تقارير خاصةمقالات

520 مليون جنيه إسترليني لميسّي.. هل جُنّت السعودية في سبيل الغسيل الرياضي؟

يبدو أن إتمام صفقة انضمام اللاعب الأرجنتيني ليونيل ميسي إلى نادي الهلال قد بات قاب قوسين أو أدنى، اللاعب الذي فاز مؤخراً بكأس العالم لكرة القدم (2022) سينضمّ ـ مُدركاً أم جاهلاً ـ إلى عناصر الغسيل الرياضي التي تستغلها السلطات السعودية بدهاء.

وعلى ما يبدو فإن محاولة الغسيل الرياضي تتم هذه المرة بشكلٍ مفضوحٍ ولا يقبل التشكيك، 520 مليون جنيه إسترليني هي قيمة تعاقد ميسي مع نادي الهلال السعودي، تُدفَع على مدار عامين. هذا الرقم الصادم سرق الأضواء من المبلغ الذي يتقاضاه اللاعب البرتغالي كرستيانو رونالدو من نادي النصر، بعد إتمام صفقة انضمامه إليه في مطلع العام 2023، وهو مبلغ 170 مليون جنيه إسترليني سنوياً، حينها شكّل الرقم صدمةً كبيرة للجميع، لا سيما وأن اللاعب قد تخطّى العمر الذهبي للعب الكرة، لكن الحقيقة أن ما كان يهم السلطات السعودية حينها هو شعبية رونالدو المتوهّجة، والأمر عينه اليوم بالنسبة لميسّي.

استضافة بطولات غولف، استقطاب سباقات فورملا، إنفاق المليارات على إنشاء اتحادات رياضية جديدة، شراء نادي “نيوكاسل يونايتد” الإنكليزي، توقيع عقد مع رونالدو، العمل على توقيع عقد مع ميسي، كلها أمورٌ تصبّ في خدمة الهدف عينه، إنها وسائل الغسيل الرياضي.

هل قرّرت السعودية أنها يجب أن تكون دولة رياضية متألقة عالمياً؟ لا. الأهداف أبعد من هذا بكثير، ما تريده السلطات السعودية هو أن ترتبط كل هذه الأسماء اللامعة والأحداث المثيرة بها، بعد أن ارتبط اسمها بأحداثٍ دموية وبأسماء المواطنين والناشطين والصحافيين الذين اضطهدتهم أو قتلتهم.

ببساطة، تريد السلطات السعودية أن تزرع في أذهان الناس في مختلف أنحاء العالم فكرةً مخالفة للفكرة الحقيقية الموجودة لديهم، تريد أن تتحوّل بملياراتها من دولة ديكتاتورية قمعية تضيع فيها حقوق المواطنين، إلى دولة متطوّرة يتهافت الناس لزيارتها ويكثر الحديث عنها.

تظنّ السعودية أنها بهذا ستتخلّص من الاستنكارات والتنديدات التي تطالها دائماً في مجالس حقوق الإنسان والتي تصلها عبر المنظمات الحقوقية المحلية والعالمية، وتترقّب أن يتحوّل الحديث عن انتهاكاتها إلى الحديث عن إنجازاتها والفعاليات التي تشهدها.

إنّ ما تسعى إليه السلطات السعودية بجدٍّ وثبات هو أن ينسى العالم أسماء جمال خاشقجي وسلمى الشهاب ونورة القحطاني ومحمد الربيعة وحسن آل ربيع وجلال اللباد وجواد قريريص.. وغيرهم ممّن طالهم استبدادها، ما تسعى إليه هو أن تستَبدل ارتباط اسمها بهم، بارتباطه بأسماء برّاقة كرونالدو وميسي.

حين يقوم رونالدو بنشر مقطع فيديو له يقول فيه إنه يقضي أوقاتاً ممتعة في السعودية، سيغيب عن ذهن الناس مجازر الإعدام الجماعية التي قامت بها السلطات السعودية، ستنرسم في أذهانهم صورة أخرى مخالفة للصورة القديمة، غداً حين ينشر ميسي مقطع فيديو له وهو يتجوّل في شوارع العاصمة بين المباني الشاهقة والمحال الفخمة، سينسى الناس تماماً حملات الهدم الطاشة التي قامت بها السلطات وراح ضحيتها مساكن آلاف الأسر والعائلات دون تعويض.

تُريد الحكومة السعودية الوصول إلى تلك النتيجة بأي ثمن وفي أسرع وقت، لذا تُهدر المليارات بلا حسابات، وتوقّع عقوداً هي أشبه بضرب من ضروب الجنون، تظنّ أنها تُدرك ما تريده جيداً، لكنّ ما لا تُدركه أنّ كل العالم يُدرك أهدافها، وأن بعض الجرائم أصعب من أن تُمحى آثارها بملياراتٍ وصفقات خيالية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى