تقارير خاصةمقالات

المشهد في السعودية: اليوم العالمي لحقوق الإنسان يحلّ في ظل انتهاكات مروّعة لا تنتهي

من جديد، يحلّ اليوم العالمي لحقوق الإنسان والمشهد الحقوقي في السعودية لم يتغيّر ولم يطرأ عليه أي تحسّنٍ ملموس، انتهاكات السلطة تتواصل على صعيد حرية الرأي والتعبير وقمع المواطنين وتنفيذ جرائم الإعدام الدموية، والسجون على حالها من ناحية حرمان المعتقلين من حقوقهم وتعريضهم للمعاملة القاسية والظروف اللاإنسانية، أما في ما يتعلّق بالواقع المعيشي والوضع الاقتصادي فقد ازداد عدد المواطنين الواقعين تحت تأثير التضخم الاقتصادي وغلاء الأسعار والخدمات، بالإضافة لأزمتي البطالة وانخفاض الرواتب.

في هذا اليوم نقدّم عرضاً مقتضباً للواقع الحقوقي في السعودية خلال العام 2023:

حرية الرأي والتعبير

تواصل السلطات السعودية استخدام نهج القمع بحق المواطنين، فارضةً قيوداً مشددة وحظراً تاماً على كافة أشكال التعبير والنشاط الحقوقي أو السياسي أو الثقافي.

إن القمع الذي تمارسه السعودية يطال جوانبَ مختلفة من حياة المواطنين، أبرزها الجانب السياسي والديني، حيث يُمنع المواطنون من إظهار أية معارضة سلمية للسياسات الحكومية المتّبعة، كما تُفرَض القيود المشددة على المواطنين الذين ينتمون إلى طائفة محددة ويُحرَمون حقهم في الحرية الدينية ويتعرّضون للتهميش والتمييز الشديدين.

السجون والمحاكمات

الاعتقال التعسفي هو وسيلة تستخدمها السعودية بهدف إسكات المعارضين والناشطين، وقد واصلت اعتقال المواطنين العاديين والناشطين وعلماء الدين تعسفياً ودون مبررات قانونية. في السجون السعودية، يتعرّض المعتقلون لجلسات التحقيق التي يتخلّلها استخدام العنف المفرط والتعذيب الوحشي، ويُجبَرون على توقيع اعترافات مفبركة، لتواصل السلطات السعودية سلسلة انتهاكاتها عبر المحاكمات السرية وغير العادلة، والتي تصدر إثرها الأحكام الجائرة المبنية على اعترافات زائفة، بعد حرمان المعتقلين من حقهم في الدفاع عن أنفسهم وفي توكيل محامٍ.

الإعدامات

لم توقف السلطات السعودية تنفيذ عمليات الإعدام الدموية التي ترتكبها بحق معتقلي الرأي، وقد أعدمت خلال هذا العام 15 معتقل رأي، منهم شابان بحرينيان. حتى اليوم هناك ما يقرب من 100 معتقل رأي تحت خطر الإعدام في أية لحظة، وبينهم قاصرون، بعد أن صدرت بحقهم أحكام الإعدام التعسفية إثر محاكماتٍ جائرة.ومنذ العام 2015 نفّذت السعودية ما يقرب من ألف ومئتي عملية إعدام، بينهم قاصرين، على الرغم من وعودها المتكررة بإيقاف تنفيذ عمليات الإعدام بحق القاصرين وبحق المدانين بجرائم محددة كالمخدرات.

التهجير القسري

لم تتخلّص آلاف الأُسَر من آثار حملات التهجير القسري حتى اليوم، فخلال الأعوام الأخيرة، أجبرت الحكومة السعودية آلاف العائلات على إخلاء منازلهم وأحيائهم بحجة التطوير وتنفيذ مشاريع حكومية، وقد تعرّض هؤلاء للآثار السلبية الكبير للتهجير القسري كفقدان المأوى وصعوبة العثور على مسكنٍ جديد أو الاضطرار للجوء إلى مساكن غير مناسبة، لا سيما وأن الحكومة لم تدفع التعويضات لعددٍ كبيرٍ من المواطنين أو أن التعويضات التي دُفِعَت لا تساوي حجم الضرر.

هذا وتستمر الحكومة السعودية باعتقال عشرات المواطنين الذين اعتقلتهم تعسفياً أثناء تنفيذ حملات الإخلاء القسري، بسبب رفضهم إخلاء منازلهم والتخلّي عن أراضيهم، وقد قامت السعودية بانتهاكٍ صارخ لحقوق الإنسان حين أصدرت أحكام إعدام بحق عددٍ من هؤلاء الشبان.

المشاركة السياسية

إن النظام الملكي الديكتاتوري السائد في السعودية يحرم المواطنين حقهم في المشاركة السياسية واختيار ممثلين عنهم في الحكومة، وهذا الحرمان من حقٍ أساسي يهمّش دور المواطنين في تقرير مصيرهم وفي المشاركة في صنع القرار وإدارة بلادهم.

منذ عقود، تستأثر العائلة الحاكمة بالسلطة والحكم وترفض أي شكلٍ من أشكال المشاركة السياسية، وحتى اليوم لم يختبر المواطنون تجربة الانتخابات الحرّة في بلادهم.

مظاهر الفقر

حتى اليوم لم تقم الحكومة السعودية بأية إجراءات للحدّ من تأثير أزمة التضخم الاقتصادي وارتفاع الأسعار، ما أدى إلى انتشار مظاهر الفقر بشكلٍ أكبر، خصوصاً مع ثبات الرواتب على حالها وانخفاض قدرة المواطنين الشرائية في ظل غلاء الأسعار والخدمات.

ويؤدي سوء توزيع الثروات واحتكار العائلة الحاكمة للجزء الأكبر من الثروة إلى حرمان المواطنين من حقهم في خيرات بلادهم، كما أدّت السياسات الحكومية غير المدروسة إلى حرمان موظفين سابقين من حقوقهم المالية ما عرّضهم لآثار الفقر بشكلٍ خطير.

البطالة

ما زالت أزمة البطالة في السعودية دون حل، لا سيما مع إنكار الحكومة لوجود الآلاف من العاطلين عن العمل، وتقديم معدلات بطالة غير حقيقية، لكنّ مناشدات المواطنين وخرّيجي الجامعات للعثور على فرصة عمل تُثبت العكس وتُظهِرُ حجم الأزمة الحقيقي.

أعداد البطالة المرتفعة أثّرت بشكلٍ مباشر على معدلات الفقر وأدّت لانخفاض المستوى المعيشي لمئات الأسَر، كما أثّرت بشكلٍ سلبي على أزمة انتشار تعاطي المخدرات، حيث ورّطت البطالة عشرات الشبّان العاطلين عن العمل في دوامة المخدرات.

مطالبات

في اليوم العالمي لحقوق الإنسان ندعو الحكومة السعودية للعمل بشكلٍ جديٍ وعاجلٍ على تحسين المشهد الحقوقي، وفي سبيل هذا التحسن نطالب الحكومة السعودية بـ:

  • إطلاق سراح كافة معتقلي الرأي وإلغاء الأحكام الصادرة بحقهم
  • إحترام حرية الرأي والتعبير وإعطاء مساحة للمعارضة السلمية
  • تسليم جثامين ضحايا جرائم الإعدام
  • تحسين ظروف السجون واحترام حقوق المساجين (قواعد مانديلا)
  • تعويض المتضررين من عمليات الإخلاء القسري بشكلٍ عادل
  • إطلاق برنامج حكومي لحماية المواطنين من آثار الفقر
  • القيام بخطوات واقعية وعاجلة لتأمين فرص عمل مناسبة والحدّ من أزمة البطالة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى