمجيد والتعظيم لها، تحاول أن تُنحّي أكبر عدد ممكن من العلماء عن المنابر، في محاولةٍ لإخفاء صوتهم وترهيب من بقيَ من علماء الدين.
العلماء الذين اعتقلتهم السلطات تعسفياً وكيدياً:
- الشيخ مالك الميلاد، وقد اعتُقِل في أغسطس/آب 2023 ولم تُعرَف أسباب الإعتقال، وهو أحد علماء الدين في بلدة البحاري في القطيف.
- الشيخ حسن الخويلدي، وقد اعتُقل في يناير/كانون الثاني 2023. داهمت فرقة أمنية منزله في صفوى، وعمِد العناصر إلى تدمير محتويات منزل الشيخ و بث الرعب والهلع بين أفراد أسرته والاعتداء عليهم بالضرب والشتم.
- الشيخ كاظم العمري، اعتُقِل في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2022 وكان قد اعتُقِل قبلها بأشهرٍ أيضاً واحتُجِز حينها لمدة شهرين. وللشيخ العمري ابنان معتقلان منذ منتصف 2022.
- السيد محمد رضا السلمان، اعتُقل في يوليو/تموز من العام 2022 ولا معلومات عن التهم الموجّهة إليه، وقد حُكِم عليه بالسجن لسنتين.
- الشيخ عبدالمجيد الأحمد، اعتُقل في يونيو/حزيران من العام 2022، هو أحد أساتذة الحوزة العلمية وقد تمّ اعتقاله بشكلٍ تعسفي، وتمّت مصادرة هاتفه وحاسوبه الخاص.
- الشيخ علي الماء، اعتُقل في نوفمبر/تشرين الثاني من العام 2021، سجن 18 سنة.
- الشيخ فتحي الجنوبي، اعتُقل في أكتوبر/تشرين الأول من العام 2021، لا معلومات واضحة عن التهم الموجّهة إليه وقد حُكِم عليه بالسجن 20 سنة.
- الشيخ مجتبى النمر، اعتُقل في يونيو/حزيران من العام 2021 في مطار الدمام بعد عودته من إيران على الرغم من أنه لم يُعرف عنه ممارسته لأي نشاط سياسي، وقد حكمت المحكمة الجزائية بسجنه 12 عاماً.
- السيد هاشم الشخص، اعتُقل للمرة الأخيرة في ديسمبر/كانون الأول من العام 2020، (كان قد تم اعتقاله من قبل المباحث العامة ثلاث مرات سابقة)، تهمته هي “الإساءة للمملكة والقيادة الحكيمة” بسبب انتشار مقطع مصوّر له ينتقد فيه محمد بن سلمان، وقد حكمت المحكمة الجزائية أواخر العام 2022 بسجنه 30 عاماً.
- السيد خضر العوامي، اعتُقل في نوفمبر/تشرين الثاني من العام 2020، بعد أن داهمت قوات أمنية منزله واعتقلته تعسفياً، بسبب تهمٍ تتعلّق بآراءٍ كان قد أدلى بها في فترة الاحتجاجات. وكان قد استُدعي بشكلٍ متكرر للتحقيق خلال السنوات العشر التي سبقت اعتقاله. حتى اليوم لم يصدر أي حكمٍ بحقه.
- الشيخ عباس السعيد، اعتُقل في نوفمبر/تشرين الثاني من العام 2020، بعد أن داهمت قوات أمنية منزله واعتقلته تعسفياً، بسبب تهمٍ تتعلّق بآراءٍ كان قد أدلى بها في فترة الاحتجاجات. وكان قد استُدعي بشكلٍ متكرر للتحقيق خلال السنوات العشر التي سبقت اعتقاله. حتى اليوم لم يصدر أي حكمٍ بحقه.
- الشيخ عبد اللطيف الناصر المبارك، اعتُقل في يونيو/حزيران من العام 2019، ولا معلومات عن التهم الموجّهة إليه، صدر بحقه حكم بالسجن 8 سنوات ثم غلّظت محكمة الاستئناف الحكم إلى 35 سنة.
- الشيخ عباس المازني، اعتُقل في نوفمبر/تشرين الثاني من العام 2017، لا معلومات واضحة عن التهم الموجّهة إليه، ولم يتم الكشف عن أي محاكمة صدرت بحقه.
- السيد جعفر العلوي، اعتُقِل في أغسطس/آب من العام 2016، هو إمام مسجد جعفر الطيار، اعتُقل أثناء توجّهه لأداء فريضة الحج، لا معلومات واضحة عن التهم الموجّهة إليه، وقد صدر بحقه حكمٌ بالسجن 9 سنوات.
- الشيخ محمد حسن زين الدين، اعتُقِل في أغسطس/آب من العام 2016، لا معلومات واضحة عن التهم الموجّهة إليه، وقد صدر بحقه حكمٌ بالسجن 9 سنوات.
- الشيخ محمد الحبيب، اعتُقل في يوليو/تموز من العام 2016 بناءً على تهم تتعلّق بمعارضته واحتجاجه على التمييز والتهميش الذي تمارسه السلطات، ونتيجة دعمه للاحتجاجات التي انطلقت في المنطقة الشرقية. حكمت المحكمة الجزائية المتخصصة عليه عام 2019 بالسجن لـ12 عاماً ومثلها منعٌ من السفر.
- الشيخ حسين علي الراضي، اعتُقل في مارس/آذار من العام 2016، هوإمام مسجد الرسول في قرية العمران، اعتُقل بسبب مواقفه وانتقاده النظام علناً، وجّهت السلطات له تهمة “الخروج على ولي الأمر”، وقد حكمت المحكمة الجزائية عليه بالسجن 13 عاماً.
- الشيخ سمير الهلال، اعتُقل في ديسمبر/كانون الأول من العام 2015، لم تصدر أي هيئة قضائية مستقلة أمراً بالقبض عليه، ولم تُوَجّه إليه أي تهمة، ولا يزال بالحبس الانفرادي منذ اعتقاله، دون محاكمة.
- الشيخ بدر هلال آل طالب، اعتُقل في مارس/آذار من العام 2013، وطالبت النيابة العامة بإعدامه تعزيراً. هو عالم دين حاصل على شهادة ماجستير في اللغة العربية، اتهمته السلطات زوراً بالانتماء إلى شركة تجسس تابعة لدولةٍ أجنبية. حكمت المحكمة الجزائية عام 2021 بسجنه 20 عاماً ومثلها منع من السفر.
- الشيخ عبد الجليل العثيان، اعتُقل في مارس/آذار من العام 2013، ولم يكن له أي نشاط سياسي. اتهمته السلطات زوراً بالانتماء إلى شركة تجسس تابعة لدولةٍ أجنبية. عام 2016 طالبت النيابة العامة بإعدامه، وصدر بحقه حكمٌ بالسجن 16 سنة.
- الشيخ فاضل آل جميع، اعتُقل في سبتمبر/أيلول من العام 2012، لا معلومات عن التهم الموجّهة إليه، وقد حُكِم عليه بالسجن 15 سنة.
- الشيخ علي محمد حسین الوایل، اعتُقل في مارس/آذار من العام 2011، لا معلومات عن التهم الموجّهة إليه أو الحكم الصادر بحقّه.
سياسة الاعتقال الكيدي والأحكام التعسفية هذه، هي وسيلة من وسائل النظام السعودي الإلغائي، يهدف من خلالها لقمع كل من يخالفه الرأي، وكتم أصوات المطالبين بالإصلاح.
على الحكومة السعودية:
- الإفراج عن جميع علماء الدين المعتقلين تعسفياً.
- إيقاف كل أشكال التضييق على علماء الدين.
- منح العلماء حيزاً لممارسة دورهم التوعوي في المجتمع.
- إحترام دور العلماء ومكانتهم في المجتمع.