السعودية: الدولة الخليجية الوحيدة الخالية من النقابات!
في العاشر من ديسمبر/كانون الأول من العام 1953، وصل سعود بن عبد العزيز آل سعود إلى حائل بهدف تحصيل البيعة بعد وفاة والده. في اليوم التالي، ألقى ناصر السعيد، المناضل الشهير، كلمة الشعب الشهيرة أمام سعود، الكلمة التي افتتحها “باسم الله الحق وباسم العمال المعذّبين..”.
حينذاك، انبرى السعيد يسرد معاناة المواطنين عامةً والعمّال خاصةً، وبعد سردٍ غير قصير، عدّد مطالبَ الشعب التي وضعَ مبايعة سعود رهنَ تحقيقها، وكان ضمن المطالب بالحرف:
“يصدر قانونٌ عماليٌ ينص بانتخاب نقابات عماليّة نزيهة يجمعها اتحاد عمالي واحد نزيه يكون المسؤول أمام الحكومة ويتولّى الدفاع عن حقوق العمال المهدورة التي ستبقى مهدورة بدونه إلى الأبد”.
قال السعيد كلمته الخالدة منذ سبعين عاماً. رحلَ هو مغدوراً وبقيَ صدى كلماته يدوي حتى اليوم. وللأسف ما زلنا حتى اليوم لا نسمع سوى صدى مطالب المناضلين.
حتى اليوم لا نقابات عمالية في السعودية. هي الدولة الخليجية الوحيدة التي يُمنع فيها إنشاء النقابات والانضمام إليها. هذا الحظر على النقابات يحرم العمّال وأصحاب المهن من أن يكونوا أعضاءً ضمن نقابةٍ تنظّم شؤونهم وتحفظ حقوقهم وتطالب بتحسين أوضاعهم عند الحاجة وتكون صوتهم لدى الجهات الرسمية.
وتتجلّى أهمية وجود النقابات في السعودية في دورها المحوري لضمان حقوق المواطنين في ظل انتشار العمالة الوافدة وطغيان اليد العاملة الأجنبية، وهذا يحتّم وجود جهة تنظّم العمل ضمن كل قطاع وتحفظ حقوق المواطنين، وتكون قوة مؤثّرة تنطق باسم العاملين وتفاوض عنه.
ويمكن اختصار أهمّ أدوار النقابات التي تعود بالفائدة على العمال وأصحاب المهن:
- توحيد قوى العمال والموظفين
- فهم حاجات العمال والموظفين جيداً
- تمثيل العمّال عند الجهات الرسمية والمؤسسات وأصحاب العمل
- مفاوضة المعنيين (حكومة وأرباب عمل) نيابةً عن العمال والموظفين
- ضمان حق العمال والموظفين ببيئة عمل صحية ومناسبة
- إدارة الأمور المتعلّقة بالأجور والرواتب وساعات العمل وسن التقاعد وغيرها
- تنظيم الاعتصامات السلمية والإضرابات عند الحاجة كشكل من أشكال الاحتجاج
- المشاركة في التخطيط والتنفيذ لبرامج التدريب المهني
- تنمية شعور العمال والموظفين بالمسؤولية
- محاسبة الأعضاء عند التقصير وارتكاب الأخطاء (كالفصل من النقابة، منع مزاولة المهنة..)
- تشكيل صلة وصل بين الحكومة والعمّال
إنّ استمرار الحكومة السعودية في منع إنشاء النقابات والانضمام إليها يحتّم استمرارية حرمان العمّال والموظّفين من التحسّن والتطوّر والحماية التي تمنحها إياهم النقابات، كما سيحول هذا المنع دون تنظيم سوق العمل بشكلٍ أفضل للعمّال والمؤسسات على حدٍ سواء.
ينصّ البند الرابع من المادة الثالثة والعشرين من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أنه “لكلِّ شخص حقُّ إنشاء النقابات مع آخرين والانضمام إليها من أجل حماية مصالحه”.
بناءً على هذا الحق، وبالنظر إلى أهمية وجود النقابات والفائدة المرجوّة من وجودها، تطالب اللجنة الحكومة السعودية بسنّ قانونٍ يسمح بإنشاء النقابات والانضمام إليها، لما في هذا من مصلحةٍ لجميع المواطنين.