السعودية: الانشقاقات العسكرية تتزايد ولن تتوقف.. نتيجة طبيعية لواقعٍ غير طبيعي
يمكن القول إن العسكريين هم من الفئات الأكثر قهراً هنا، فهم بالإضافة إلى ما يتعرّضون له من ظلمٍ وهضمٍ للحقوق وإكراهٍ على القيام بما لا يريدون، فإنهم يعانون من نظرة إخوانهم في الوطن لهم، والإحساس الدائم بالذنب كون الشعب يصنّفهم في دائرةٍ واحدةٍ مع السلطات.
لعلّ هذا الإحساس، مُضافاً إلى ما يشهده هؤلاء العسكريون من جرائم النظام، دفع البعض منهم إلى إعلان الانشقاق التامّ عن المؤسسة العسكرية، وهذا ما تكرر مؤخراً، وانتشرت مقاطع العسكريين المنشقّين في وسائل التواصل، وتداولها الناس داعمين لشجاعة هؤلاء ورفضهم للظلم والاستبداد.
يحكي العسكريون عن معاناتهم، ويؤكدون أن أصعب المهام التي تُفرَض عليهم هي تلك التي يُوضَعون فيها وجهاً لوجه مع إخوانهم في الوطن أو دول الجوار، كالحرب العبثية التي اختلقتها السعودية ضد اليمن، أو على سبيل المثال حملات هدم الأحياء والبيوت التي يُجبَرون على المشاركة فيها، والتي حُكِم بالإعدام على اثنين من العسكريين بسببها، وهم عسكريّان من أبناء قبيلة الحويطات عبّروا عن رأيهم رافضين التهجير من مساكنهم.
السجن وأحكام الإعدام طالا عشرات العسكريين أيضاً، وقد أعربنا وعددٍ من المنظمات الحقوقية مسبقاً عن القلق البالغ من إمكانية قيام السلطات السعودية بعملية إعدام جماعية بحق معتقلي الرأي العسكريين، على غرار تلك التي قامت بها بحق عشرات معتقلي الرأي المدنيين.
وقد أحاطت السرية التامة بمحاكمات العسكريين الذين زجّت بهم السلطات في سجن الحائر، ولم نتمكّن من التأكد من عدد المحكومين بالإعدام منهم.
بحسب شهادات العسكريين، فإن ما شهدوه من ظلمٍ للمواطنين وقمعٍ وإجرام، لا سيما في السجون، دفعهم لاتخاذ قرار الانشقاق، كي لا يكونوا شكراء في الجرائم والانتهاكات.
في ظل الظروف التي يواجهها العسكريون، يبدو خيار الانشقاق خياراً راجحاً، وبحسب تصاعد وتيرة الانشقاقات يبدو أننا سنشهد المزيد، والأكيد أنّ الجرأة التي يُظهرُها العسكريون المنشقّون، ستشكّل حافزاً للعسكريين الذين يعانون تحت حكم النظام السعودي.
أمام موجة الانشاقاقات التي نشهدها وسنشهد ارتفاعها، يبقى السؤال عن ردة فعل السطات السعودية وكيفية احتوائها للظاهرة التي تعكس وجود خللٍ حقيقي وكبير في إحدى أهم مؤسساتها، أي المؤسسة العسكرية.
وأمام هذا الواقع، نُطالب السلطات السعودية بتحسين ظروف العسكريين واحترام حقوقهم، والتوقّف عن محاسبتهم على أفعال لا تُعتبر جرائم، كما نُطالب السلطات بالكفّ عن ممارسة كافة أشكال سياساتها القمعية الاستبدادية بحق المواطنين، لما في هذا من صلاحٍ للمواطنين والعسكريين على حدٍ سواء.