قناة العربية السعودية تعود لشيطنة الشيعة في السعودية
عقب إطلاق “لقاء المعارضة في الجزيرة العربية”، نشرت قناة “العربية” التابعة للنظام السعودي مقالاً بعنوان: “الحركية الشيعية” في السعودية.. سجالات التغيير المبكرة” للكاتب حسن المصطفى الذي انتقد ما سمّاه “السلفية الشيعية” زاعماً أنها تمثّل الخطاب الديني الشيعي.
يحاول الكاتب في المقال الذي يخلو من أيّة أدلّة على الاتهامات التي يدين بها طائفة بأكملها، تصوير الشيعة على أنهم طائفة متطرّفة منغمسة في نفسها ومعزولة، هدفها زعزعة الأمن وإثارة الفتن في الخليج عموماً و”السعودية” خصوصاً في خطاب غرضي يكرّر نفسه بهدف توسيع الهوّة والخلافات بين المكوّنات الشعبية في “السعودية” من خلال استعادة “الرهاب الشيعي”، وبالتالي تبرير ارتكاب الجرائم والانتهاكات بحق أبناء هذه الطائفة.
في نقده للحراك السياسي الشيعي، يدّعي الكاتب أن علماء الدين الحركيين في الوسط السعودي الشيعي، وخصوصاً من تياري “منظمة الثورة الإسلامية في شبه الجزيرة العربية” و”حزب الله الحجاز”، وحتى أولئك التقليديين البعيدين عن السياسة، جُلهم لم يكونوا سعداء بمزاحمة المثقفين لهم، وكانوا ينظرون لهم بتوجس، لأنهم ينشرون أفكارا “ضالة” أو “ينشرون الفساد” بحسب وجهة نظرهم، وشنوا هجمات قاسية تجاه بعض المثقفين المستقلين، ومارسوا حصاراً اجتماعياً تجاههم.
وهنا يثير الكاتب تخيلات القارئ بحثاً غن توجّس العلماء الشيعة “غير السعداء” وكذلك عن المثقفين الذين أرعبوا العلماء وطروحاتهم. المقال يصف الخطاب الديني الشيعي بـ”السلفي”، ومرد ذلك إلى “الممارسات الإقصائيّة التي تتبناها مجموعة من التيارات الدينية، واعتبرت أن السلفية رغم اختلاف المذاهب، إلا أنها تتقاطع فيما بينها في موقفها الرافض للتعدد والمغايرة.
لأن جذرَ السلفية هو الإقصاء، وبالتالي فإن أي موقف استبعادي، استئصالي، هو في عمقهِ موقفٌ سلفيٌ – راديكالي، مع أهمية الانتباه للتشكلِ النهائي لكل مفردة أو مفهوم عندما ترتبطُ بسياقٍ معينٍ أو ثقافةٍ حاملةٍ لها، تُلقيِ بظِلالها وإرثها التاريخي”.
في هذه الفقرة المشتّتة يحاول الكاتب إظهار الفكر الديني المتشدّد لدى الشيعة من غير عرض آراء فقهاء شيعة تثبت صحة أقواله إنما اكتفى بالإشارة إلى آراء سبق أن نشرها هو عن ذات الموضوع وقد لقيت استحساناً من قبل بعض المؤيدين. يغيب أيضاً عن الكاتب استعراض المواقف والأحداث التي تظهر تطرف الشيعة في الممارسات الدينية التي تنتهك خصوصية الأطراف الأخرى وتزاحمها.
بعدها يلجأ الكاتب لاستخدام واحدة من أبرز كليشيهات التحريض المستخدمة في “السعودية” وهي شيطنة حراك 2011السلمي رغم أن السلطات السعودية فشلت في عرض دليل واحد يثبت استخدام السلاح من قبل النشطاء والمشاركين في التظاهرات.
وفي سطور تدعو للسخرية يزعم الكاتب أن الشيعة استخدموا عنفاً ضد المختلف جسدياً، ظهر بشكلٍ جليٍ لاحقاً، بُعيد ما عرف بـ”الحراك” العام 2011، والأعمال الإرهابية التي شهدتها محافظة القطيف”، حين انتشرت مجموعات مسلحة خارجة على القانون، وحاولت اغتيال المهندس نبيه إبراهيم، وأعدمت الشيخ محمد الجيراني، وأضرمت النار في عدد من الأماكن وأطلقت عليها وابل النيران.
وفي نهاية المقال يخلص الكاتب إلى نتيجة “باهرة” مفادها أن الحل مع الأزمة الشيعية في البلاد ذات الإرث المتراكم، والظروف المتغيرة لتحسين الفضاء العام المحلي، وخفوت الأصوات الراديكالية التكفيرية، بقوة القانون، يكون بما يسميه “الأجواء المدنية التي تشيعها رؤية المملكة 2030″، فبرأيه هو ما “يجعل المراجعات العلميّة الجادّة أمراً ممكناً، يستطيع عدد أكبر من المثقفين والشباب والعلماء السعوديين الشيعة الولوج فيه، عبر حوارات وكتابات بعيدة عن التسييس والتحريض وتصفية الحسابات والمحاكمات التياراتية والحزبية”.
تزامن المقال مع إطلاق “لقاء المعارضة في الجزيرة العربية” الذي أكّد فيه القياديون الإنفتاح على جميع التوجهات وقوى المعارضة في “السعودية”، بعد سلسلة من الفعاليات التي أقامتها المعارضة لإحياء الذكرى السنوية السادسة لاستشهاد الشيخ النمر والتي شهدت مشاركات من مختلف الإنتماءات السياسية والطائفتين الكريمتين السنية والشيعية باعتبار الشيخ النمر رمز للوحدة في “السعودية”.
وفي حين رأى مراقبون في المقال تمهيد لإطلاق حملة إعلامية شرسة ضد “الشيعة” في “السعودية” لعدم تجسير العلاقات مع القوى الأخرى، نبّه آخرون إلى أن هذه الحملات عادةً ما تسبق جرائم وانتهاكات ترتكبها سلطات الرياض بحق أبناء الطائفة الشيعية وتكون بذلك تمهيداً لسيناريوهات سيئة.
وكان جمعٌ من المعارضين للنظام السعودي أعلن إطلاق “لقاء المعارضة في الجزيرة العربية” في الذكرى السنوية السادسة لاستشهاد الشيخ نمر النمر، قائد الحراك السلمي في القطيف والأحساء. الإعلان جرى يوم الأربعاء بتاريخ 12 يناير/ كانون الثاني 2022 خلال إقامة مهرجان خطابي لإحياء الذكرى السنوية لاستشهاد الشيخ النمر في قاعة المجتبى في الضاحية الجنوبية لبيروت.
“لقاء المعارضة في الجزيرة العربية” بحسب تعريف المعارضين هو تحالف سياسي بهوية إسلامية ثوريّة يسعى لرفع الظلم وتحقيق العدل وصولاً إلى التغيير الشامل وإقامة البديل المنشود على المساواة والحرية وتوفير الشروط الضرورية والإلزامية للحكم الرشيد.
فيما يؤكد المعارضون أن “لقاء” لم يكن وليد اللحظة بل كان يعمل لسنوات في مواجهة السياسات الغاشمة للنظام السعودي، وجاءت اللحظة المناسبة للإفصاح عن هويته السياسية في هذه المناسبة العزيزة.
وعن أسباب إطلاق “لقاء” أوضح المعاضون أنه جاء ردّاً على التمادي غير المسبوق في القفز على القيم الدينية والأخلاقية والتقاليد والأعراف الاجتماعية التي تربّى عليها مجتمع الجزيرة العربية بكل مكوّناته، إضافةً إلى ما تشهده بلادنا منذ سنوات من تدهور متسلسل على مستوى الحقوق المدنية والحريات السياسية، والانهيار المريع الذي وصلت إليه أوضاع الناس الحياتية، وتصاعد الأعباء الضريبية والتضخّم وغلاء الأسعار، وأزمة الإسكان، وتفاقم الانتهاكات لحقوق الإنسان واستلاب الهوية الدينية والتاريخية للجزيرة العربية الذي أخذ أشكالاً غير مسبوقة تحت عنوان الترفيه بأشكال مبتذلة وهابطة، كل ذلك يفرض على الغيارى من أبناء الجزيرة العربية النهوض بالمسؤولية الوطنية والأخلاقية لدفع غائلة الشر والجور عن شعبنا الكريم، بحسب تصريحات مصادر خاصة لـ”صحيفة الأخبار”.