الزيارة خلف الزجاج: عقوبةٌ إضافيّة لمعتقلي الرأي في السعودية

تُعدّ الزيارة الأسرية أحد أهمّ الحقوق التي تضمنها القوانين الوطنية والمواثيق الدولية للمعتقلين، باعتبارها وسيلةً للحفاظ على التواصل الإنسانيّ والتوازن النفسيّ والاجتماعيّ للمحتجز.
إلا أنّ السلطات السعودية تتعامل مع هذا الحقّ كوسيلةٍ للعقاب، فتفرض على معتقلي الرأي زياراتٍ من خلف حواجز زجاجيّة أو تمنع الزيارة كلياً، في انتهاكٍ واضحٍ للقانون الدولي والمعايير الإنسانية.
إجراء أمني أم انتقام سياسي؟
تسمح القوانين بتقييد الزيارات لأسبابٍ أمنيّةٍ محددة، لكنّ ما يجري في السعودية يستهدف فئةً لا تشكّل أيّ خطرٍ أمني: معتقلو الرأي — كتّاب وناشطون ومدنيّون — سُجنوا لمجرّد تعبيرهم السلميّ عن آرائهم.
وبذلك تتحوّل الحواجز الزجاجية إلى أداةٍ للانتقام والإذلال، تُستخدم لمعاقبة الفكر لا الفعل، ولتعميق العزلة النفسية عن الأسرة والمجتمع.
سياسة ممنهجة ضدّ معتقلي الرأي
تُظهر شهادات عديدة أنّ هذه الممارسات تُفرض خصوصاً على معتقلي الرأي، في إطار سياسةٍ تهدف إلى الضغط النفسيّ وكسر الإرادة.
فبدلاً من صون كرامتهم وفق القانون، يُعامل هؤلاء كخصوم سياسيين، وتُحرم عائلاتهم من أبسط أشكال التواصل الإنسانيّ.
إنّ فرض هذه القيود على أشخاصٍ لم يمارسوا سوى حقّهم في التعبير السلميّ يكشف الطبيعة العقابية للنظام السعودي، الذي يستخدم الإجراءات السجنية كوسيلةٍ للترهيب وإسكات الأصوات المستقلة.
مخالفة للقانونين الدولي والوطني
تخالف هذه الممارسات قواعد نيلسون مانديلا (القاعدة 58) التي تضمن حقّ السجناء في التواصل المنتظم مع أسرهم، وتحظر الحرمان من الزيارة كعقوبة.
كما تنتهك العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (المادة 10) التي تُلزم باحترام كرامة المحرومين من حريتهم، والميثاق العربي لحقوق الإنسان (المادتان 16 و33) اللتين تؤكدان على الحقّ في الحياة الأسرية.
حتى نظام الإجراءات الجزائية السعودي لا يمنح السلطات صلاحية تقييد الزيارات عبر حواجز زجاجية أو منعها دون مبرّر قانوني، ما يجعل هذا الإجراء باطلاً من أساسه.
مطالبات حقوقية
على الحكومة السعودية أن تنهي فوراً سياسة الحواجز الزجاجية في الزيارات، وتمكّن جميع المعتقلين، ولا سيّما معتقلي الرأي، من التواصل المباشر مع ذويهم دون قيودٍ أو وسائطٍ تفصل بينهم.
كما يجب السماح للجهات الحقوقية المستقلة بزيارة السجون ورصد أوضاعها، لضمان احترام المعايير الدولية وحماية كرامة الإنسان في السجون السعودية.




