النظام البحريني يكرس سياسات القتل البطيء لمعتقلي الرأي
يكرس النظام البحريني سياسات القتل البطيء لمعارضيه ومعتقلي الرأي عبر سلاح الإهمال الطبي والتعذيب الممنهج وسوء المعاملة.
ومؤخرا أعادت وفاة المعتقل البحريني السابق علي قمبر في 25 تشرين أول/أكتوبر الماضي – بعد صراع طويل مع مرض السرطان – قضية الإهمال الطبي في سجون البحرين إلى الواجهة مجددًا، لتشابهها مع حالات سابقة توفي فيها معتقلون سياسيون بعد الإفراج عنهم.
وكانت الحالة الصحية لقمبر تدهورت خلال فترة اعتقاله منذ عام 2014، بعد تعرضه للتعذيب وحرمانه من تلقي العلاج اللازم، ليتم الإفراج عنه عام 2018 إزاء تردي وضعه الصحي بشكل ملحوظ.
حُكم على قمبر بالسجن لمدة 37 وسحب جنسيته، قضى منهم ثلاث سنوات في سجن جو المركزي تحت التعذيب، أصيب خلالها بسرطان الغدة، وخضع لعملية إزالة الغدة النكفية عام 2017.
وقد أوصى طبيبه بالإفراج عنه ليحصل على المتابعة الصحية اللازمة إلا أن وزارة الداخلية تجاهلت توصية الطبيب، ما أدى إلى انتشار السرطان في جسمه وصولًا إلى رئتيه.
وكشف تحقيق أجرته منظمة العفو الدولية عام 2018 عن وجود نهج “من الإهمال الطبي يجري في نظام السجون في البحرين، حيث يحرم الذين يعانون من أمراض خطيرة – مثل: السرطان، والتصلب المتعدد، وفقر الدم المنجلي – من الرعاية المتخصصة والأدوية المخففة للألم.”
وقال ديفين كيني، الباحث في شؤون دول مجلس التعاون الخليجي بمنظمة العفو الدولية: “إن الإفادات التي استمعنا إليها من أقارب السجناء ترسم صورة قاتمة عن الإهمال الطبي وسوء المعاملة المتعمد في سجون البحرين.
وأضاف أنه على الرغم من توفير العلاج الطبي، إلا أنه غير كاف بالمرة، وكثيراً ما يتعرض السجناء لانقطاع وتأخير الدواء، وقسوة لا مبرر لها.
وأثارت جائحة كورونا المزيد من القلق لدى عائلات المعتقلين والمنظمات الحقوقية بعد وفاة المعتقل السياسي “حسين بركات” متأثرًا بإصابته بفايروس كورونا في حزيران/يونيو الفائت.
ووردت أخبار من داخل السجون عن تسجيل العديد من الحالات الإيجابية وعدم اتخاذ الإجراءات الصحية اللازمة وتجاهل توصيات منظمة الصحة العالمية لحماية المعتقلين ومنع تفشي الفايروس، بالإضافة إلى التستر عن الأعداد الحقيقية للمصابين والتفاصيل الخاصة بكل الحالات لا سيما الحالات الحرجة لمن يعانون من أمراض مزمنة قد تهدد حياتهم.
بالإضافة للمعتقل السابق علي قمبر والسجين حسين بركات، ينضم معتقل الرأي عباس مال الله (50 عاما) إلى قائمة ضحايا غياب الرعاية الطبية والتعذيب منذ سنوات طويلة داخل السجون البحرينية.
وكان أعلن عن وفاة “مال الله” نتيجة الأوضاع الخطرة وغير الإنسانية والإهمال الطبي في أبريل 2021. اعتقل عباس مال الله في 17 أيار/مايو 2011، وحكم عليه بالسجن 15 عاماً و6 أشهر، لم يسمح له بالعلاج من آلام شديدة في رجليه، بسبب طلقة “الشوزن” التي أصيب بها من مسافة قريبة خلال اعتقاله.
بالإضافة إلى أنه كان عباس يعاني من مشاكل بالقولون وقرحة في المعدة، واشتكى أكثر من مرة من عدم تلقيه العلاج والعناية الطبية اللازمة داخل السجن.
كما أن المعتقل السياسي السابق والناشط المعارض حميد خاتم (38 عاما) توفي يوم 31 كانون ثاني/يناير 2020، بعد أن أُصيب بمرض السرطان خلال قضاءه حكما بالسجن لسنتين بسبب تغريدة.
وكذلك الشاب كاظم السهلاوي (24 عاماً) المعتقل السياسي السابق في سجن “جو” الذي توفي بنفس الطريقة في شباط/فبراير 2020. وقد اعتقل الاثنان في حالة صحية جيدة ولم يتم الإفراج عنهما إلا بعد تدهور كبير في حالتهما.
وسجلت دراسة صادرة عن “مركز البحرين لحقوق الإنسان” في نيسان/أبريل 2020 تغطي الفترة من 2011 إلى حين صدورها، وفاة 74 معتقلًا سياسيًا داخل السجون البحرينية، بالإضافة إلى وجود 52 معتقلًا يعانون من أمراض مختلفة، 13 منهم يعانون من أمراض مستعصية وخطيرة مثل السرطان، و17 آخرين يعانون من أمراض مزمنة كالسكري.
وتنص المادة 12 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على أنه “من حق كل فرد التمتع بأعلى مستوى يمكن بلوغه من الصحة البدنية والعقلية” بما يشمل السجناء بكافة أطيافهم.
ولا يحق لأي جهة حرمان الفرد من حقه بالرعاية الصحية أيًا كانت الجنحة أو الجريمة التي ارتكبها، لا سيما أن عدد كبير من المعتقلين السياسيين في البحرين زجوا في السجون بأحكام تعسفية لأهداف انتقامية.
وتطالب منظمات حقوقية بشكل دوري النظام البحريني بالتعامل بشكل انساني مع السجناء، والاهتمام بالحالة الصحية لمن يعانون من أمراض مزمنة، وتقديم العلاج اللازم للمرضى في السجون.
وتشدد تلك المنظمات على أن استمرار اعتقال السلطات البحرينية لعشرات المعارضين ونشطاء المجتمع المدني بتهم سياسية تتعلق بحرية الرأي والتعبير والمطالبة بالإصلاح السياسي هو سلوك مشين وعلى السلطات الإفراج الفوري عنهم، دون شروط.