تقارير خاصةمقالات

أهالي الشهداء.. حزنٌ لن ينتهي وغضبٌ لن يهدأ

حاملةً مبخرتها الخاصة، تدخل أم أحمد غرفة ابنها، تمسح بيديها على وسادته الخالية، وتعدّل صورته المعلّقة فوق السرير، لم تفتح النافذة اليوم أبداً، وأبقت الستارة مغلقة بإحكام. لن يعود أحمد اليوم. لن يعود أبداً.

ليست وحدها من أغلقت نافذة الأمل وتوقّفت عن انتظار عودة ابنها، غيرها عشرات الأمهات ممّن علّقن صور أبنائهنّ على الجدران، يحدّثن الصوَر صباحاً ويبخّرن الغرف الخالية مساءً، وتغفو أعينهنّ وهنّ يحتضنّ ملابسَ رحل أصحابها إلى الأبد.

هكذا فجعت السلطات السعودية أمهاتٍ وحرمتهنّ من أبنائهنّ. وبعد، للآباء حصّةٌ من الفجيعة أيضاً.

بلا سابق إنذار، تُنفّذ السعودية أحكام الإعدام الظالمة بحقّ معتقلين أبرياء، تُنهي حياتهم وأحلامهم وطموحاتهم، وتطفئ الأمل في قلوب أهاليهم.

هو الأمل الذي عاشوا به لسنوات، الأمل الذي كان يدفعهم كل يوم لانتظار عودة أبنائهم، انطفأ الآن، وحلّ مكانه حزنٌ لن ينتهي وغضبٌ لن يهدأ.

معاناة أهالي الشهداء الذين أعدمهم النظام السعودي بدأت قبل الإعدام بسنوات، وتحديداً منذ اللحظة التي اختطفت فيها السلطات أبناءهم من بينهم، وأخفتهم بلا ذنبٍ ولا تهمة.

وقد تضاعفت معاناة الأهالي مع اطّلاعهم على ظروف السجن التي يعيشها أبناؤهم، فكانت آثار التعذيب الوحشي الذي يتعرّض له المعتقلون في السجن تظهر على أجسادهم، وفي قلوب أهاليهم.

شكّلت أحكام الإعدام التعسفية التي صدرت بحق المعتقلين صدمة للأهالي، وقد كذّبوا خبر الحكم الصادر وعاشوا على أمل ألّا يكون صحيحاً، أو أن تتراجع السلطات عن تنفيذ الحكم.

حتى جاء خبر الفاجعة، وتلقّوه بصدمةٍ من الإعلام. رحل أبناؤهم بلا وداعٍ ولا عناق، رحلوا دون أن يبلّغوا أهاليهم بوصاياهم.

اليوم لا قبور للشهداء ولا تشييع، احتجزت السلطات جثامينهم ومنعت الأهالي من إقامة مراسم العزاء، هدّدتهم بشكلٍ صريح: الحزن على أبنائكم ممنوع، عليكم بالصمت وإلاّ!

اليوم، وكل يوم، يسأل أبناء الشهداء الذين أعدمتهم السلطات عن آبائهم دون أن يلقوا جواباً، يختبرون طعم اليُتم ودون أن يدركوا أنهم قد صاروا أيتاماً. اليوم، وكل يوم، تُثبتُ السلطات السعودية همجيّتها واستبدادها.

لدى السلطات اليوم لائحة تطول لأبرياء وضعتهم تحت حكم الإعدام، تحتجزهم في سجونها ولا يعلم أحداً في أية لحظة تُنفّذ حكمها الوحشي. وخارج السجون أهالٍ ينتظرون ويصلّون.. يتأمّلون ويتألّمون.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى