تقارير متفرقةمقالات

لماذا يستقيل عشرات آلالف الموظفين في السعودية وأين الحكومة من ذلك؟

أكثر من ١٥٣ ألف سعودي تقدموا باستقالاتهم من وظائفهم، بناء على تقارير حكومية نشرتها الصحف الرسمية ، خلال النصف الأول من العام الحالي 2022، وتعادل نسبتهم أكثر من 58% من إجمالي عدد الموظفين السعوديين المنتسبين إلى المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية.

أرقام تكشف حقيقة المعاناة التي يعيشها أبناء السعودية لاسيما الشباب منهم. فما هي الأسباب الحقيقية التي لم تبحث فيها التقارير الحكومية ولاحتى وسائل إعلام النظام!

من الطبيعي أن يستقيل الموظف لأسباب متنوعة ومختلفة ، مثل حصوله على عرض عمل لدى شركة أعلى أجرا أو مزايا أفضل من وظيفته الحالية ، أو الانتقال إلى محافظة أخرى أو السفر الى دولة أخرى، أو الرغبة في التقاعد ، أو السعي لتحقيق حلم الاستقلالية مدى الحياة، ولكن أن يستقيل أكثر من 153  الف مواطن ومواطنة من وظائفهم خلال 6 أشهر فقط  فهذا يدل على مؤشرات خطيرة جدا تمس استقرار المجتمع.

التقارير الرسمية عزت الإستقالة الى مجموعة عوامل، أولها استقالة الموظف دون الخوض في أسبابها، وقالت إن السبب الثاني يعود إلى انتهاء العقد وعدم التجديد برغبة صاحب العمل، اما السبب الثالث يعود إلى فسخ العقد بموجب فترة التجربة والتدريب.

غير أن الأسباب الحقيقية ترتبط بعاملين اثنين الأول بالحكومة والثاني بسياسة التوظيف.

الأسباب الحقيقية المرتبطة بالحكومة:

  • غياب وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية.
  • عدم وجود أجهزة رقابية تتابع سوق العمل. 
  • غياب التشريعات الحكومية التي تحفظ حقوق الموظف.
  • اتجاه رأس مال الدولة للاستثمار في الخارج على حساب الوطن.

وهذه الأسباب مردها الأساس الى سياسة التفرد والاستئثار بالسلطة من قبل عائلة واحدة، ومنع كل أشكال الديمقراطية، (مثل برلمان منتخب، حكومة مراقبة من قبل البرلمان، أحزاب وحركات سياسية ومدنية وحقوقية، قضاء مستقل)

الأسباب الحقيقية المرتبطة بسياسة التوظيف:

  • تفضيل العمالة الأجنبية خاصة في الادارة
  • غياب قانون يلزم الشركات بالحفاظ على الموظفين وضمان حقوقهم
  • ضعف الرواتب والأجور
  • استغلال الموظفين وغير ذلك.

تجاهلت التقارير الحكومية الحديث عن نسبة البطالة، في ظل هذا الكم الهائل من الاستقالات، كما تجاهلت الحديث في التداعيات الكارثية للنزوح الجماعي عن الوظائف، فكيف يمكن تنمية مجتمع ما وهو يعاني من مشكلة عدم الاستقرار الوظيفي، وكيف سيُكافَح الفقر المنتشر بسرعة اذا كان الشباب لايجد وظيفة تتناسب مع مؤهلاته، واذا ما وجد وظيفة لايستمر فيها ويجد نفسه عاطلا عن العمل، بسبب القوانين التي تقف إلى جانب أصحاب العمل ورؤوس المال؟

إن بناء مجتمع متين قادر على الانتاج والصمود والمنافسة والابداع، يحتاج الى رافعة متكاملة مابين الشعب والسلطة تحكمها القوانين والتشريعات الناظمة وتحفظها الرقابة والمحاسبة، وهذا لايمكن تحقيقه إلا من خلال تمكين الشعب من المشاركة الفاعلة في السلطات كافة، عبر برلمان منتخب ويمثل الشعب كله تمثيلاً حقيقياً، فيشرع ويراقب ويحاسب ويحافظ على حقوق المواطنين ومكتسبات الدولة وثرواتها من الضياع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى